تحولت بلدتا سيدي بوبكر وتويسيت التابعتان لدائرة قنفوذة الواقعة تحت النفوذ الترابي لإقليم جرادة، على بعد حوالي 25 كلم جنوب مدينة وجدة، إلى مأتم كبير بمجرد ذيوع خبر مصرع 3 أشخاص من عائلة واحدة ردما في حادث انهيار نفق من أنفاق معدن الرصاص، الواقع بالقرب من مقر الجماعة القروي لبلدة سيدي بوبكر. ولقي الأشخاص الثلاثة حتفهم ردما تحت أطنان من الأتربة والأحجار، فيما أصيب رابع بكسور بليغة في الظهر، بعد زوال أول أمس الاثنين، في حادث انهيار جدران أحد أنفاق معدن الرصاص المهجورة، في الوقت الذي كانوا منهمكين في جمع بعض الكيلوغرامات من الأتربة المحتوية على معدن الرصاص لبيعها. الضحايا من عائلة واحدة، تم انتشال جثثهم من تحت الأنقاض، البكاي خمسي (47 سنة متزوج وأب لأربعة أطفال) وحميد خمسي (26 سنة متزوج)، وعبد الله خمسي (20 سنة، أعزب)، فيما نقل المصاب بكسور خطيرة إلى مستعجلات المركز الاستشفائي الجهوي الفارابي. الحادث المأساوي استنفر جميع المصالح من سلطات إقليمية ومحلية ومنتخبة وأمنية من عناصر الشرطة والدرك الملكي، وعناصر الوقاية المدنية التي عملت على نقل المصاب وانتشال جثث الهالكين، كما هرع إلى عين المكان سكان المنطقة، حيث تجمهروا بمسرح الحادث عند فوهة الغار الأسود، وسط النحيب والبكاء. ومعلوم أن العشرات من سكان بلدات هذه المنطقة الفقيرة والمنسية يقتحمون يوميا أنفاق الموت الأسود من أجل جمع بعض مخلفات الرصاص المستعمل في الكحل وبيعه للمحتكرين بعين المكان مقابل بعض الدريهمات لمساعدة أسرهم المعوزة، والتي أغلب أفرادها ومعيليها عاطلون عن العمل ويقضون أوقاتهم في الدكاكين/المقاهي المتناثرة على الطريق التي تخترق البلدة في اتجاه بلدة تيولي التائهة وسط أراضي قاحلة، بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة خلال السنوات الأخيرة. وليس هؤلاء الضحايا الأولين في هذه البلدات المنكوبة، إذ ذهب ضحية أنفاق الرصاص العشرات بل المئات من الشباب والرجال من سكان المنطقة منذ إغلاق مناجم زليجة ببلدتي سيدي بوبكر وتويسيت بداية الألفية الثالثة… حيث اعتاد هؤلاء الأطفال والشبان من التلاميذ استغلال أي عطلة لنبش جنبات الجبال الاصطناعية من نفايات الرصاص وبقايا المعدن، أو سبر أغوار الأنفاق التي بقيت مفتوحة بعد رحيل الشركة تاركة السكان وعمالها غارقين في الفقر والحرمان والمآسي، كما أن العديد من الشبان والرجال فقدوا حياتهم ومنهم من حكم عليه بالشلل والإعاقة الأبدية بعد انهيار صخور أنفاق الموت على رؤوسهم مكسرة عظامهم، مضيفة بذلك معاقين إلى العاطلين عن العمل…