وسع الذارع القضائي لمديرية مراقبة التراب الوطني، المعروف اختصارا ب»لاديستي»، من نطاق عملياته ليعلن عن الإطاحة بمافيا من نوع خاص احترفت الجريمة المنظمة، وروعت سكان عدد من المناطق بالسلاح الناري، كما نفذت سلسلة من عمليات السطو بمدن مغربية مختلفة. تفاصيل سقوط هذه العصابة تم الكشف عنها في ندوة صحفية أعقبت علامات الاستفهام الكثيرة التي طرحت حول مجال اختصاص المكتب، ومدى تداخله مع عمل باقي الأجهزة الأمنية من درك وشرطة قضائية، بعد تدرجه من قضايا الإرهاب، إلى المخدرات، وعمليات السطو، وهي الأسئلة التي تم الرد عليها من خلال إشهار الفصل 108 من القانون الجنائي، الذي ينظم مجال تدخل مكتب التحقيقات المركزي. وكشف العميد الإقليمي هشام باهي، المكلف بمحاربة الجريمة المنظمة، أن المكتب المركزي دخل على خط التحقيقات في هذا الملف، بعد الجريمة التي كانت مدينة أكادير مسرحا لها بتاريخ 3/4/2015، إثر قيام أربعة ملثمين باستهداف صاحب فيلا ثم مهاجمته فور خروجه من باب فيلته، ليتم شل حركته وتكبيله وتعذيبه لإجباره على البوح بمكان خزنة حديدية، تمكنت العصابة من فتحها، والاستيلاء على مبالغ مالية بالعملة الوطنية والعملة الصعبة، كما تمت سرقة سيارة من نوع «كولف». وأفاد العميد الإقليمي هشام باهي بأن تحريات المكتب المركزي للتحقيقات القضائية قادت إلى عدد من الخيوط التي تم توظيفها لتحديد هوية عدد من المتورطين في العملية، والذين تم إخضاعهم للمراقبة والرصد، قبل توقيفهم بمنطقة سيدي علال البحراوي، على متن سيارة تنطبق عليها مواصفات الناقلة التي تم الاستيلاء عليها من أكادير، وهو ما تأكد بعد فحصها، حيث اتضح أن عناصر العصابة قامت بتغيير لوحة ترقميها، ووضع صفائح معدنية أجنبية بدلها. إخضاع الموقوفين الأربعة للتحقيق مكن من الإطاحة بعناصر أخرى، وقاد إلى كشف خيوط سلسلة من العمليات الإجرامية التي استعملت في بعضها الأسلحة النارية، وخلقت هلعا وسط سكان بعض المناطق القروية، ما دفع بعض المواطنين إلى الهرب من منازلهم واللجوء إلى المدن. وكشفت التحقيقات تفاصيل العملية التي نفذت بأكادير، بعد أن تبين أن خادمة صاحب الفيلا سربت معلومات حول المبالغ المهمة التي يحتفظ بها هذا الأخير بالفيلا، وهي المعلومات التي انتقلت بسرعة عبر شقيقتين للخادمة إلى «شوافة» تعمل بأيت ملول لتصل إلى أحد عناصر العصابة الذي تربطه بها علاقة. وكشف العميد الإقليمي أن هذه المعلومة شكلت الأساس في وضع خطة لاستهداف الفيلا، بعد أن تم الاتصال بباقي عناصر العصابة الموزعين في عدة مدن من بينها مراكش، بير جديد، تيفلت، ليتم كخطوة أولى اللجوء إلى وكالة تأجير سيارات لتوفير وسيلة قامت بنقل أربعة منفذين إلى مدينة أكادير. بعدها تربص الجناة لصاحب الفيلا لمدة طويلة، وفور خروجه تم الإعلان عن ساعة الصفر لانطلاق عملية السطو، بعد أن وضع الجناة أقنعة تخفي وجوههم، ليهاجموا الضحية ويشلوا حركته، وبعد سطوهم على مبلغ يقدر ب280 ألف درهم استولوا على سيارة كانت مركونة بالفيلا وغادروا بهدوء. أبحاث المكتب المركزي التي تلت توقيف أربعة جناة، كشفت أيضا أن العصابة متعددة الأفراد، وتضم في صفوفها عددا من النساء، كما اتضح أنها نفذت سلسلة من العمليات الخطيرة في نطاق جغرافي واسع، يمتد من الشمال إلى الجنوب، كما نوعت عملياتها الإجرامية، ولم تقتصر على شكل معين، حيث مزجت بين السطو على المنازل والسطو على الضيعات وحظائر المواشي بالدواوير والقرى، ما خلق اضطرابا كبيرا في بعض المناطق، خاصة بحد السوالم، مستفيدة من استعمال الأسلحة النارية، التي تم الحصول عليها بعد عملية سطو نفذت بمدينة أسفي. وعمد أفراد العصابة إلى قطع ماسورات البنادق لجعلها أشد فتكا، وهي البنادق التي تمكنت وحدة خاصة تابعة للمكتب من حجزها رفقة عدد من الأسلحة البيضاء ولوحات الترقيم المعدنية المزورة، إضافة إلى قواطع وقفازات، ومبالغ مالية، ليتضح أن أفراد العصابة كانوا وراء عملية السطو التي انتهت بمقتل تاجر بجماعة الساحل التابعة لإقليم برشيد. وعمد أفراد العصابة إلى تنفيذ عملية سطو في ساعة متأخرة من الليل، غير أن محاولتهم اقتحام المحل اصطدمت بانطلاق جرس الإنذار الذي كان موصولا بالباب، ما جعل صاحبه يغادر منزله لاستطلاع ما يجري ليتم إطلاق النار عليه، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة في الصدر والرأس عجلت بوفاته بعد وقت قصير، فيما واصل أفراد العصابة عملية السطو التي انتهت بغنيمة هزيلة جدا، عبارة عن بمبلغ 300 درهم وعلب مشروبات غازية. عمليات العصابة الإجرامية طالت أيضا ضواحي مدينة مراكش، بعد أن توصل أحد الجناة بمعلومات حول وجود مبلغ مالي مهم لدى أحد الضحايا الذي تمت مهاجمة منزله وتكبيله رفقة زوجته المسنة، قبل الاستيلاء على مبلغ 20 مليون سنتيم. وكانت العصابة وراء الاضطراب الاجتماعي غير المسبوق الذي شهدته منطقة حد السوالم بعد غارات متعددة استهدفت عددا من الضيعات من طرف العصابة المسلحة التي استعانت بسيارة كبيرة الحجم لتنفيذ أزيد من 40 عملية سرقة، استهدفت ضيعات وفلاحين تم الترصد لهم للاستيلاء على عدد مهم من رؤوس الأبقار والأغنام التي تم بيعها بنصف ثمنها لشخص من مدينة واد زم. وكشفت التحقيقات أن أفراد العصابة لم يترددوا في إطلاق الأعيرة النارية على السكان في إحدى عمليات السرقة، بعد أن علم سكان أحد الدواوير أن أفراد العصابة قادمون لتنفيذ عملية سطو، ليحاولوا التصدي لهم بشكل جماعي قبل أن يواجهوا بالرصاص، ما جعلهم يلوذون بالفرار، لتتاح للعصابة فرصة السرقة بكل هدوء، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول عدم تدخل مصالح الدرك الملكي من أجل التصدي لأفراد العصابة في الوقت المناسب، خاصة بعد عمليات تبادل إطلاق النار التي تورطت فيها العصابة مع عدد من أصحاب الضيعات. هذا السؤال وجد سنده في تعدد العمليات والوسائل الخطيرة التي كانت تلجأ إليها العصابة التي وظفت السم لقتل كلاب الحراسة بالضيعات والحظائر، كما كانت تقوم بثقب عجلات العربات والسيارات لقطع الطريق على أي مطاردة محتملة، علما أن المكتب المركزي للتحقيقات القضائية استعان بمرشد بعد اعتقال بعض أفراد العصابة، وهو من تولى إرشاد عناصر المكتب للضيعات والفلاحين الذين كانوا ضحايا لهذه العصابة. وكشف العميد الإقليمي هشام باهي أن أفراد العصابة لم يترددوا في انتحال صفة رجال أمن من أجل تنفيذ إحدى العمليات، وقال إن عدد الموقوفين بلغ 8 أشخاص من بينهم سيدة، فيما لايزال البحث جاريا لاعتقال باقي فراد العصابة.