للمرة الثانية خلال أسبوع، نجح نشطاء فلسطينيون في إحداث فجوة في الجدار العنصري العازل الذي أقامته الحكومة الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية أثناء مظاهرات نظموها بمناسبة سقوط جدار برلين قبل عشرين عاما. انهيار سور برلين أرخ لانتهاء الحرب الباردة والحقبة الشيوعية وبدء عصر جديد من الديمقراطية في دول الكتلة الاشتراكية سابقا التي انضمت تباعا إلى الاتحاد الأوربي بعد إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية. إحداث فجوات في الجدار العنصري الإسرائيلي قد يكون مقدمة لما يمكن أن يحدث في المستقبل، أي زوال هذا الجدار والدولة التي أقامته واستبدالها بأخرى أكثر ديمقراطية وعدالة، تتعايش جميع الأديان في كنفها دون أي تفرقة. الإسرائيليون يعتقدون أنهم سيصبحون أكثر أمانا في العيش خلف هذا السور، لأنهم لا يستطيعون التخلص من عقلية «الغيتو» التي سيطرت عليهم وأجدادهم اليهود في أوربا الغربية ومختلف أنحاء العالم. جميع الأسوار التي أقيمت من أجل هذا الغرض لم تحم أصحابها ولم تحقق لهم الأمن والأمان، وانهارت في نهاية المطاف أو تحولت بقاياها إلى مزارات سياحية، ولا نعتقد أن السور العنصري الإسرائيلي سيكون استثناء. الفلسطينيون لن يعطوا الأمان للإسرائيليين طالما استمروا في سياساتهم هذه، المعارضة للتعايش والمتمسكة ببناء الأسوار والمستوطنات وفرض الحصارات التجويعية الظالمة وتحدي قرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الذي يعتبر السور العنصري هذا غير قانوني، تجب إزالته فورا. صحيح أن موازين القوى العسكرية هي في صالح إسرائيل، حيث تملك ترسانة مليئة بالأسلحة الأمريكية الحديثة، ولكن هذا الخلل لا يمكن أن يدوم إلى الأبد، وإلا لبقيت إمبراطوريات عظمى، مثل الإمبراطورية الرومانية والبريطانية والفرنسية والعثمانية، حتى هذه اللحظة. الإسرائيليون ورغم هذه الترسانة الضخمة عجزوا عجزا تاما عن تحقيق أي تقدم في جنوب لبنان أثناء عدوانهم صيف عام 2006، كما أنهم لم ينجحوا في فرض أهدافهم أثناء عدوانهم مطلع هذا العام على قطاع غزة، فما زالت المقاومتان اللبنانية والفلسطينية على حالهما، بل أكثر قوة وصلابة. الفلسطينيون، بإرادتهم القوية وعزمهم الأكيد على نيل حقوقهم كاملة باستعادة جميع أراضيهم المحتلة والعودة إلى مدنهم وقراهم، سيحطمون هذا الجدار العنصري بالطرق والوسائل كافة. فالعقل الفلسطيني الجبار، الذي طور الصواريخ واخترع الأنفاق واخترق الحدود المعززة بالأسلاك الشائكة، والإلكترونية في بعض الأحيان، من خلال الطائرات الشراعية، لن تعوزه الحيلة للتعامل مع هذا الجدار وغيره والوصول إلى قلب تجمعات الإسرائيليين. الإنسان الفلسطيني البسيط الأعزل يظل أقوى عشر مرات من نظيره الإسرائيلي، لأنه صاحب حق، وينتمي إلى عقيدة خالدة، ويملك إرثا غنياً بالتضحية والبطولات، على عكس نظيره الإسرائيلي الغاصب المتغطرس. مسيرة التحول لصالح هذا الإنسان الفلسطيني بدأت باتساع دائرة المساندة والتأييد له في مختلف أنحاء العالم، وشاهدنا كيف جاء تقرير القاضي غولدستون ليفضح الوجه الإجرامي البشع للإسرائيليين وجرائم الحرب التي ارتكبوها ضد الأبرياء في قطاع غزة، ويجعل من إسرائيل دولة مكروهة عالمياً، ومن جنرالاتها موضع مطاردة قانونية في عواصم العالم ومطاراته بسبب سفكهم دماء أطفال فلسطين ولبنان. جدار الإسرائيليين العنصري سينهار فوق رؤوسهم قريباً، مثلما انهار جدار برلين، وسنحتفل جميعاً، مثلما احتفل الألمان، بنهاية النظام العنصري الإسرائيلي وقيام كيان التعايش والعدالة والمساواة والديمقراطية الحقة.