في خطوة جديدة لإعادة تقييم عملية المراقبة الصحية للمنتجات الغذائية، بعد تسجيل دخول مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك إلى السوق المغربي، قررت الحكومة خوصصة مهام المراقبة الصحية للمنتجات الغذائية من خلال الاستعانة ببياطرة القطاع الخاص. وصادق مجلس الحكومة، أول أمس الخميس، على مشروع مرسوم تقدم به وزير الفلاحة والصيد البحري من أجل الاستعانة ببياطرة القطاع الخاص في إطار ما يسمى ب«انتداب التفتيش البيطري». وحدد المرسوم الجديد، الذي تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي، ومن المقرر أن يخلق جدلا واسعا بين المعنيين بالمراقبة الصحية للمنتجات الغذائية، مهام البياطرة الخواص التي سيقومون بها في إطار «انتداب التفتيش البيطري»، في مراقبة ومطابقة المنتجات الحيوانية وذات الأصل الحيواني والمواد المعدة لتغذية الحيوانات، التي يتم تحديدها في إطار برنامج الزيارات الصحية الذي يحدده المكتب الوطني للسلامة الصحية، كما يقومون بدعم أعوان المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية خلال التفتيش، وحجز المنتجات والوثائق الملفات، وإخبار المصالح المؤهلة للمكتب بكل إخلال للقانون، مع إرسال تقارير شهرية مفصلة إلى المصالح المؤهلة التابعة للمكتب تتعلق بمهامهم. ووضع القانون المذكور شروطا لبياطرة القطاع الخاص للحصول على «انتداب التفتيش البيطري»، تتمثل في أن يكون مسجلا وبصفة منتظمة بلائحة البياطرة المنتمين لهيئة البياطرة الوطنية، وأن لا يكون تعرض خلال مزاولة عمله إلى منع مؤقت لمزاولة المهنة، وأن لا يكون تعرض للتوقيف من طرف هيئة البياطرة الوطنية خلال الأعوام الخمسة الأخيرة وألا يتجاوز سنه 60 سنة، وأن يتعهد بأن لا ينشر أي معلومة أو بيانات متعلقة بالمهام التي يزاولها. وحدد المشروع الجديد المقصود بالأعوان المؤهلين للبحث عن المخالفات، كما ألزم المشروع هؤلاء الأعوان بأن يؤدوا اليمين وأن يكونوا مزودين وبصفة واضحة خلال مزاولة مهامهم ببطاقة التعريف المهنية ممنوحة من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية تمكن من التعرف على هويتهم والمصالح التابعين لها. إلى ذلك، وفي أول رد فعل على المرسوم الجديد، أكد الدكتور منير سرتاني، منسق اللجنة الوطنية للأطباء البياطرة المفتشين، التابعة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، أن «هذا المرسوم يعد منعطفا كارثيا في تاريخ مهام التفتيش الصحي للمنتجات الغذائية والتغذية الحيوانية»، مضيفا أن «صياغة مواده تمت في سرية تامة حرصا على تمريره في صمت». وتساءل سرتاني عن جدوى تفويض التفتيش إلى القطاع الخاص إذا كان لا يحق له إثبات المخالفات بمحاضر؟ وكيف يمكن ضمان سرية واستقلالية قرارات هذا التفتيش». محذرا من أن إعطاء القطاع الخاص حق تفتيش وحدات الصناعة الغذائية والاطلاع على وثائقها وكذلك حق حجز المنتجات والوثائق يمكن أن يؤدي إلى إفشاء الأسرار المهنية واستعمال مهام التفتيش كسلاح للقضاء على التنافسية أمام استحالة مراقبة استقلالية القرارات.