في دراسة حديثة له، كشف «مركز بيو للأبحاث»، الأمريكي، أن العالم سيشهد تغيرا جذريا في التركيبة الدينية لسكانه خلال أقل من أربعة عقود قادمة، إذ أكد أن عدد المسلمين في العالم مرشح لكي يتزايد بمعدل سريع في أفق سنة 2050، بحيث سيتجاوز عدد المسيحيين، إذ قدرت الدراسة أن عدد المسلمين سيرتفع من مليار و600 مليون عام 2010 إلى مليارين و920 مليون نسمة، مقارنة بالمسيحيين الذين سيرتفع عددهم من مليارين و170 مليون لنفس الفترة إلى مليارين و760 مليون نسمة، بينما سيشهد أتباع الديانات الأخرى غير السماوية تراجعا ملحوظا، ونفس الأمر بالنسبة لمن لا دين لهم. وتشير هذه النتائج التي توصل إليها المركز الأمريكي إلى ارتفاع مؤشر التدين في العالم، وإلى أن الغلبة ستكون للأديان السماوية، اليهودية والمسيحية والإسلام، وهو ما يسير عكس التوقعات العلمية التي انتشرت خلال العقود الماضية، والتي كانت تشير إلى تراجع موجة التدين في العالم بسبب زحف المدنية والحداثة الأوروبية. وقد استندت الدراسة إلى مجموعة من المؤشرات، اعتمدت عليها في بلورة نتائجها، وهي معدل الخصوبة وسط أتباع الأديان العالمية المنتشرة اليوم، ومؤشر التشبيب وسط الساكنة، وحجم الهجرة بين أتباع الديانات، وأخيرا قابلية الأديان لاعتناقها من طرف الأشخاص. وخلصت الدراسة إلى أن المسلمين سيصبحون الجماعة الدينية الأولى عالميا، بحيث إنهم سيتجاوزون عدد المسيحيين اليوم بقليل. وقالت الدراسة إنه خلال أربعة عقود «سينتشر الإسلام أكثر من أي ديانة أخرى»، بسبب ارتفاع معدل الخصوبة بين المسلمين، إذ يرى التقرير أن هذا المعدل سيصل إلى 75 في المائة، متجاوزا معدل الخصوبة المتوسط عالميا، وهو 35 في المائة. غير أن التقرير يرى، مقابل ذلك، أن الاتجاهات الديمغرافية في العالم ستتأثر بظروف جديدة تتعلق بانتشار الحروب في مختلف القارات، وبروز الحركات الاجتماعية والسياسية المختلفة، والكوارث الطبيعية، والتحولات في الشروط الاقتصادية. وحسب الخبير الفرنسي جيرار فرانسوا دومون، في تعليقه على التقرير، فإن ارتفاع أعداد المسلمين يرجع بالدرجة الأولى إلى معدل الخصوبة، ذلك أن معدل الخصوبة بين النساء الإيرانيات مثلا هو 1.8 طفل لكل امرأة، في الوقت الذي يصل هذا المعدل إلى 6.1 في مالي. ويضيف دومون بأن المسلمين يتميزون بأكبر معدل خصوبة في العالم، يصل إلى 3.1 أطفال بالنسبة لكل امرأة في المتوسط، بينما يظل هذا المعدل هو 2.7 طفل بالنسبة للمرأة المسيحية، لكن المفارقة، حسب الخبير الفرنسي، أن هذا المعدل لا يوجد في أوروبا المسيحية، بل يعود الفضل فيه إلى البلدان الإفريقية ذات الغالبية المسيحية. ويرى تقرير مركز»بيو» أن البلد الذي سيشهد أكبر ساكنة مسلمة لن يكون أندونيسيا، بل الهند. ويتوقع ارتفاعا في أعداد المسلمين المقيمين بالبلدان الأوروبية، فخلال 35 سنة القادمة، سيرتفع عدد المسلمين في أوروبا من 5.9 في المائة عام 2010 إلى 10.2 في المائة، أي بمعدل الضعف تقريبا، وستكون بريطانيا هي الدولة الأوروبية التي سيرتفع فيها عدد المسلمين في أفق سنة 2050، بعد تركيا وروسيا، بحيث يقدر التقرير أن يصل عدد المسلمين إلى 7.76 ملايين، متبوعة في ذلك بفرنسا التي يقدر التقرير أن يصل عدد المسلمين فيها لنفس الفترة إلى 7.54 ملايين نسمة، تليها ألمانيا بسبعة ملايين. أما بخصوص مناطق انتشار أكبر عدد من المسلمين بالنسبة للعالم الإسلامي، فإن التقرير يتوقع أن يحصل ذلك في بلدان جنوب الصحراء، إذ يتوقع أن يصل عدد المسلمين هناك إلى 24.3 في المائة نسبة إلى العدد الإجمالي للمسلمين، في الوقت الذي كان عددهم 15.5 في المائة عام 2010، كما أن المسلمين سيشكلون 50 في المائة من السكان في 51 بلدا عام 2050، بينما سيتضاعف عدد المسلمين في بلدين هما مقدونيا والنيجر.