من جديد، سيجد العديد من آباء وأولياء التلاميذ في الدارالبيضاء أنفسهم في ورطة حقيقية في مواجهة أبنائهم خلال الأيام المقبلة، فالعطلة المدرسية تشكل بالنسبة إلى العديد من العائلات المعوزة أو حتى المتوسطة همّا كبيرا، بسبب قلة الفضاءات الترفيهية في العديد من المناطق البيضاوية، إذ لا يجد معظم الآباء مجالات لتزجية الوقت مع أبنائهم خلال العطلة الربيعية. الإشكال المرتبط بفضاءات الترفيه في العاصمة الاقتصادية ليس وليد اليوم، وكلما اعتقد العديد من سكان المدينة أن السنوات المقبلة ستكون أحسن من سابقاتها في هذا المجال إلا ويكتشفون أنهم كانوا في حلم جميل، بل إن العديد من الأسر تحن إلى ثمانينيات القرن المنصرم، حيث كانت حدائق الترفيه منتشرة في العديد من المناطق. وقالت إحدى السيدات "في الحقيقة لقد صدمت عندما شاهدت الوضعية التي أصبحت عليها حديقة ياسمينة، لقد كنا ونحن صغارا نقضي فيها لحظات جميلة وممتعة، ولا أعرف في الحقيقة الأسباب التي تحول دون تجديدها وفتحها في وجه البيضاويين"، الحسرة التي تحدثت بها هذه السيدة هي نفسها التي يشعر بها العديد من البيضاويين خلال السنوات الأخيرة، فعدد فضاءات الترفيه تقلص كثيرا بمبررات مختلفة، فبالنسبة إلى حديقة ياسمينة فقد سبق أن تم الحديث عن مشروع يتعلق بهيكلة حديقة الجامعة العربية وضمنها حديقة ياسمينة، إلا أن هذا المشروع لم ير النور. وإذا كان العديد من سكان الدارالبيضاء يشعرون بغضب عارم مرده قلة فضاءات الترفيه، فإن بعض مسؤولي المدينة يؤكدون في مناسبات كثيرة أن الدارالبيضاء ستعرف في السنوات المقبلة إعادة هيكلة مجموعة من الفضاءات، من بينها حديقة عين السبع إذ تم رصد مبلغ 250 مليون درهم لهذه الغاية، بمساهمة وزارة الداخلية وجهة الدارالبيضاء والجماعة الحضرية وستتكلف بإنجاز هذا المشروع شركة الدارالبيضاء للتهيئة (الموضوع سبق أن تطرقت إليه "المساء" في أحد أعدادها السابقة). وبالإضافة إلى حديقة عين السبع، هناك برنامج لإعادة تأهيل حديقة الجامعة العربية وخصص له مبلغ 100 مليون درهم، ويتعلق هذا المشروع بإعادة تأهيل وترميم الأغراس وترميم البنية التحتية الأساسية وتهيئة فضاءات الألعاب وتفعيل التكنولوجيات الحديثة وسيشارك في خروج هذا المشروع إلى الوجود كل من الداخلية بمبلغ 35 مليون درهم وجهة الدارالبيضاء ب20 مليون درهم والجماعة الحضرية ب45 مليون درهم. لكن، هل بهذه المشاريع وغيرها يمكن أن يحقق المواطن البيضاوي اكتفاءه في ما يخص حدائق الترفيه، فالدارالبيضاء، وحسب مصادر متعددة في حاجة إلى حدائق القرب، صحيح أنه تم إحداث مجموعة منها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ولكن لابد من التفكير في استراتيجية يساهم فيها الجميع لبذل مجهود كبير في إحداث فضاءات جديدة للترفيه على مستوى القرب بانخراط كل الفاعلين بمن فيهم المنعشون العقاريون، لأن أبسط حق بالنسبة للطفل هو اللعب.