بعد الوفاة الصادمة للطالب مصطفى مزياني، منذ أشهر، في قسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي بفاس، متأثرا بإضراب مفتوح عن الطعام في قضية فصله عن الدراسة، يخيم شبح الموت من جديد على المركب الجامعي ظهر المهراز، مهددا حياة طالب يعاني من إعاقة جسدية كبيرة، بعدما قرر هذا الأخير الدخول في إضراب عن الطعام للمطالبة بحقه في مناقشة أطروحة للدكتوراه يعدها في كلية الآداب منذ سنوات. وبررت وزارة التعليم العالي قرار رفضها السماح لهذا الطالب المعاق بمناقشة أطروحته بكونه استوفى السنوات القانونية المسموح بها، في حين استغربت مصادر طلابية من هذه التبريرات، معتبرة بأن مثل هؤلاء المعاقين يجب أن تشجعهم الوزارة، وأن تمنحهم الجوائز وتعرف بقصصهم، وبتحديهم الصعاب، من أجل الوصول إلى درجات متميزة، في ظل إكراهات الحياة الصعبة التي يواجهونها. وأضافت المصادر أن قصة هذا الشاب الذي ولد بإعاقة شبه كلية، وعاش اليتم منذ صغره، وكبر في أوضاع اجتماعية جد صعبة في نواحي تيزنيت، يجب أن تدفع المسؤولين إلى مساعدته، في إطار ما يعرف بتدابير التمييز الإيجابي لفائدة الأشخاص المعاقين، وليس بوضع سلسلة من الحواجز أمامه. وتزامنت هذه الاحتجاجات التي يخوضها هذا الطالب المعاق مع تخليد اليوم الوطني للمعاق، وهو ما دفع عددا من الأساتذة والطلاب بالجامعة إلى مطالبة السلطات المختصة بالتدخل لطي هذا الملف الذي يسيء إلى صورة الجامعة، وإلى البحث العلمي، وتشجيع العطاء والإنتاج. الطالب المعاق عادل أوتنيل، سبق له أن خاض احتجاجات في المركب الجامعي لمطالبة وزارة التعليم العالي بالسماح له بمناقشة أطروحته، ما أدى، بحسب مصادر طلابية، إلى تدهور صحته التي تعاني أصلا من الهشاشة، بسبب إعاقة في أنحاء مختلفة من جسمه، حيث اضطر الطلبة الذين يساندون معركته إلى حمله لأكثر من مرة على نعش لكي يتأتى له المشاركة في مسيرات تضامنية جابت رحاب الجامعة، وبعض الأحياء المحيطة بها. ويحظى ملف هذا الطالب بتضامن واسع لدى الطلبة وأساتذة الجامعة، وكشفت المصادر أن عمادة كلية الآداب سبق لها أن تقدمت بملتمسات لوزارة التعليم العالي لإيجاد حل لوضعية هذا الطالب المعاق حتى يتمكن من مناقشة أطروحته، لكن مسؤولي الوزارة، حسب تطورات القضية، لم يعطوا أي اهتمام لهذه المراسلات، ما يدفع جزءا من الطلبة بالجامعة إلى التأكيد على أن «تعليق» ملف هذا الطالب قد دخل مرحلة «تصفية حسابات سياسية» بين كل من حزب العدالة والتنمية، باعتباره الجهة السياسية التي تتولى حقيبة التعليم العالي، ضد فصيل النهج الديمقراطي القاعدي، والذي يتواجد بقوة في المركب الجامعي بفاس، وذلك بعد قضية ما يعرف بمقتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي والذي كان قيد حياته ينتمي إلى منظمة التجديد الطلابي، في أحداث ما سمي ب»الخميس الأسود» والتي اندلعت بين الطلبة القاعديين ومنظمة التجديد الطلابي القريبة من حزب العدالة والتنمية. وأسفرت هذه الأحداث عن متابعة ما يقرب من 13 طالبا من كوادر القاعديين، 11 منهم في حالة اعتقال. وحذرت مصادر طلابية من تكرار القصة المأساوية للطالب مصطفى مزياني بالمركب، مسجلة بأن الطالب عادل أوتنيل، سبق أن أغمي عنه لعدة مرات في خضم إضرابه عن الطعام. وأضافت المصادر ذاتها بأن التقارير الطبية التي بحوزة هذا الطالب تؤكد بأنه لا يستحمل الانقطاع عن تناول الطعام بسبب تشوه العظام الناجم عن الإعاقة التي تلازمه منذ ولادته.