كتب ابن حزم، في «طوق الحمامة»، عن رجل رأى في نومه جارية، فاستيقظ وقد ذهب قلبه فيها وهام بها، إلى درجة أنه ظل أياماً كثيرة، تزيد عن الشهر، مغموماً، يعيش في أصعب حال من حبها. سيقترح ابن حزم التفسير التالي لحكاية هذا الرجل الذي تعلق بامرأة رآها في نومه، فيقول: «وهذا عندي من حديث النفس وأضغاثها، وداخل في باب التمني وتخيل الفكر». وبعبارة أوضح، يكتب الناقد والباحث عبد الفتاح كليطو، في مؤلفه «لسان آدم»، تحت عنوان «امرأة في الحلم»: «توجد في كل فرد منطقة معتمة، منفلتة من المراقبة، هي مصدر الرغبات التي لا يرضى بها العقل». في زمن لاحق وجغرافيا أخرى، سنقرأ لمارسيل بروست، في مؤلفه «بحثا عن الزمن الضائع»: «أحياناً، وكما تولدت حواء من ضلع آدم، كانت امرأة تتولد، أثناء نومي، من وضع غير صحيح لفخذي (...). جسدي، الذي كان يحس في جسدها بدفئي، كان يريد الاتصال بها فيه، فكنت أستيقظ. كان سائر البشر يبدون لي بعيدين جداً إزاء هذه المرأة التي غادرتها، منذ لحظات فقط. كان خدي لا يزال دافئا بقبلتها، وجسدي مثقلا من ثقل خصرها». وبعيداً عن «سماء» المبدعين، قريبا من «أرض» الناس العاديين، وفي الصين، تحديداً، طعن زوج زوجته، قبل أيام فقط، لأنه رآها تخونه في النوم. وجاء في الخبر أن الزوج، الذي يعيش في مقاطعة «بين يانغ»، أقدم على طعن زوجته، بعد أن راوده كابوس، بشكل متكرر، خلال نومه، رآها فيه وهي تخونه مع رجل آخر. ونقلت صحيفة «تشاينا دايلي»، عن المدعين العامين، أن الرجل مزارع يعيش في بلدة صغيرة، وأن الشكوك ساورت «تشانغ»، وهذا اسمه، بعد أن حلم بأن زوجته تخونه، أكثر من مرة واحدة، فأقدم على طعنها انتقاماً منها على الجرم، الذي لم ترتكبه. هكذا، يصير للخيانة والحب تاريخ بلون الحلم والنوم، الذي يتعدد، حسب طبيعة الحالم والنائم، سواء كان إنسانا عاديا أو مبدعا، ولذلك فليست حكاية إقدام الزوج الصيني على طعن زوجته، بعد أن شاهدها في نومه، تخونه، مع رجل آخر، وبشكل متكرر، أول حالة يرى فيها رجل امرأة في الحلم، فيقدم على قتلها أو الوقوع في حبها. وتبقى لقصائد الشعراء علاقة خاصة بمفردات الليل والخيانة والجسد، وغيرها من صُنَافة المفاهيم المؤثثة لحقل الحب والعشق. ألم يكتب الشاعر السوري، أدونيس، في «أول الجسد آخر البحر»: «أمس، في حديث مع جسدي عنك، عرفت أن المعاني التي يضيفها الشعراء على الليل، ليست إلا ضريبة تُفرض على الحبر لكي يظل سائلا»...؟ أدونيس، الذي سيضبط كلماته على حرف «الراء»، فيكتب: رأيتك لم أر شيئا إلا رأيت جسدك قبله لم أر شيئا إلا رأيت جسدك معه لم أر شيئا إلا رأيت جسدك بعده لم أر شيئا إلا رأيت جسدك عنده لم أر شيئا إلا رأيت جسدك فيه». وبعيداً عن «حديث النفس وأضغاثها»، المرتبطة ب«الرغبات التي لا يرضى بها العقل»، جاء في أخبار النهار، التي لا علاقة لهابالمرأة، التي رآها رجل في نومه، بالليل، فذهب قلبه فيها، أن سيدة مصرية طعنت زوجها بسكين، في قلبه، ثم أبلغت الشرطة، وجلست في انتظارها، وهي تبكي بشدة، وتقبل قدميه، وتطلب أن يسامحها، لأنها، هي الأخرى، كانت تخونه (حقيقة، وليس في النوم، هذه المرة!)، من دون أن يكتشف أمرها، أو يراها في نومه!