بوشعيب الشداني «زمن الأخطاء»، هكذا عنون الكاتب المغربي الراحل محمد شكري غلاف واحدة من أشهر رواياته، هو توصيف دقيق ينطبق جملة وتفصيلا على الزمن الراهن للدوري المغربي للمحترفين، الذي أصبح حافلا بالعديد من أخطاء قضاة ملاعب هم في الأصل سبب المتاعب، ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فإن التساؤل يبدو اليوم مطروحا بحدة حول التحكيم المغربي الذي صار يصنع الحدث ويسلب اللاعبين والمدربين الأضواء في مشاهد تبعث على الاستغراب. هو ناقوس خطر إذن يدقه التحكيم المغربي، الذي أصبح نقطة سوداء وعلامة فارقة في دوري المحترفين، في غياب استراتيجية واضحة المعالم والأثر وفي تغييب شبه كلي للكفاءات والكوادر التي يمكنها أن تقدم الإضافة للمشهد التحكيمي الوطني، ونحن هنا لا نسوق هذا الكلام اعتباطا ولا يسمح المجال للخوض في تفاصيل الأحداث، فعدسة التاريخ كعدسة المصور ترصد كل كبيرة وصغيرة، ولا نريد أن نرى دورينا يهتز كل أسبوع على وقع زلازل تحكيمية بمقياس خمس درجات على سلم (ريختر)، تنزل على الأندية فتجعلهم يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا من تكبد مخلفاتها الجسيمة، التي طالما غيرت مجرى المباريات وقلبت موازين سبورة الترتيب رأسا على عقب، وغالبا ما منحت اللقب لناد على حساب آخر فكانت مصائب قوم عند قوم فوائد، و نلتمس الأعذار لرؤساء وكوادر ولاعبي بعض الأندية إن هم خرجوا عن النص وقابلوا كوارث التحكيم بسيل من الانتقادات ووابل من الاتهامات. أمام هذا الوضع، ليس أمام فقهاء التحكيم باتحاد الكرة إلا أن يفتحوا نقاشا صريحا وصادقا مع أنفسهم: أي حكام يريدون؟ حكام يديرون المباريات بكل حياد وحزم أم حكام يدارون عن بعد بآلات التحكم؟ بأي نوع من المكونين والمراقبين؟ بمكونين مرجعيين ومراقبين متجددين أم بمكونين رجعيين ومراقبين محدودين؟ بأي مدراء جهويين؟ بمدراء أكفاء معتمدين من لجنة الحكام الرئيسية أم بمدراء تعتمدهم العصب الجهوية؟ بأي برامج تكوين؟ ببرامج وطنية موحدة أم ببرامج ارتجالية ومتجاوزة؟ بأي حكامة؟ بحكامة جيدة وتدبير محكم أم بارتجالية وتبذير للمال العام؟ وأخيرا بأي تجهيزات؟ بتجهيزات لوجيستيكية متطورة وحديثة أم بتجهيزات قديمة تؤرخ لعقود سابقة؟ أسئلة من ضمن عدد من الأسئلة، إن وفق المسؤولون عن تدبير الشأن التحكيمي المغربي في إيجاد إجابات صحيحة ومقنعة لها، سيضعون أصابعهم بكل تأكيد على مكامن الخلل في منظومة أمست إعادة النظر فيها مطلبا لنخبة من خبراء التحكيم المغربي. يبدو أن أخطاء الحكام لن تنتهي وستستمر إلى حين، قد يعتقد البعض أننا نحمل نظارات سوداء لا ترى إلا كل ما هو سلبي، لكن تشاؤمنا نابع من تفاؤلنا، لأننا نريد أن تكون الأمور أفضل مما هي عليه على حد تعبير الأديب والكاتب المسرحي الفرنسي «جان كوكتو».