خلال خروجه الإعلامي بحر الأسبوع الماضي، أشار المدير الوطني للتحكيم يحيى حدقة إلى أن مشكل التحكيم المغربي يعود بالأساس لتراكمات تتعلق بالتكوين، وأن المديرية الوطنية تتوفر على برنامج مستقبلي مع العصب الجهوية في ظل قيام الجامعة بوضع مراكز تقنية جهوية، تهدف إلى تكوين مائة حكم سنويا. إذا سلمنا بهذا الطرح وافترضنا جدلا أن جامعتنا التزمت بوعدها وأقامت هكذا مراكز لتكوين وتأهيل الحكام، وإن كنا سباقين لطرح هذا المعطى في خانة المقترحات العملية لتطوير التحكيم المغربي في عمودنا بجريدة «المساء الرياضي» قبل عامين، وأن الرجل الأول في مديرية التحكيم استورد لنا برنامجا لتكوين وتأهيل الحكام من الاتحاد الدولي للعبة ومغربناه ليستجيب لطبيعتنا وخصوصيتنا، وهذا في حكم المؤكد ولن نجادل فيه، فإن ما نختلف عليه ونعتقد بان الخلاف فيه لا يفسد الود ولا القضية، أن اليد الواحدة لا تصفق و تظل بحاجة ماسة لأيادي مماثلة لتشكيل فريق عمل متكامل على قدر كاف من الكفاءة العلمية والخبرة الميدانية. وهنا تستوقفنا مجموعة من التساؤلات: هل تمتلك المديرية الوطنية للتحكيم رصيدا كافيا من المكونين القادرين على تنفيذ وتطبيق أفكار وتصورات هذا البرنامج في الواقع العملي وإعداد وصقل جيل جديد من الحكام والحكام المساعدين المتميزين؟ وهل تمتلك بالموازاة قائمة معقولة من المراقبين بمواصفات خاصة، تستجيب لشروط المراقبة العادلة ومعايير التقييم الموضوعي؟ طبعا الجواب سيكون بالنفي، ونحن هنا لا نبخس حق بعض الأطر التي فرضت نفسها على مستوى التكوين والمراقبة في بعض الجهات، ولا نحاول ضرب مجهوداتها تحت الحزام، لكن الأمانة المهنية تحتم علينا أن نلتزم الصدق ونشرح واقع حال تحكيمنا، فالخامات التحكيمية موجودة في كل مكان، لكن نفتقر لعيون تقنية ترصدها و تستقطبها ولكوادر على مستوى عال تشرف على تكوينها وصقلها وتأهيلها لإدارة مختلف المباريات، ونفتقر أيضا لمراقبين متجددين ممن يواكبون تطورات قوانين اللعبة، فيتتبعون الحكام ويقيمون أداءهم بمنتهى العدالة والموضوعية، ويعطون لزيد ما لزيد ولعمر ما لعمر بعيدا عن معادلة الكيل بمكيالين ومنطق الزبونية والمحسوبية. إن أزمة تحكيمنا في زمن الاحتراف هي أزمة مكونين مرجعيين ومراقبين موضوعيين أكفاء ونزهاء، فدرجة بعض حكامنا السابقين في السلم التحكيمي دوليين أو فيدراليين ليست معيارا كافيا على الإطلاق ولا تشفع لهم لأن يكونوا مكونين أو مراقبين ناجحين، لا سيما إن اقترنت بمؤهل علمي محدود، ففاقد الشيء لا يعطيه، ونعتقد أن الكثير من المهتمين والمتتبعين للشأن التحكيمي المغربي، يشاركوننا نفس الرأي، ولا عجب أن نصادف في دورينا خريطة تحكيم فسيفسائية مشكلة من أطقم بمستويات متباينة ومتفاوتة، تتأرجح بين المقبول والمتوسط والضعيف، ولا نستغرب أبدا إذا اصطدمنا نهاية كل أسبوع بأخطاء قاتلة، تقلب موازين القوى وتغلب كفة ناد على مستوى سبورة الترتيب، ولا ندعي الغيب إذا استشرفنا المستقبل وتنبأنا بأن مسلسل الأخطاء لن ينتهي وسيستمر إلى حين، في انتظار إعادة النظر في ملف المكونين والمراقبين،عفوا...إشكالية التحكيم المغربي... إشكالية مكونين ومراقبين لا إشكالية حكام وبرامج تكوين. بوشعيب الشداني