دأبت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في السنوات الأخيرة على تنظيم دورات تكوينية لفائدة الحجاج المغاربة، لتعليمهم كيفية أداء المناسك وتلقينهم أركان الحج وواجباته وآدابه، وذلك في إطار «سياسة القرب» التي تعلن الوزارة أنها تنهجها في المجال الديني بشكل عام. وقد باشرت الوزارة منذ عيد الفطر تنظيم هذه الدورات في مختلف العمالات والأقاليم، وفق برنامج يتم بتنسيق مع المجالس العلمية، لتوعية الحجاج دينيا وتفقيههم في مناسك الحج، وذلك عبر مختلف المساجد ومقرات المجالس العلمية في مختلف المناطق، حيث يتم إعطاء دروس للفائزين في القرعة لهذا العام، سواء منهم المسجلون ضمن لوائح الوزارة أو المسجلون ضمن لوائح الأسفار السياحية، وإلقاء محاضرات حول الحج والعمرة، مع مراعاة اللهجة المحلية في مختلف المناطق. ونظرا للمشاكل التي طرحت السنة الماضية خلال موسم الحج، والتي أثارت بعض الاحتجاجات، بسبب سوء التنظيم والتنسيق بين مختلف الجهات، فإن وزارة الأوقاف حسب مصدر داخلي أرادت من خلال تكثيف وتيرة تأطير الحجاج تجاوز الاختلالات التي حصلت في العام الماضي والرقي بطريقة أداء هذه الفريضة لدى المغاربة. فعلاوة على الإجراءات التي تقوم بها الوزارة على المستوى المركزي، مثل توزيع «مرشد الحاج» الذي هو عبارة عن جهاز «إم بي 3» الذي يشتمل على الأدعية التي تقال في البقاع المقدسة والإرشادات التي تهم الحاج، ناطق بالعربية وتشلحيت وتمازيغت وتريفيت، وكذا الموقع الخاص بالحج على شبكة الأنترنت، والدروس التي تقدم في قناة محمد السادس للقرآن الكريم وإذاعة محمد السادس، إضافة إلى ذلك تقوم مندوبيات الوزارة والمجالس العلمية المحلية بعدة إجراءات للتواصل مع المرشحين للحج هذه السنة على المستوى المحلي. وينصب هذا التأطير على عدة محاور، من بينها تعريف الحاج بأركان الحج وواجباته وسننه وآدابه وممنوعاته، والقيام بتطبيقات عملية في الموضوع باستعمال مجسم الكعبة الشريفة، وحث الحجاج على التحلي بالأخلاق الكريمة والخصال الحميدة واجتناب كل قول أو عمل ينقص من أجرهم «وأن يكونوا خير سفراء لبلادهم بتلك البقاع الطاهرة»، وتذكير الحجاج بدور البعثات المغربية للحج، وأنها في خدمتهم بالديار المقدسة، وتحسيس الحجاج بالظروف الخاصة بموسم الحج وتوعيتهم بأن السكن بمكة المكرمة والمدينة المنورة مشترك بين الحجاج داخل الغرفة، بما يتناسب ومساحتها، وأن جميع المرافق من مطبخ وحمام وجهاز تبريد الماء وغيرها من التجهيزات هي مشتركة بين الحجاج، مع الإشارة إلى طبيعة السكن بمخيمات منى وعرفات وصعوبة التنقل بالبقاع المقدسة التي تتطلب من الحاج التحلي بالصبر والانضباط، وتذكير الحجاج بأن البعثة المغربية تخصص مخيمات للنساء ومخيمات للرجال في كل من منى وعرفات، وإخبارهم بأن توقيت رمي الجمرات سيتم طبقا لعملية تفويج الحجاج بالتتابع، وسيعلن بالخيام عن ساعة خروج الحجاج المغاربة لرمي الجمرات. وفي إطار عمليات التأطير على المستوى المحلي، رافقت «المساء» يوم الثلاثاء الماضي تجربة مندوبية وزارة الأوقاف والمجلس العلمي بعمالة تمارة الصخيرات، التي اختتمت عملية التأطير في المنطقة بإجراء اختبار للحجاج بأحد مساجد مدينة تمارة، لاختبار المعلومات التي حصلوها خلال عملية التأطير، وخلق حوار تفاعلي بين الحجاج أنفسهم وبينهم وبين المسؤولين والمرشدين الدينيين المكلفين بمرافقة البعثة العلمية. وقد تم إجراء خمس دورات تكوينية في أربعة مراكز بكل من تمارة والصخيرات وعين عودة، شارك فيها المئات من الحجاج، نساء ورجالا، وأشرف عليها عدد من المرشدين والمرشدات. وقد انفردت مندوبية الأوقاف بعمالة الصخيرات تمارة بإجراء هذا الاختبار للحجاج، وقال أحد المسؤولين بالمجلس العلمي المحلي، شارك في العملية، إن ذلك كان نوعا من تقليد النموذج الماليزي، حيث لا يتم العمل بالقرعة كما هو الحال في المغرب، بل يجرى اختبار للمرشحين للحج، والذين ينجحون يتم اختيارهم، وذلك بعد دورات تكوينية يتم في نهايتها إجراء اختبار، لكن مع الفرق وهو أنه في الاختبار الذي أجرته مندوبية الوزارة في تمارة لم يكن فيه إقصاء لأحد طالما أن المغرب عمل بنظام القرعة. أما الجديد الثاني الذي انفردت به مندوبية الوزارة بالصخيرات تمارة فهو الزيارات الميدانية التي كان يقوم بها أعضاء البعثة العلمية على مستوى الإقليم لبعض الحجاج في بيوتهم، كعربون على سياسة القرب. وقال محمد الخياري، مندوب الوزارة على مستوى الصخيرات تمارة، إن الأئمة المرشدين والمرشدات في المندوبية كانوا يجرون زيارات لبعض الأشخاص في بيوتهم، بطلب منهم، لإعطائهم دروسا حول الحج والمناسك بعين المكان، حيث يجتمع بعض الأفراد من حي واحد في بيت أحدهم ويحضر أحد المرشدين الدينيين أو المرشدات لإعطائهم بعض الدروس، مضيفا بأن هذا الأمر خلق تفاعلا وألفة بين هؤلاء الأشخاص، وأن الغاية التأطيرية ارتبطت بالهدف الاجتماعي. وقال إن جهود المندوبية انصبت على تأطير الحجاج في الإقليم، البالغ عددهم 440 ضمن لوائح وزارة الأوقاف، و62 ضمن لوائح الوكالات، مؤكدا بأن المهمة لم تكن سهلة.