انتخب مجلس المستشارين، في ساعة متأخرة من الليل، هياكله، بمشاركة 90 مستشارا، بينهم 89 صوتوا على اللائحة الموحدة، التي تتضمن أسماء نواب الرئيس، ومحاسبي وأمناء المجلس، ورؤساء اللجان النيابية الدائمة، فيما وضع مستشار الظرف فارغا. وتأخرت الجلسة عن موعدها، قرابة 3 ساعات، لاعتبارين اثنين، الأول، يتمثل في تأخر حضور رئيس المجلس محمد الشيخ بيد الله، الذي استقبل في مدينة الدارالبيضاء، من لدن الملك محمد السادس، والثاني يتمثل في تنافس الأحزاب السياسية على استقطاب مستشارين من أحزاب أخرى، لتحسين ترتيبها العددي، فيما يعرف بظاهرة الترحال، التي طبعت عملية انتخاب هياكل المجلس. وبدا التنافس واضحا بين فريق حزب الحركة الشعبية، والتجمع الوطني للأحرار، حيث سعى الأول إلى حشد الهمم من أجل احتلال المرتبة الثالثة، متجاوزا بذلك الفريق الثاني، رغم أن نتائج الانتخابات كانت تعطي للتجمع تفوقا مقارنة مع الحركة الشعبية، وفي كل لحظة وحين، يقال إن الفريق الفلاني، تمكن من استقطاب مستشار إضافي، وتمر دقائق حتى يصبح ذلك المستشار في فريق آخر، فنشطت عملية ما أصبح متداولا على لسان قياديي الأحزاب «سلفناهم، تسلفنا من عندهم »، وبذلك تمكن الفريق الحركي من استقطاب خمسة مستشارين من فريق حزب الأصالة والمعاصرة، وهو الحزب الذي استقطب بدوره قبل حلول موعد انتخاب رئيس المجلس، من اغلب الأحزاب، كما استقطب الفريق الحركي، من حزب البيئة والتنمية المستدامة، مستشارين، على أساس أن يحافظا على انتمائهما الحزبي، كما استقطب فريق التقدم والاشتراكية، مستشارين، واحد من فريق الاتحاد الاشتراكي، والآخر من فريق التجمع الوطني للأحرار، ليس من أجل تحسين ترتيبه، ولكن من أجل تكوين فريق نيابي، وهو ما حصل أيضا مع نقابة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وفريق حزب الاتحاد الاشتراكي، لوجود تقارب بينهما، إذ يستدعي الأمر التوفر على 12 مستشارا، وهو ما عجز عن تحقيقه حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، الذي بدا مستشاروه معزولين، حيث غادر رئيسه محمود عرشان، مقر المجلس، غاضبا في الساعة السادسة مساء، وهو الوقت الذي كانت رئاسة المجلس حددته لانطلاق الجلسة، كما ظل الفريق الاستقلالي موحدا حيث يضم في عضويته مستشارين من نقابة الاتحاد العام للشغالين، وبذلك تبخر حلم حميد شباط، أمين عام النقابة، في جر مستشاريه بعيدا عن الحزب، لوجود فيتو مارسه، عباس الفاسي، أمين عام حزب الاستقلال. وتم التصديق على اللائحة الموحدة، حيث تم انتخاب الخلفاء الخمسة للرئيس، وهم كالتالي بالتتابع، فوزي بن علال، من حزب الاستقلال، ومحمد فضيلي، من الحركة الشعبية، ولحسن بجديكن، من التجمع الوطني للأحرار، والشيخ أحمد دبده، من الأصالة والمعاصرة، وعبد الرحمان اوشن، من الاتحاد الاشتراكي، و3 محاسبين وهم عادل المعطي من الاتحاد الدستوري، وعبد المالك أفرياط من الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وعابد الشكيل من الأصالة والمعاصرة، و3 أمناء وهم أحمد حجي من التقدم والاشتراكية، وعبد اللطيف أبدوح من الاستقلال، وحميد كسكوس من الحركة الشعبية، و6 رؤساء لجان، وهم الحبيب لعلج، من التجمع الوطني للأحرار، رئيس لجنة التعليم، وعلي سالم الشكاف من الاتحاد الاشتراكي رئيس لجنة الشؤون الخارجية، وعبد المجيد لمهاشي، من الاتحاد الدستوري، رئيس لجنة الداخلية، ومحمد كريمين من الاستقلال، رئيس لجنة المالية، وعمر الدخيل، من الحركة الشعبية، رئيس لجنة العدل والتشريع، وعبد السلام بلقشور من حزب الأصالة والمعاصرة، رئيس لجنة الفلاحة. وتمت تسمية رؤساء الفرق، دون تحديد عددهم من قبل رئاسة المجلس، وهم عبد الحكيم بن شماش، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة (65 مستشارا)، ومحمد الأنصاري، رئيس الفريق الاستقلالي (55 مستشارا)، وعبد الحميد السعداوي، رئيس فريق الحركة الشعبية (38)، والمعطي بن قدور، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار (36)، وزبيدة بوعياد، رئيسة الفريق الاشتراكي (21)، وإدريس الراضي، رئيس فريق الاتحاد الدستوري( 14)، والعربي خربوي، رئيس فريق التقدم والاشتراكية (13)، وعبد الحميد الفاتحي، رئيس فريق نقابة الفيدرالية الديمقراطية للشغل (12). مجلس المستشارين يدعم مبادرة الحكم الذاتي دافع محمد الشيخ بيد الله، في خطاب مطول، عن جدوى مجلس المستشارين، أمام تعاظم الانتقادات الموجهة له من طرف الأحزاب والهيئات النقابية، حيث استعرض فيه الخطوط العريضة لإصلاحه، مستلهما جزءا من برنامج سلفه المعطي بن قدور، وقال بيد الله: «إن مبرر وجود مجلس المستشارين، ينطلق من كونه، يمثل التوجه الجهوي الذي انخرطت فيه بلادنا، واعتبرته خيارا لارجعة فيه، ترجمة للديمقراطية المحلية، وعودة نحو المحلي، ووسيلة ناجعة لتجسيد قواعد الحكامة الجيدة، وإرساء سياسة القرب، إضافة إلى تمثيلية الغرف المهنية، والمأجورين، وهي تمثيلية مجالية وسوسيو مهنية، متميزة عن تمثيلية مجلس النواب»، مؤكدا أن المجلس ليس معرقلا لعمل الحكومة، ولا يلعب دور الوازن المضاد، ولا يشكل عبثا دستوريا،ولا توأما للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ولا يضيف عبئا زمنيا على مسطرة التشريع. وأكد بيد الله أنه يسعى إلى أن يصبح مجلس المستشارين، مؤسسة فعالة، وشريكة، ومبادرة وداعمة للإصلاحات المؤسساتية الكبرى، حاثا المستشارين على الحضور، والقطع مع ثقافة الغياب، معلنا عن مواصلة العمل لإخراج مشروع القناة البرلمانية إلى حيز الوجود، وتفعيل دور الدبلوماسية البرلمانية، مؤكدا دعم المجلس لمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، للوصول إلى حل عادل للنزاع المفتعل حول الصحراء، وبناء المغرب العربي.