اعتبر عبد الرحيم العطري، باحث علم الاجتماع، أن إذكاء النقاش حول الخادمات القاصرات وقضايا الطفل وقضايا أخرى.. يشتد فقط في المناسبات، مؤكدا أن لغة الخشب والمناظرات أسهل مما يكون، غير أن مثل هذه الوسائل لا تجدي في التوصل إلى حلول في مثل هذه الإشكاليات. وأضاف العطري، في حلقة الأربعاء الماضي، من برنامج «مباشرة معكم»، الذي تبثه القناة الثانية، أن محاربة أي ظاهرة تقتضي مقاربات شمولية وحلولا جذرية للقضاء على المشكل من أصله، ويجب فتح ورشات طيلة السنة لتوعية المواطنين من قبيل وصلات إعلانية على مدار الساعة، عبر شاشة التلفاز وكل وسائل الإعلام، وأن الملايير التي تصرف على المناظرات التي تتبخر توصياتها بمجرد انتهائها يجب أن تصرف على العائلات الفقيرة للقطع مع الظاهرة. وفي الوقت الذي تحدث فيه آيت عزيزي، مدير الأسرة والطفولة بوزارة التنمية الاجتماعية، عن المقاربة القانونية التي اعتبرها أساسية لحماية الأطفال قالت نبيلة التبر، ممثلة إحدى الجمعيات المهتمة، إن الهشاشة الاجتماعية وعامل الفقر يمثلان عائقا كبيرا يشل فاعلية أي قوانين وضعية، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن جعل تشغيل الأطفال جرما يعاقب عليه القانون في ظل غياب شروط لذلك، مضيفة أن الأمر يقتضي استحضار القانون وقابلية تطبيقه أيضا على أرض الواقع، حيث إنه لا يمكن أن نكبل الآباء بالقانون وهم يتخبطون في ظروف اجتماعية قاهرة، وهي النقطة التي عبر عنها عبد الرحيم العطري بضرورة إعادة ترتيب الأولويات على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأن القطع مع كل الظواهر الاجتماعية غير الصحية لن يتأتى إلا بإعادة الاعتبار للفئات الهشة التي تتحول إلى لقمة سائغة في أفواه فئات محظوظة همها المظاهر واستعراض العضلات الاجتماعية، على اعتبار أن وجود الخادمة في المنزل أصبح وجها من أوجه التباهي والفخامة حتى وإن كانت الضرورة لا تقتضي وجودها. وأكدت نبيلة التبر أن المكان الطبيعي للأطفال أقل من 18 سنة هو المدرسة، ويجب أن تتداخل مجهودات مختلف الشركاء لتصب في هذا الاتجاه، ليصبح تشغيلهم جرما يعاقب عليه القانون لكن تحت مظلة توفير ظروف عيش للأسر المصدرة للأطفال القاصرين، مؤكدة أن إحكام السيطرة على واقع تشغيل القاصرين بالمغرب يتطلب مقاربة مندمجة وفتح فضاءات ونقاشات موسعة مع كل الفاعلين، بما فيها الدولة والجمعيات والمجتمع المدني والحقوقيون والباحثون، لوضع خطة شمولية من شأنها أن توقف نزيف معاناة كل الفئات الصغرى التي تعيش في وضعية فقر وحاجة. وقال آيت عزيزي إن الحكومة تعقد شراكات مع جمعيات بأهم المناطق المصدرة للخادمات من أجل تحسيس الأسر، وأنها وضعت مجموعة من الوحدات لحماية الطفولة، غير أن هناك مجموعة من العراقيل من قبيل غياب صلة وتواصل بين الجمعيات في المناطق المصدرة، وغياب مصادر التكفل.. ودعا عبد الرحيم العطري إلى ضرورة إحداث ثورة هادئة لتغيير العقليات سواء بالنسبة إلى الأسر بالمناطق المصدرة، أو بالنسبة إلى الأسر المستقبلة وحتى السماسرة والوسطاء، لأن ذلك هو السبيل الأنجع للتمهيد لوضع قوانين زجرية، معتبرا أن إنزال قانون تجريم تشغيل الأطفال القاصرين لا يمكن أن يحقق أهدافه المرسومة إلا إذا تغيرت العقليات آنذاك يمكن الحديث عن قوانين وعقوبات.