تمكن صاحب مصنع سري متخصص في صنع مواد تنظيف بأسماء ماركات عالمية، نهاية الأسبوع الماضي، من الفرار إثر محاصرة ما يفوق من 20 رجل أمن لمحل عمله وسط حي آهل بالسكان بالقرب من فاس العتيقة. ولم تعتقل عناصر الأمن خلال عملية مداهمة المصنع، نهاية الأسبوع الماضي، سوى مستخدمين، إحداهما فتاة، تم اعتقالهما وتحرير محاضر في حقهما، قبل إيداعهما السجن في انتظار البت في الملف. وحرر رجال الشرطة القضائية مذكرة بحث في حق «أحمد. ه»، صاحب هذا المصنع السري. ومن شأن اعتقاله، تقول المصادر الأمنية، أن يقود إلى وضع اليد على خيوط شبكة يرجح أن تكون متخصصة في صنع هذه المنتوجات وطبع العلامات التجارية لشركات دولية معروفة. كما ستمكن من معرفة الأسواق التي توجه إليها هذه المواد التي أرسلت عينات منها إلى المختبر العلمي بالرباط لإجراء التحاليل اللازمة لها للتعرف على المخاطر التي يمكن أن تترتب عن استهلاكها. وسيواجه صاحب هذا المعمل السري بحي «سهب الورد» بتهم تزييف علامات تجارية والغش والنصب والاحتيال والمشاركة، وهي نفس التهم الموجهة إلى كل من المستخدمين المعتقلين «شريفة. م. ي» ذات ال30 سنة، و»نجيب. ر» ذو ال20 سنة. وبالرغم من أن «مدير الشركة» قد نجح في الإفلات من قبضة الأمن، فإن عناصر الشرطة حجزت كميات كبيرة من «أدوات الجريمة»، وهي التي سيتم اللجوء إليها لاحقا في إدانة هذا «المدير السري». وأحصى رجال الأمن ما يقرب من 2380 قنينة شامبوان «كادوم» من الحجم الصغير تم حجزها داخل هذا المصنع، و200 قارورة شامبوان من الحجم الكبير من نفس الماركة و4020 شامبوانا من مختلف الماركات. و204 شامبوان من ماركة أخرى و220 قنينة شامبوان من الحجم الصغير من ماركة أخرى. وإلى جانب ذلك، حجز رجال الأمن في نفس المصنع ما يقرب من 8 صناديق لقنينات جافيل من حجم لترين و18 صندوقا من فئة لتر واحد. وعثر كذلك في نفس الفضاء على حوالي 1300 قنينة للتنظيف (سانيكروا). وبداخل المصنع السري عثر على برميل بلاستيكي كبير الحجم يحتوي على محلول الشامبوان، وذلك إلى جانب آلات كبيرة يتطلب استخدامها طاقة كهربائية كبيرة. كما عثر في نفس المصنع الذي اتخذ طابع منزل عادي وسط هذا الحي السكني الشعبي على عدد كبير من الملصقات التجارية التي تحمل علامات مختلفة. ووصل عدد العلامات المقلدة من قبل هذا المصنع إلى حوالي 14 علامة تجارية. ويستفاد من هذه الملصقات اعتماد صاحب «المصنع» على تقنيات عالية لطبعها في مطابع خاصة، لم تتطرق لها التحقيقات بعد، بشكل يجعل التوصل إلى وجود تزوير بالنسبة للمستهلك العادي أمرا عسيرا. وتمت هذه المداهمة في فترة المساء, ولم تشر المصادر الأمنية إلى عدد المستخدمين بهذا «المصنع». كما لم تورد ما إذا مكن الاستماع إلى المستخدمين المعتقلين قد قاد إلى تحرير مذكرات بحث في حق مستخدمين آخرين يرجح أن يكون عددهم كبيرا بالنظر إلى الكميات التي تم ضبطها أثناء هذه العملية. ولم يكن كل من القسم الاقتصادي ومصلحة محاربة الغش، وهما جهازان يتبعان لولاية الجهة ومكلفان بهذا النوع من الملفات، على علم بهذا التدخل الأمني الذي استهدف وضع حد لنشاط واحد من أكبر المصانع السرية بالمغرب، وهو المصنع الذي تخصص في إنتاج مواد استهلاكية حساسة، من شأنها أن تؤثر على صحة المواطن بشكل مباشر، سواء فيما يتعلق بالتسبب في حالات ضيق التنفس أو الحساسية بالنسبة لمواد التنظيف المزورة، وتساقط الشعر والقشرة بالنسبة للشامبوانات. ولم يدفع «تفكيك» هذا المصنع السري بأجهزة المراقبة إلى شن أي حملة لدى تجار التقسيط ودكاكين الأحياء بالمدينة لمراقبة مدى اكتساح مثل هذه المنتجات للأسواق. وإذا كان مظهر المواد المزورة التي يسوقها هذا المصنع على نطاق واسع في فاس والنواحي، وربما تعدى ذلك إلى المستوى الوطني، لا يترك للمستهلك أي مجال للشك، فإن الأثمنة التي تسوق بها هذه المنتوجات تعادل الأثمنة ذاتها التي تسوق بها مثيلاتها من المصنعة في إطار قانوني وبمعايير صحية دولية معروفة، ما يجعل «مدير المصنع» الذي لا يؤدي أي ضريبة ولا يصرح بعماله السريين يراكم الأموال على حساب صحة المستهلك. وعمدت فرقة الشرطة القضائية المكلفة بالتحقيق في الملف إلى العودة إلى الملفات القضائية لصاحب هذا «المصنع»، ووجدت بأن له عدة سوابق في تزوير العلامات التجارية والمواد الموجهة للاستهلاك.