وأخيرا أسدل الستار على نتائج جوائز نوبل العالمية للعام الحالي بعد حالة من الترقب الشديد. تقاسم جائزةَ فرع الطب التي تبلغ 1.42 مليون دولار ثلاثة علماء أمريكيين هم إليزابيث بلاكبورن، كارول جرايدر وجاك سزوستاك. وفي فرع الأدب فازت الأديبة الألمانية هرتا مولر التي عكست حياة المحرومين بتركيز الشعر وصراحة النثر، وعكست كتابات مولر الحياة اليومية الكئيبة في ظل نظام تشاوشيسكو القمعي والمعاملة القاسية للرومانيين الألمان، كما شكل الفساد وعدم التسامح والاضطهاد أفكارا رئيسية في كتاباتها. أما جائزة السلام والتي كانت تمثل الجائزة الأكثر غموضا، خاصة مع إعلان لجنة الجائزة أنها لم ترجح كفة أحد المرشحين ال205 المتنافسين والذي يعد رقما قياسيا، فقد فاز بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما. اعتبرت اللجنة المانحة للجائزة أن الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما قد فاز بها «لجهوده في إحلال السلام العالمي وخفض مخزون العالم من أسلحة الدمار الشامل»... وأثار فوز أوباما عاصفة من الدهشة والاستغراب في العالم بأكمله، بالنظر إلى أن الرئيس الأمريكي لم يقدم شيئا ملموسا على الأرض من أجل السلام ولم يكمل سوى عدة أشهر كرئيس لأمريكا، هذا بالإضافة إلى أن شروط منح الجائزة كانت تستند في معظم الأحيان إلى أفعال وليس إلى نوايا حسنة فقط! ولم تسلم أكبر جائزة في التاريخ من الانتقادات؛ ففي كتاب حديث لنرويجي يدعى فريدريك هيفرمهيل، انتقد الأخير لجان تحكيم جائزة نوبل للسلام، وقال إن معظم الحاصلين على جوائز نوبل للسلام منذ الحرب العالمية الثانية لا يستحقونها، وإنها منحت لهم بمبررات خاطئة تنتهك الجوهر الحقيقي لوصية «ألفريد نوبل». وقال هيفرمهيل، الناشط في حركة السلام العالمية والنائب السابق لرئيس المكتب الدولي للسلام: في عام 1901 منحت الجائزة لأشخاص قدموا نشاطات حقيقية ضد الحرب ومن أجل السلام. أما بعد الحرب العالمية الثانية فأصبح اختيار المرشحين يتم بناء على أمور سياسية مثل «جورج مارشال» الذي كان القائد الأعلى للجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية وليس معروفاً إلا بنزعته العسكرية لا السلمية، كما اختارت اللجنة «آل جور» و»محمد يونس» اللذين لم يقدما نشاطاً كبيراً من أجل السلام.على الجانب الأخر يرى الكثيرون أن جائزة نوبل « ضد النساء « حيث بلغ عدد جوائز نوبل التي حصدتها نساء في مختلف الفئات 31 جائزة (2 في الفيزياء، 3 في الكيمياء، 6 في الطب، 9 في الآداب وأخيراً 11 في السلام) من أصل أكثر من 700 جائزة منحت لأشخاص ومؤسسات على مدى 102 عاما من الزمن. وحتي الخمسينات كان العرف السائد أن تمنح نوبل للرجال، لقد كان الفريد نوبل يرغب في منح الجائزة لعمل واحد للكاتب ولكن اللجنة طورت الفكرة إلى منح الجائزة لمجمل أعمال الكاتب مع التركيز علي عناوين محددة، وقال إن وصية نوبل لا تربط الجائزة بجنسية معينة للكاتب، وإنما تهتم لعمل يثري الإنسانية كلها، وهي ليست لمجاملة شخص أو أشخاص. أسرار الجائزة: خلال المؤتمر العالمي للأدباء الذي نظمه اتحاد كتاب السويد وعدة مؤسسات ثقافية أخرى، في فاتح يوليوز من العام الماضي، وقف سكرتير جائزة نوبل متحدثا لأول مرة في مؤتمر عام ليكشف أدق أسرار الجائزة ويتحدث عن الأفكار الجديدة المطروحة لتطويرها. اعتبر هورس أنجراهل، سكرتير عام الجائزة، أن الكاتب الصيني جيان بينج عندما منح الجائزة منذ سنوات لم تعتبره الصين من رعاياها، وأرسلت الحكومة الصينية برقية تهنئة إلى الحكومة الفرنسية، لأن الكاتب يعيش ويكتب في فرنسا. وقد أراد ألفريد نوبل أن تمنح الجائزة لأعمال أدبية تعبر عن المثالية ولكن لم يكن معنى «المثالية» محددا للجنة منح الجائزة. ومن ضمن الأسرار التي ذكرها أنجراهل أن الأديب العالمي تولستوي لم يحصل على الجائزة لأن اللجنة اعتبرت مجمل أعماله ضد ثقافة الآخر، كما عدت إميل زولا ساخرا أكثر مما يجب. وفي عام 1936، كان اسم فرويد، الطبيب والعالم النفسي الشهير، مطروحا، لكن رئيس اللجنة قال وقتئذ إنه مريض أكثر من المرضى الذين يعالجهم ولا يمكن أن تمنح له الجائزة!... وقال سكرتير اللجنة إن الجائزة تمنح للعمل الذي يجب أن يقرأه العالم، وأكد أن اللجنة يجب أن تتحلى بنوايا جيدة وليس بأحكام جيدة، كما يجب أن يدخل دائرتها الأدب الهامشي في العالم، وأكد أن استقبال القاريء للعمل ومزاجه يجب أن يؤخذ في الاعتبار.