أجمع الخبراء الذين حضروا اللقاء الدولي حول الأشخاص المعاقين وسط العاصمة الرباط على أن الحكومة باتت ملزمة بالعمل على تطبيق ما جاء في الاتفاقية من بنود، وإشراك المنظمات المعنية في البرامج المخصصة لتنمية وضع المعاقين بالبلاد. وأكد الخبراء في الندوة الدولية، التي اختتمت مساء أول أمس السبت، أن إقصاء ذوي الاحتياجات الخاصة من بلورة البرامج التي تخصهم «أمر يخالف المنطق على اعتبار أن المعاقين هم الأشخاص الأكثر دراية بما تحتاجه هذه الفئة التي صارت ملزمة برفع شعار: لا شيء يخصنا دوننا، ولا يعقل أن تكون دوائر التشريع واتخاذ القرار أكثر دراية بظروف المعاقين أكثر من المعاقين أنفسهم». وشدد المشاركون في اللقاء، الذي تميز بحضور دولي، على ضرورة أن تعمل الجمعيات المعنية بحقوق المعاق برفقة الحكومة والمنظمات الوطنية والدولية على دعم قضية المعاقين وعائلاتهم، وتبسيط ونشر بنود الاتفاقية الدولية للأشخاص المعاقين لإيجاد جسر تفاهم بين مختلف مكونات المجتمع والأشخاص المعاقين. وانتقدت جمعيات مغربية حضرت اللقاء اللامبالاة التي تتعامل بها المكونات الحكومية مع ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يقصون بصفة شبه كاملة من برامج التنمية المحلية، مما يتسبب لهم في معاناة شاملة، وخاصة على مستوى التمدرس والتنقل وفرص الشغل. ومن التوصيات التي تمحورت حولها كافة مداخلات الخبراء النص على ضرورة دراسة المجال الجغرافي والقانوني المغربي لوضع اليد على العراقيل التي تقف دون تطوير وضع الأشخاص المعاقين بالمغرب، والعمل بالمقابل على إيجاد دورات تدريبية بغرض تكوين الأشخاص المعاقين والجمعيات والمنظمات العاملة في المجال لتسليح ذوي الاحتياجات الخاصة بما يحتاجونه لممارسة حياتهم اليومية بهدوء وطمأنينة. وتحدث بعض المعاقين، الذين حضروا اللقاء، عن الصعوبات التي يجدونها في الدوائر المدرسية والحكومية والعمومية على حد سواء، والتي تغيب عنها الولوجيات بصفة كاملة، وقال أحدهم «كيف يعقل أن تدعي الحكومة أن المدارس مفتوحة أمام الجميع، لكن حينما أصل إلى باب المدرسة أجد أمامي سلالم يستحيل علي صعودها فأعود أدراجي بخفي حنين». الأمر نفسه اشتكت منه سيدة مثلت الصم والبكم والتي شددت على أن الحكومة صارت ملزمة بجعل لغة الإشارة لغة معترفا بها داخل مؤسسات الدولة وأبرزت ذلك بقولها على لسان المترجم الذي رافقها «أجد نفسي غريبة في بلادي، فأنا وأمثالي مقصيون من الإعلام والدوائر الرسمية ومن التعليم ومن الإدارات العمومية، ولا نشعر بالوجود إلى حينما نسافر إلى إحدى الدول الأوروبية التي تخصص لنا مترجمين يتكلفون ببناء جسر التواصل بيننا وبين الآخر». ودخل أحد ممثلي جمعيات المكفوفين في ملاسنة حادة مع ممثلي وزارة التنمية الاجتماعية والتضامن، حينما أكد أن الحكومة لا تعطي الاهتمام اللازم للمكفوفين بشكل خاص مما يجعلهم عرضة للبطالة ولهراوات رجال الأمن، في الوقت الذي أكد فيه مستشار نزهة الصقلي على أن المكفوفين يخرقون القانون يوميا باحتلالهم مقرات الدولة دون وجه حق. وطالب الحضور الحكومة المغربية بمراعاة بنود الاتفاقية الدولية الخاصة بالأشخاص المعاقين التي صادق عليها المغرب في مخططات إنشاء المدارس وبناء الطرق والمؤسسات الرسمية والعمل على التنسيق مع الجمعيات المعنية ودعمها للنهوض بأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة، ودعا الحاضرون إلى إنشاء هيئة مستقلة تتكلف بالتنسيق والتقييم وتقديم المقترحات في إطار مخطط تطبيق بنود الاتفاقية الدولية للأشخاص المعاقين. وتلزم الاتفاقية الدولية للأشخاص المعاقين الحكومات بتعديل أو إلغاء كل ما يوجد من قوانين ولوائح وأعراف وممارسات تشكل تمييزا ضد الأشخاص المعاقين، مراعاة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان للأشخاص المعاقين في جميع السياسات والبرامج. يذكر أن المغرب كان قد وقع على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في 30 مارس 2007، وأعلن الملك محمد السادس مصادقة المملكة عليها في 10 دجنبر 2008، بينما أودع المغرب في 8 أبريل 2009 وثائق التصديق الرسمية المتعلقة بالاتفاقية وبالبروتوكول الاختياري الملحق بها.