قال أحد الزملاء الصحافيين مازحا، وهو يبحث عن مسببات استبدال مدير قناة الرياضية يونس العلمي بنائبه طارق الناجم، إنه لا يستبعد أن يكون التغيير المفاجئ في إدارة القناة له علاقة بهزيمة فريق الرياضية لكرة القدم في نهائي دوري الإعلاميين أمام فريق الصحافة المكتوبة. عادت بي الذاكرة إلى المباراة النهائية للإعلاميين التي جرت بالرباط، وتبين لي بأن المدير الجديد، كان محط تقدير خاص من زملائه فقد تلقى تمريرات بسخاء زائد، ونفذ ضربة جزاء بنجاح، وكان أكثر الغاضبين من هزيمة بضربات الترجيح. لكن يبدو أن الاستقالة لا علاقة لها بالخسارة، لأنه في عالم الكرة غالبا ما يستقيل المدربون وليس الرؤساء، الذين لا يغادرون كراسي المسؤولية إلا على نعش، ليتبين أن رحيل العلمي له علاقة بمباريات أخرى أشبه بالديربيات اليومية التي تدور في فضاء الرياضية «أوي كلو». تعب الرجل من لعب دور الإطفائي، فكلما رن هاتفه إلا وأعد خرطوم المياه وهيأ نفسه للتدخل دون أن يطلق منبه الإغاثة، حتى تحول مكتبه بالطابق الأخير إلى غرفة للعمليات، إلى أن استقال مبكرا من سلطة الإدارة وتخلى طواعية عن جاذبيتها. للأمانة، فيونس العلمي يملك كل المقومات التي تخول له الانتماء إلى وزارة التنمية الاجتماعية بدل قطاع الاتصال، إنه يستحق أن يشغل منصب مدير خيرية، بدل مدير قناة تلفزيونية، لأنه إنساني أكثر مما هو إداري، لذا فكثير من الصحافيين لجأوا إليه في وقت «الحزة» ملتمسين قرضا شخصيا من دون فوائد، فاستجاب لمطالبهم دون أن يكبدهم مرارة اللجوء إلى مؤسسات القروض الصغرى، رغبة منه في الحفاظ على معنويات فريق العمل كأي قائد. بكل صدق، فالرجل يمقت سماع أنين فريق عمله، يحزن لحزنهم ويتمنى لو أن صرخات الاستغاثة تصله ب»الفيبرور»، ليعالجها بتقنيات رقمية متطورة. استفاد العديد من الزملاء من التسهيلات المقدمة من طرف شركة العلمي سلف والعلمي كاش، دون أن يلتزم أغلبهم بأداء الأقساط الشهرية التي وعدوا بها، لأنهم غير ملزمين بتوقيع الكامبيات أو الشيكات، وحين أعلن الرجل استقالة لا رجعة فيها، تساءل الزبناء عما إذا كان العلمي سيطالبهم بالأداء الفوري في حضرة الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، لكنه حضر مراسيم تسليم المهام لخليفته في القناة دون أن عون تنفيذ يتأبط وثائق الإشعار بالأداء، فتحول حفل تبادل السلط إلى ما يشبه تأبين رجل حي، رحل عن القناة مخلفا وراءه أيتاما يدرفون دمعا ساخنا وزبناء غير ملتزمين بأداء ما في ذمتهم. إذا كان العرايشي يقدم الدعم المالي لأندية كرة القدم، في إطار حقوق النقل التلفزي، فإن العلمي ظل يقدم الدعم لكثير من الإعلاميين في الضراء و»القهراء»، في انتظار عهد جديد أسندت فيه الأمور إلى طارق الناجم الرجل البنكي الذي لا يرد على مكالمة هاتفية أو يصافح شخصا، إلا إذا ضمن هامشا للربح. لكن من حسنات الرياضية أنها تراهن على الشباب، وهو ما يشفع لها في كثير من الهفوات، بل إن لعرايشي ركز على هذا المعطى في عرض حصيلة القناة، دون أن يعلم أنه يتحدث عن التشبيب في اليوم العالمي للشيخوخة.