دق رئيس مجلس النواب الإيطالي وزعيم حزب التحالف الوطني اليميني السابق جان فرانكو فيني ناقوس الخطر تحذيرا لكل من يستغل الأجانب المقيمين بإيطاليا لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية على حسابهم. جان فرانكو فيني كان، كعادته، شجاعا وصريحا حين أكد، أول أمس، في مؤتمر بمدينة ميلانو جَمَعه بوزير الاقتصاد جوليو ترموننتي، أن استغلال قضايا الهجرة والمهاجرين لن يخدم مصالح الإيطاليين وسيضعف من قيمة ومستوى إيطاليا على جميع المستويات إذا استمر سياسيوها في نهجهم المعادي للأجانب. كان رئيس مجلس النواب يتحدث إلى سياسيي ومناصري اليمين الإيطالي بثقة في النفس وباقتناع تام، مستفيدا من تجربته السابقة كوزير للخارجية الإيطالية التي جعلته يغير مواقفه تجاه مواضيع الهجرة، ليعتبر الأجانب ثروة كبيرة لإيطاليا وضمانا لمستقبلها، فقد استغل التحامل اليميني على الأجانب، الذي يتزعمه حزب عصبة الشمال، لينتقد اليمين الذي ينتمي إليه ويدخل مع حكومة برلسكوني، بسبب المهاجرين، في أزمة سياسية حقيقية كادت تعصف بالمستقبل السياسي لليمين الحاكم. صيحات وتحذيرات فيني كانت تتزامن مع المعاناة اليومية التي يعيشها الأجانب المقيمون بشكل شرعي بإيطاليا بسبب القوانين العنصرية التي أعدتها أحزاب يمينية متطرفة وزكتها حكومة البريمر برلسكوني، لهذا فقد ألمح الرجل إلى هذه المعاناة ليفاجئ مناصري التجمع اليميني الحاكم «حزب شعب الحرية»popolo della libertà بضرورة تغيير قوانين منح الجنسية للأجانب لتقليصها من عشر سنوات إلى خمس، مؤكدا، بنفس الجمل التي يستعملها اليمين المتطرف لمهاجمة غير الإيطاليين، أنه حتى الأجانب الذين لم يولدوا بإيطاليا يستحقون أن يحملوا جواز سفرها بشرط أن يحبوها ويتعرفوا على ثقافتها ولغتها بشكل جيد. وقال أمام استنكار وتذمر عدد من المبالغين في حبهم لليمين المتطرف وأفكاره: «نعم إيطاليا للإيطاليين، وهي كذلك حتى بالنسبة إلى من لم يزدادوا فيها بشرط أن يحبوها مثل وطنهم ويعرفوا لغتها وثقافتها وتاريخها وكل الأمور المتعلقة بها ويضحوا من أجلها حتى بالسلاح؛ لهذا أطالب، من أجل مصلحة إيطاليا، بقوانين تبسط منح الجنسية للأجانب». كلمات ومواقف فيني، التي لا تدخل ضمن برنامج اليمين الحاكم، كان وقعها على سياسييه وزعمائه كبيرا إلى درجة دخولهم في جدل سياسي حول هذا المقترح غير المرغوب فيه؛ فقد حذر قيادي بعصبة الشمال ونائب رئيس مجلس الشيوخ روبيرتو كالديرولي، وهو ألد أعداء الأجانب والمسلمين، من تمكين الأجانب من الجنسية الإيطالية، مؤكدا أن ذلك هو الخطر بعينه على مستقبل إيطاليا، على حد تعبيره، وقال: «لا نريد أن نفاجَأ في يوم من الأيام برئيس ملون يحكم إيطاليا»؛ أما قادة سياسيون آخرون، مازالت الفاشية تتحكم في تصرفاتهم ومواقفهم، فقد اعتبروا أن تطبيق ما ذكره رئيس مجلس النواب الإيطالي سيقضي على الثقافة الإيطالية وتاريخها وهوية شعبها، رافضين، شكلا ومضمونا، مجتمعا إيطاليا متعدد الجنسيات، ومعربين بشكل واضح عن تخوفهم من تمكن الإسلام والمسلمين من السيطرة عليه وتغيير ملامحه.