بداية كل سنة دراسية، يتحمل الآباء فاتورة اقتناء المستلزمات الدراسية لأبنائهم الذين قد يزيد عددهم في كثير من الأحيان عن ثلاثة أبناء، ظروف العيش تقود الكثيرين إلى الاقتراض أو بيع بعض ما لديهم في البيت لتسديد مصاريف أبنائهم. من حسن حظ الفئة الأكثر فقرا أن المؤسسات التعليمية العمومية مجانية. فالآباء لا يقفون عند هذا الحد بل تنتظرهم الساعات الإضافية، الغول الذي لا يرحم والذي يقضي على اليابس والأخضر، «تقوية» في المواد العلمية من الرياضيات مرورا بالفيزياء إلى العلوم الطبيعية بل تعدى هذا الشبح المخيف إلى المواد الأدبية: اللغات بما فيها العربية، وانتشرت العدوى إلى مواد أخرى كالاجتماعيات والتربية الإسلامية وربما تدخل في يوم ما مادة الرياضة البدنية حلبة التهافت حول جني الأرباح. باختصار أصبح التلميذ يرتاد مؤسستين تعليميتين:الأولى حكومية والثانية «ابتزازية» من طرف بعض مصاصي الدماء من رجال التعليم لتلامذتهم. «فالسادة» الأساتذة المعنيون يجعلون من تواجدهم بمردودية تكاد تكون ضعيفة في مؤسساتهم مجرد محطة لاستقطاب تلاميذهم للساعات الإضافية إما في بيوتهم أو اللجوء إلى اكتراء مقرات لذلك خارج القانون، أو يكون على هؤلاء التلاميذ أن ينتظروا مصيرهم المحتوم: نقط ضعيفة على صفحات دفتر التنقيط بطرق خاصة للضغط أكثر، فالمراقبة المستمرة التي بدأت تثير بعض الشبهات في استفادة البعض دون الآخر آخذة شكل الزبونية، باتت تضرب وبكل قوة تكافؤ الفرص. إن التفاوت في التنقيط بين الامتحانات الجهوية أو الوطنية الضعيفة والمراقبة المستمرة بنفخ نقطها تبرز بشكل واضح مدى عدم جدية هذه الدروس الخصوصية المعتمدة أساسا على الربح، لأنها، وبكل بساطة، ليست اختيارية بل خاضعة لكل الضغوطات. وحسب المخطط الاستعجالي 2010-2012 الذي أعدته وزارة التربية الوطنية، «فسيتم خلق لجنة للأخلاقيات داخل كل أكاديمية لاستقبال ودراسة شكايات آباء وأولياء التلاميذ في شأن أي تجاوز في هذا الأمر مما يعرض الأستاذ لعقوبة تأديبية باعتبار أن الدروس الخصوصية أصبحت بموجب المخطط ممنوعة. كما أعدت الوزارة برنامجا للتقوية والدعم للتلاميذ المتعثرين في الدراسة قصد الرفع من مستواهم تحت إشراف وتدريس أساتذة متطوعين». هي إذن حرب تشن على دروس خصوصية طالما اكتوى بنارها الآباء وطالبوا بمحاربتها في جميع ملتقياتهم.