هو من طينة الرواد الكبار: أحمد البيضاوي، عبد القادر الراشدي، عبد الواحد التطواني، عبد الرحيم السقاط، محمد بنعبد السلام...، واحد ممن لم ينصفهم التاريخ إلا قليلا. في زمن الأغنية الجميل، حمل الإيقاعات العالمية إلى الأغنية المغربية وحاول أن يمنح هذه الأغنية التناغم مع التلاوين الإيقاعية المشرقية. إنه عبد الوهاب أكومي الذي يلقبه محبو الموسيقى المغربية بالموسيقار الكبير، استنادا إلى تكوينه الأكاديمي وتمرسه الفني اللذين راكمهما داخل عدد من الأقطار العربية. هو من غنى «عشت كالتائه، لا أدري لماذا أحيا الحياة»، «قالت لخيلها ثريا»، «الفن مالوش وطن، الفن ملك الخلود»، «يا حلو القلب من قدك»، «يا مهنيني وحدك»، «ما أحلى الربيع ولياليه»، و«بريء»... للموسيقار المنسي قصة خاصة مع أغنية «بريء» يرويها فؤاد الصباحي، الذاكرة الإذاعية، في تصريح ل«المساء»، قائلا: «في سنة 1986 كنت أعد برنامجا إذاعيا يسمى «أول أغنية»، كنا نعمد خلاله إلى اختيار أغان لفنان معين، ونطلب من المستمعين أن يحددوا الأغنية الأولى لهذا الفنان. في إحدى الحلقات، استضفنا عبد الوهاب أكومي، وتحدث عن هذه الأغنية (بريء)، وتحدث عن أسرار اختياره لكورال نسوي متميز، إذ كان الكورال النسوي قبل تجربة أكومي معروفا في المغرب والمشرق، إلا أن الراحل أولاه أهمية كبيرة في أغنيته، وهذا مرتبط -في ما أعتقد- بتأثره باشتغال المصريين على الكورال النسوي، لهذا اشتغل عليه في أغنية «ما أحلى الربيع وجماله». وما وجبت الإشارة إليه أن عبد الوهاب أكومي يعد من أوائل الفنانين المغاربة الذين هاجروا إلى مصر قبل عبد السلام عامر وعبد الهادي بلخياط وعبد الحي الصقلي، وهذا المعطى أثر على مساره الفني». ويواصل فؤاد الصباحي حديثه عن عبد الوهاب أكومي، قائلا: «هذا الفنان خلف للأغنية المغربية روائع فنية، من بينها أغاني: «مالك حيرانة»، «يا نسيم الروض»، «ما كنت أدري»، «العرش حولك ملتف ومجتمع»، «الأطلس الحر»، وغيرها من الروائع الفنية. أكومي اسم يستحق كل تقدير». وحول ذكرياته مع أغنية «بريء»، يقول كاتبها الشاعر والممثل حمادي التونسي في تصريح ل«المساء»: «لا أتذكر السنة التي كتبتها فيها بالضبط، ما أذكره أني كتبتها في الستينيات، إذ بعد تجربة أغنية «ما أحلى الربيع وجماله» قدمت إليه كلمات أغنية «بريء»، وهذه الأغنية لي معها ذكريات مسرحية، إذ كنت بصدد كتابة مسرحية، وحينما كنت أرسم ملامح إحدى الشخصيات، وهي شخصية بريئة، قلت مع نفسي لماذا لا أكتب نصا شعريا حول البراءة. من هنا جاءت الفكرة، ولا أدري ما إذا كان عبد الوهاب أكومي ركز فيها على الكورال النسوي، ما يمكن أن أقوله هو أنني سمعته يغني بشكل فردي، أما الكورال النسوي فكان في أغنية «ما أحلى الربيع وجماله»». تقول كلمات الأغنية: بريء وقلبي قاسي على حبي وناسي أنا حبك ما نسيتو... والليل والنجوم حراسي وقلبي ينادي بريء... بريء... بريء بريء أنت ظالم ومشربني كأس آلامي ودمعي على الخد هايم يصور لي أحلامي ودمعي ينادي... بريء، بريء، بريء عذاب حبك يحلا لي، مادام رسمك في بالي وبعدك عندي يا غالي سر إلهامي وخيالي وأنا يا ناس هويت وكاسو بيدي هديتو وقلبي ينادي بريء، بريء، بريء... ويضيف حمادي التونسي: «هذه الأغنية تنتمي إلى الريبرطوار الفني الطويل الذي شكلته الأسماء الكبيرة، إذ إنني اشتغلت مع الراشدي في أغنية «ناديني يا ملكي» التي غناها اسماعيل أحمد، وعملت في أغنية «من غير ميعاد» التي لحنها عبد النبي الجيراري وغنتها بهيجة ادريس، وكتبت العديد من الأغاني، من بينها: «ما بان عليه خير»، «كلميني»، «رضيت يكون وحدو»، «ودعني»، «يا شاغل بالي»، «يا غالي علي»، «عذبوني»، «كان قلبي خالي»، «مخاصمني»، «يا حبيب الروح»، «ودعني»، مكتوب»، «ما أحلى الربيع وجماله»، «الشمس غربات»، «التليفون»...