أبانت الأمطار التي تهاطلت على مدينة الدارالبيضاء في الأيام الأخيرة عن هشاشة البنية التحتية بالمدينة، خاصة المنشآت التي تم استصلاحها مؤخرا مثل نفق الروداني، الذي لم يمض على فتحه أكثر من ثلاثة أشهر، حيث وجد سائقو السيارات والشاحنات صعوبة في المرور بملتقى الروداني وبئر أنزران بعد أن أغلق النفق مع أولى قطرات الغيث. وأكد مصدر «المساء» أن المسؤولين استعانوا بحواجز عبارة عن قمامات الأزبال حيث تم وضعها في مدخل ومخرج النفق لتنبيه مستعملي الطريق. كما تمت الاستعانة برجال الشرطة من أجل منع السيارات من استعمال النفق. وعاش مستعملو النفق الموجود بشارع «لاكورنيش»، بمقربة من مسجد الحسن الثاني، أجواء الاضطراب نفسها بعد أن غمرت المياه النفق. واستغرب البيضاويون هشاشة المشاريع الضخمة التي سرعان ما تتهاوى وتظهر بها شقوق مع بداية كل موسم شتاء، كما هو حال مجموعة من الشوارع والأزقة التي تم ترميمها مؤخرا. وقضى سكان ليساسفة 1 بالحي الحسني بالدارالبيضاء، ليلة رمضانية بيضاء،(ليلة الأربعاء-الخميس الماضية) ليس في الذكر والعبادة بما يليق بالشهر الفضيل، ولكن في التنقيب عن بعض وثائقهم الخاصة التي جرفتها مياه الأمطار الغزيرة، والتي كان حي ليساسفة 1 الأكثر تضررا منها. وتحولت مجموعة من المنازل بالحي المذكور إلى برك عائمة، في حدود الواحدة قبل الفجر، حيث بلغ علو المياه حوالي المتر، والخسائر كانت أكثر فداحة بالنسبة إلى القاطنين بالطابق الأرضي. وحدد المتضررون الخسائر أساسا في الوثائق الخاصة والأغراض الثمينة بالإضافة إلى الأجهزة الإلكترونية والأفرشة. وفي هذا الإطار أكد السكان ل«المساء» أنه تم التخلص من بعض الأفرشة والآلات الإلكترونية التي أتلفتها المياه التي غمرت منازل الحي. وتجند شباب الحي بأنفسهم لفتح قنوات مياه الصرف الصحي التي تم تبليطها بالكامل من طرف الجهات المسؤولة مؤخرا في إطار عملية «التزفيت» التي همت الحي، والتي لم يترك بها ثقب واحد لامتصاص مياه الأمطار، واستغرقت منهم العملية عدة ساعات. واستعان شباب الحي بالفؤوس والآلات الحادة من أجل إحداث ثقوب حتى تتسرب المياه، علما أنه تم إخطار الجهات المسؤولة. تقول حنان، من سكان الحي:«عمال شركة ليديك لم يلتحقوا إلا بعد فوات الأوان، في حدود الثالثة والنصف صباحا، حيث كانت المياه قد غمرت كل المنازل التي توجد في الطابق الأرضي». واستنكر السكان عملية «التزفيت» التي شملت قنوات الصرف الخارجي وكأن الأمطار لن تعاود الهطول من جديد، أو أنها ستشعر المسؤولين بذلك. وبالإضافة إلى خسائر السكان التي حددت في الوثائق الإدارية الخاصة والمدخرات المالية والأفرشة والملابس والآلات الإلكترونية المنزلية، تحولت المواد الغذائية وغيرها بالمحلات التجارية إلى عجائن. يقول صاحب محل تجاري إن سلعا بقيمة ما يقارب خمسة آلاف درهم تحولت إلى عجين، وأنها حصيلة مؤقتة ومرشحة للارتفاع لأنه مازال لم يصل إلى بعض الزوايا بالمحل. كما تكبدت بعض المحلات الخدماتية بفعل الأمطار خسائر مادية كبيرة، حيث كانت فاطمة، صاحبة مقهى انترنيت، ترغد وتزبد بسبب الخسائر التي تكبدتها، إذ أتلفت المياه خمسة حواسيب بالكامل، بالإضافة إلى الهواتف الثابتة التي لم تعد مشغلة، زد على ذلك بعض الأدوات الإلكترونية التي لها ارتباط بالحواسيب. وأضافت أن الأدوات المدرسية التي جلبتها استعدادا للموسم الدراسي كلها أتلفت بفعل المياه. ووصف سكان ليساسفة 1 الإصلاح بالعشوائي لأنه لم يراع المعايير الضرورية، وأن عملية التبليط التي همت الحي ومجاري المياه أيضا خير دليل على السياسة العشوائية التي تسير بها كل المشاريع. وتجدر الإشارة إلى أن عددا من المناطق بالمدينة الاقتصادية أغرقت مثل كاريان الرحامنة، حيث أغرقت المياه أزيد من عشرين منزلا، ودوار الغالية بسيدي مومن ودوار بولحية بسيدي البرنوصي، حيث اختلطت مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي، كما أصبح المرور ببعض الشوارع محفوفا بالخطر بسبب الحفر.