تحت شمس حارقة من أيام رمضان، وقف أحد متضرري شركة «جينرال كنتراكتور المغرب» يحتج بصوت عال: «لقد أصبحت «SDF» (دون سكن قار) بعدما بعت شقة في موقع ممتاز بحي أكدال في الرباط وسددت بثمنها سعر فيلا بمدينة تامسنا وقد وعدتنا كونتراكتور بتسلمها في ماي الماضي بعدما سددت كافة المستحقات المالية، ولكني لا استطيع الآن تسلم مسكني رغم انتهاء الأشغال به لأن الشركة لم تسلمني الفيلا وحتى مسؤولوها لم يعد يرى لهم أثرا»، حالة هذا الرجل مثالٌ صارخ للنتائج الاجتماعية التي أدى إليها توقف الشركة الفرنسية عن إتمام الوحدات السكنية بالمدينةالجديدة، وعدم تسلم المستفيدين البالغ عددهم 3500 أسرة مفاتيح مساكنهم رغم أن الكثير منهم دفعوا ثلثي الثمن المتفق عليه في العقود التي تجمعهم ب «كونتراكتور». معاناة متفاقمة عدم التزام الشركة الفرنسية بالآجال المحددة في بداية الأمر ثم بالآجال التي حددتها بعدما اشتكت من مشاكل مالية تخنقها أدى إلى تفاقم معاناة أصحاب الشقق والفيلات الموعودة، وهي معاناة من جانبين بحيث إن آمالهم في امتلاك سكن يضمن الاستقرار لهم ولأبنائهم دخلت في نفق مظلم لا يلوح فيه أي بصيص من الانفراج، وعلى المستوى المادي تجد الأسر المتضررة نفسها أمام حقيقة صارخة يلخصها رئيس جمعية المتضررين «تامسنا أولاً» بالقول: «كيف يعقل ألا تسلم لنا شققنا وقد سددنا الجزء الأكبر من ثمنها بعد جهد جهيد، وفي الوقت نفسه نستمر في دفع واجب الكراء في المساكن التي نقطن بها حاليا، وبالنسبة إلي فأنا أسدد كل شهر 3000 درهم». رئيس الجمعية، الحسين الحياني، كان يتحدث بتوتر عندما شرع مفتش وزارة الإسكان بجهة الرباطسلا، المكلف بالتحقيق في نازلة إخلال كونتراكتور بالتزاماتها، في توضيح مهمته لجمع من الصحافيين والصحافيات الذين جاؤوا في زيارة إلى أوراش الشركة التي طلب منها إنجاز شقق اجتماعية وشقق اقتصادية وفيلات مقابل تسهيلات في الحصول على عقار الدولة ولكنها أخلفت الوعد والموعد، وفضلت عدم مصارحة المستفيدين ووزارة الإسكان بحقيقة ما تنوي فعله، أو بالأحرى عدم فعله. ضحية أخرى من ضحايا كونتراكتور بتامسنا تعيش حاليا مشاكل عويصة مع زوجها قد تهدد استقرار زواجها بسبب تشبث الزوجة بشراء مسكن في المدينةالجديدة فيما رفض الزوج هذا الاختيار، وزاد الخلاف بينهما بعدما ظهر سراب وعود الشركة التي اختفت عن الأنظار بعدما أسكتت محرك آليات البناء التي علا بعضها الصدأ لطول مكوثها دون اشتغال. مواعيد عرقوبية سعيد، أحد عمال نقل الماء لأوراش البناء بتامسنا وهو في نفس الوقت زبون/ضحية لكونتراكتور، لم يتسلم بدوره محلا تجاريا اشتراه من الشركة بمبلغ 22 مليون سنتيم، سددها على أقساط منذ نونبر 2007، بحيث كان يدفع 5 ملايين ونصف المليون سنتيم كل 3 أشهر، ويقول إن الأشغال بشطر «هبة 5» توقف قبل سنة من الآن، وهو أكبر جزء من أجزاء المساحة الذي كان يفترض أن تسلمه الشركة لأصحاب الشقق، والتي قالت إنها ستسلم الوحدات السكنية في هذا الجزء في أبريل 2010، إلا أن الوضعية التي وقفت عليها «المساء» في عين المكان لا توحي بقرب إنهاء الأشغال في الأجل المذكور، إذ لا يوجد أي عامل في الورش إلا واحد مكلف بالحراسة، سارع إلى الاختفاء عن الأنظار بعدما انتبه إلى حضور الصحافة، قبل أن يعود ليمنع المصورين وأصحاب الكاميرات من دخول الورش المسيج للتصوير عن قرب. زيادة على الإخلال بالتزاماتها، يتهم بعض المتضررين «كونتراكتور» بأنها عدلت التصميم الأولي للشقق، بحيث صارت مساحتها أقل من المقدار المحدد في العقود، كما لم تلتزم بتوفير بعض المرافق داخل الشقة. اللوم أيضا على وزارة احجيرة هذه المشاكل وغيرها تعهد مفتش وزارة الإسكان لجهة الرباطسلا بالتحقيق فيها بكل صرامة، وهو الذي عينه الوزير توفيق احجيرة بعدما زاد عدد الكتابات الصحافية حول الموضوع، وحسب رئيس جمعية «تامسنا أولا» فاللوم أيضا يوجه للوزارة التي استيقظت متأخرة رغم أنه لا يفصل مكتب شركة «العمران تامسنا» التابعة لها عن مكتب كونتراكتور في المدينةالجديدة إلا شارع فقط، و»مع ذلك تصرفت وكأنها لا علم لها بتماطل وتنكر الشركة لوعودها» يضيف الحسين الحياني بنبرة غاضبة، والذي قال إنه لم يكن ليحصل ما حصل لو كانت هناك رقابة وتتبع حقيقيان لوزارة الإسكان لعمل الشركة الفرنسية بهدف حماية حقوق المستفيدين. وزارة احجيرة من جانبها تدافع عن نفسها، وتقول إنها تابعت كل مراحل القضية وعقدت عدة اجتماعات مع ممثل الشركة بالمغرب لإيجاد حل لتأخر هذه الأخيرة عن مواعيد إتمام الوحدات السكنية، قبل أن تقف على حقيقة عدم الوفاء بالتزاماتها، آخرها أنها ستستأنف الأشغال في الشطر الأول في يوليوز الماضي وتنتهي منها في دجنبر 2009، فوجهت شركة «العمران تامسنا»مراسلات تحذيرية إلى كونتراكتور قبل أسابيع من الآن، وفسخت عقود البيع التي تربطها بها وسحبت منها الأراضي التي تفوتها إليها أو التي كان مقررا أن تفوت إليها.