«يا بنت الناس أنا فقير ودراهم يومي معدودة إنما عندي قلب كبير وبحر شطآنو ممدودة فايض بالمحبة والخير وبوابو ما هي مسدودة وعليها واقف عساس وفهميني فهميني يا بنت الناس يا بنت الناس العش خضار وبيدي أنا بانيه غدا بإذن ربي يعمر سبحانه الأمر بين إيديه إذا راد الخبزة تكبر وكرم الله تشوفيه واياك تقر عينيه العش خضار العش خضار يابنت الناس» هي الأغنية التي يعشقها المغاربة ويرددها الجزائريون والتونسيون في أفراحهم وجلساتهم الخاصة، هي الأغنية التي جمعت الثلاثي الشهير (عبد الهادي بلخياط، عبد القادر وهبي، علي الحداني)، هي «بنت الناس» التي منحت لعبد الهادي بلخياط شهرة الأغنية الزجلية، وانتمت إلى زمن «ما تاقش بيا» و«يا داك الإنسان» و«الصنارة»... وعلى الرغم من كون هذه الأغنية التصقت بالفنان عبد الهادي بلخياط، فإنه كان من الممكن أن تأخذ مسارا فنيا آخر وأن تغنى بأسلوب آخر وبصوت مختلف، إذ كانت ستغنى على شكل مونولوج بصوت الممثل المحجوب الراجي. عن هذه الفكرة، يقول الراجي في تصريح ل«المساء»: «أعتقد أن الأمر حدث قبل 11 أو 12 سنة خلت، فقد كان هناك مشروع مع الزجال الراحل علي الحداني مضمونه أن نشتغل على أغنية «بنت الناس» كمونولوج تلفزيوني تماشيا مع الأعمال التي عملت فيها، إذ بدأت في تلك اللحظة العمل على المونولوج، ودخلنا في بعض التفاصيل، وكلف عبد القادر وهبي باللحن، إلا أنه بمجرد ما استمع إليها عبد الهادي بلخياط، أعجب بها، فغناها وأبدع فيها وسمعها وحفظها الجمهور بصوته. «هذا المونولوج كان سيكرس عملي على المونولوج، إذ سبق لي أن كتبت ولحنت وغنيت العديد منها، وأخص بالذكر «الحمام» الذي يعد أول مونولوج أقدمه إلى الجمهور المغربي سنة 1980، وهو المونولوج الذي كنت قد كتبته ولحنه عبد الرحيم أمين، ومونولوج «كلها وحالو»؛ كما تعاملت مع الطاهر سباطة في أعمال أخرى، من بينها: «أنا صياد ابن بحري» و«التبركيك»،... هذا دون نسيان الإشارة إلى أدائي لمونولوج «عندي طاقية» الذي أديته في مسرحية «الناعورة» ما بين سنتي 1971 و1972. من جهة أخرى، يجب ألا نعزل هذا اللون الفني عن الفعل المسرحي الذي ظهرت به وسرت فيه مسارا طويلا ابتدأ سنة 1959 من خلال اشتغالي في مسرحية «البايرة» مع فرقة الجندي رفقة الدغمي، الغزالي، عبد العزيز المحمدي، فاطمة الراوي وأسماء أخرى، قبل الالتحاق بفرقة «معمورة» التي تلتها سنة 1962 تجربة فرقة الإذاعة الوطنية. وفي مساري المسرحي، اشتغلت مع فرقة الجندي في مسرحيات «خالتي راضية»، «الوحش» و«الحقيقة ماتت»، وعملت مع فرقة معمورة في مسرحيات «عطيل»، «الشرع اعطانا ربعة»، «الضياف»... وفي تعليقه على تجربته في هذه الأغنية، قال عبد القادر وهبي، في تصريح ل«المساء: «هذه الأغنية سبقت تجارب كثيرة، جمعتني بعبد الهادي بلخياط، أدت إلى إنتاج 13 أغنية، من بينها «الصبر تقادا»، «عوام»، «كيف يدير يا سيدي»، «كون على بال»، «تعلمت يا قلبي»،... قبل أن تأتي تجربة «يا بنت الناس». ومن الأشياء التي تميز هذه الأغنية أنها استطاعت أن تتجاوز الحدود المغربية، إذ يرددها التونسيون في العديد من المناسبات، فضلا عن تعلق المغاربة بها بشكل كبير. وأعتقد أن الفنان عبد الهادي بلخياط أداها بشكل جيد واستطاع أن يعطيها كل ما تستحقه من إحساس فني وقدرة على الذيوع والانتشار من خلال احتلالها لوجدان كل من يسمعها منذ أول مرة. أما الحديث حول كون المحجوب الراجي كان سيغني هذه القطعة، فهذا أمر أجهله تماما، فقد يكون علي الحداني ناقش الراجي في هذا الموضوع، إلا أنه لا علم بمدى صحة هذا النقاش، مع الإشارة إلى أن بعض كتاب الكلمات يعمدون إلى منح الأغنية لأكثر من ملحن، وهذا يفرز، في بعض الأحيان، مشاكل حول هذه الأغنية».