هي ذكريات من الزمن الجميل الذي احتضن فيه درب السلطان أبناءه المشاهير، عشاق الكرة ( الأب جيكو، بيتشو، الظلمي، الحداوي، اسحيتة، بتي عمر، الحمراوي...) وهي الذكريات التي أهدى فيها هذا الحي الشعبي الفقير أجمل الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية التي أبدعها في زمن بيضاوي جميل أبناء من تاريخ عصفور، ثريا جبران، عبد العظيم الشناوي، محمد التسولي، عبد القادر مطاع، سعاد صابر، مصطفى الزعري، الحاجة الحمداوية، مصطفى الداسوكين، عبد القادر وعبد الرزاق البدوي، عبد اللطيف هلال، مصطفى التومي، عائد موهوب، أحمد الصعري، الشعيبية العدراوي... هو درب السلطان الحي الذي احتضن طفولة عبد اللطيف السملالي وسعيد السعدي الوزير الأسبق للأسرة والتضامن...، ومنح للتاريخ مناضلين يشهد شارع الفداء الشهير على تضحياتهم. «حلاق درب الفقراء» ذكرى من ذكريات السينما المغربية مجسدة في المخرج الراحل محمد الركاب. هو صور لذلك الحي الذي جمع ذات زمن جميل بيتشو واسحيتة ومحمد حوراني ومحمد الطوزي وحسن رشيق... من درب السلطان انطلق الهوس السينمائي الخاص بالركاب ليصل إلى كل المغاربة، هناك عاش وتربى وخبر الحياة في هذا الحي الفقير. عاش الركاب ومات عاشقا ومتعلقا بهذا الحي. عن هذه العلاقة الخاصة، يقول يونس الركاب في بوح ل«المساء»: «للأسف أنني لم أعش معه في هذا الحي، إلا أنني كنت أرافقه كل جمعة لدرب السلطان، لمنزل العائلة الكائن قرب سينما «الملكي» الشهيرة هناك ربط علاقات طفولية مع أبناء هذا الحي، علاقات ربطته مع فنانين ورياضيين وسياسيين ومن الذكريات التي أتذكرها أنه كان يحكي عن طفولته في هذا الحي، ويحكي عن اللاعبين الرجاويين الذين كانوا يعيشون في درب السلطان، فقد كان محبا للرجاء ومن الذكريات التي كان يرويها أنه في طفولته كان من جمهور وعشاق شيخ السينما المغربية محمد عصفور الذي كان أول من اشتغل على السينما في المغرب، لهذا فقد كان والدي يحاول أن يقلده ويسأله عن بعض التفاصيل التقنية في التصوير داخل الكاراج الذي يعرض فيه الأفلام السينمائية ومن طول ارتياده محل عصفور الكائن قرب سينما الكواكب بدرب السلطان تقوى هذا العشق السينمائي، وشاءت الصدف أن يخصص أولى حلقات برنامج «بصمات» رفقة الناقد مصطفى المسناوي للسينمائي الراحل محمد عصفور عرف فيه بالمسار السينمائي لهذا المخرج السينمائي الكبير». عشق محمد الركاب درب السلطان وتعلق به تكرس في التحفة السينمائية «حلاق درب الفقراء»: «رغم أنني كنت صغيرا حينما صور هذا الفيلم، فإنني أحفظ بعض أسراره، من بينها أن والدي بعد عودته من الاتحاد السوفياتي، وبعد خوضه لتجربة «رماد الزريبة» عاد الركاب إلى درب السلطان، وتأمل في واقعه وتناقضاته، فقرر أن ينقل أحاسيسه وذكرياته للجمهور المغربي عبر شخصيات فيلم «حلاق درب الفقراء» في قالب سينمائي واقعي وصادم. في سنة 1981، وأنا طفل صغير أتذكر صور محمد الحبشي، صلاح الدين بنموسى، عبد اللطيف الخمولي، مصطفى سلمات وعمر شنبوط.. أتذكر لحظات تصويرهم في حي درب الفقراء، حي البلدية وقهوة الوطن الشهيرة». ويضيف يونس الركاب: «للأسف أنني لم أشتغل معه، إلا أنني كنت أعرف أنه مخرج محترف يختار الكاستنيغ بكل دقة، ويختار الممثل لدوره دون غيره، وهذا مرتبط بتكوينه السينمائي في الخارج، ومشاركته في تأسيس بعض النوادي السينمائية رفقة سعد الشرايبي ومصطفى الدرقاوي، مع الإشارة إلى أنه اشتغل في المساعدة على الإخراج مع حميد بنشريف في ريجي3 والكاميرا تتحرك، وشكل رفقة الزياني وبنشريف ثلاثيا شهيرا اشتغل في العديد من الأعمال الناجحة، ومن الأشياء التي أفتخر بها هي أنني عشت وسط الكاميرا، وعشقتها منذ طفولتي، قبل أن أدق باب المجال الفني من خلال اشتغالي كمتدرب على الكاميرا في سلسلة «أنا وامراتي ونسابي»، ولينطلق بعد ذلك مسار إخراج الأفلام السينمائية القصيرة(خويا، مصير عائلة، منتصف الليل، سطور...) والأفلام التلفزيونية التي صورت آخرها قبل مدة بعنوان «ولاد البحر» للقناة الأولى». وليونس الركاب ذكرياته الخاصة بحي درب السلطان، يقول عنها: «ما أتذكره جيدا أن إضراب 1981 وجدني في درب السلطان، هو الحي الذي كانت فيه المواجهات قوية، هذه اللحظة الحاسمة عشتها، إذ أتذكر صورة الدبابات والعسكر، وهذا مشهد غريب، ولم يكن لي أن أعيشه في منطقة مرس السلطان (وسط المدينة) التي كنت أعيشها في درب السلطان، وعلى الرغم من الخطر الذي دام الأيام لم نعد إلى منزلنا، وبقينا في هذا الحي، والأكثر خطورة أننا كنا نتابع ما يحدث من السطوح دون خوف من رصاصة مقصودة أو طائشة».