تفتح «المساء» صفحاتها خلال شهر رمضان لوجوه رياضية طالها الإهمال، لأسماء كبيرة صنعت يوما مجد الرياضة، وتعيش الآن كل أنواع التهميش، وتدعو كل القراء الكرام ليتذكروا بعض الرياضيين الذين طواهم النسيان، ويعيشون الآن في أوضاع مزرية بعد نهاية مسارهم الرياضي، حيث حجم الفارق كبير بين البداية والنهاية. ارتبط اسم المحمدية بلاعبين موهوبين تحفظهم الذاكرة الرياضية عن ظهر قلب، وتسكن أسماؤهم سجل الخلود.. كان فرس واحدا من نجوم المرحلة الزاهية لكرة القدم في مدينة الزهور. ومع صاحب الكرة الذهبية، نجم كل الأوقات كانت هناك أسماء أخرى تشكل نسيج فريق كبير يسمى شباب المحمدية.. فكلكم تعرفون فرس، عسيلة، الرعد، ومجموعة لاعبين حولوا أنظار كل المتتبعين إلى مدينة المحمدية حيث كانت الفرجة العنوان البارز في مسار رياضي تنافسي يغري بالمتابعة.. كان أحمد الدلاحي”كلاوة” واحدا من نجوم المرحلة، دافع بقوة، كان صمام الأمان وسط فريق متكامل.. ازداد كلاوة سنة 1951 في وسط رياضي يتنفس عبق الكرة، مارس الكرة في أزقة المحمدية قبل أن ينتقل إلى فريق الشباب، تعلم داخله أبجديات الكرة، وكانت بدايته على مستوى قسم الكبار سنة 1973 رفقة الجيل الذهبي. «التحقت بفريق شباب المحمدية، جاورت لاعبين مميزين تفخر بهم الرياضة الوطنية، كان التنافس كبيرا في بطولة وطنية تزخر آنذاك بأسماء لامعة، وبأندية قوية تحول نهاية الأسبوع إلى عيد رياضي يحتفل به الجمهور المغربي في كافة المدن المغربية، كنا نبلل القميص عرقا حبا في القميص ليس إلا، لم نكن نهتم بالجانب المادي كثيرا، كان همنا أولا أن نرضي جمهورا عاشقا يقتطع من مصروفه اليومي ليحضر مباريات البطولة كل نهاية أسبوع، لقد كانت أكبر منحة نتلقاها هي تصفيقات الجمهور وحبه الكبير». مع شباب المحمدية، أدرك كلاوة أن الفوز بالألقاب مع النادي يخلد اسم اللاعب، ويمنحه قوة أخرى من أجل التنافس الشديد، وأن جيلا من المبدعين لا بد وأن يدخل سجل الألقاب الوطنية. «داخل شباب المحمدية، كنا نعرف أننا نملك الفريق الكبير الذي بإمكانه التنافس على أكثر من لقب، كنا نفخر جميعا بتركيبة بشرية منسجمة، أصبح الجمهور الرياضي المغربي يعشقها بجنون، وبفضل عزم كل اللاعبين فزنا بكأس العرش سنة 1975 وكأس الصحراء في نفس السنة، وحققنا الفوز باللقب سنة 1982 ولعبنا قبلها نهاية رائعة لكأس العرش سنة 1979 ، وشكلنا منافسا عنيدا لكل الأندية». كلاوة، كان لا بد له أن يعيش تجربة رائعة، انتقل إلى الفترة الموالية، استطاع أن يكسب رسميته مع المنتخب الوطني وكان واحدا من النجوم الذين حققوا الإنجاز التاريخي الوحيد الذي يسكن رف الخلود في خزانة الرياضة الوطنية، فاز بكأس إفريقيا سنة 1976، وكان المنتخب المغربي يومها يتألف من عناصر فاعلة داخل شباب المحمدية. ويختصر كلاوة لحظات التألق في بضع كلمات. «لن أنسى أبدا الإنجاز التاريخي الذي حققه منتخب 1976، لن أنسى أننا حملنا إلى المغرب كأسا إفريقية، للأسف الشديد تبقى الوحيدة في سجل الرياضة الوطنية، كانت الثقة كبيرة، وكان كل لاعب يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، أردنا أن ننقل الفرح إلى كل مدننا المغربية، وكان النصر خلاصة منطقية لعمل جاد، أذكر أنني كنت ساعتها مكلفا بحراسة» «بتي سوري» واحد من أخطر لاعبي المنتخب الغيني، كما كان لي شرف المشاركة والفوز بالبطولة العربية في سوريا، لقد كان مسارا رياضيا حافلا بالإنجازات. عانى اللاعب كلاوة من إصابة في الركبة أرغمته على الابتعاد عن ميادين التباري، انتقل بعد سنوات التألق من فريق شباب المحمدية إلى غريمه التقليدي الإتحاد، لعب له سبع سنوات قبل أن ينهي موسمه على إيقاع الإصابة في الركبة. «من شباب المحمدية إلى فريق الإتحاد عشت تجربة أخرى، كان ديربي فضالة يأخذ أحجاما كبيرة، يجلب العديد من الجماهير الرياضية، لقد كانت الكرة في مدينة المحمدية قد بلغت أوجها، وأتألم الآن للوضع الذي تعيشه أندية المحمدية التي أصبحت تصارع فقط من أجل البقاء في القسم الثاني، لم يعد الحلم بالألقاب مشروعا، في مدينة تعودت أن تهدينا باستمرار نجوما بالفطرة». وفي نهاية مساره الرياضي يجد كلاوة نفسه يعيش وضعا اجتماعيا صعبا، لم تمنحه كرة القدم شيئا آخر غير حب الناس، لم يستفد ماديا كباقي اللاعبين، يعمل “مقدم” في إحدى المقاطعات، ويساعد مدرب إتحاد المحمدية من أجل التغلب على مصاريف المأكل والمسكن، يكتري الرجل منزلا ب 1200 درهم، مع أسرة تتكون من زوجة وثلاثة أبناء أكبرهم يبلغ من العمر عشرين سنة، وفي الذاكرة يمتزج سحر الفوز بكأس إفريقيا، بألم الوضع الاجتماعي الحالي.