بخلاف التوقعات التي أشارت إلى ترقب ارتفاع كبير في أسعار السردين خلال شهر رمضان لتبلغ 20 درهما، عرفت أثمنة هذا النوع، الأكثر استهلاكا من بين كل الأصناف السمكية لدى الأسر المغربية، انخفاضا خلال الأيام الأولى من الشهر الفضيل لتتراوح في المناطق الشمالية للمغرب بين 10 و15 درهم للكيلوغرام الواحد حسب عبد الخالق جيخ رئيس اتحاد جمعيات الصيد الساحلي، ويقل الثمن في المناطق الجنوبية إلى أقل من 10 دراهم في مدن كأكادير والعيون وباقي المدن الساحلية الصحراوية. هذا التطور غير المتوقع في أسعار السردين التي تعرف في العادة ارتفاعا صاروخيا خلال شهر رمضان بغض النظر عن وفرة الأسماك أو شحها، وذلك بسبب ارتفاع الطلب خلال شهر الصيام وقيام الوسطاء برفع الأسعار بشكل كبير حتى وإن توفرت المادة السمكية. ويرجع عبد الخالق عدم ارتفاع أسعار السردين بشكل كبير إلى توفر الأسماك بوفرة في مختلف الموانئ المغربية، بالنظر إلى أن الفترة الحالية هي ذروة موسم صيد السردين والذي ينطلق من شهر يونيو وينتهي في شهر دجنبر، ولم يتحقق عدم ارتفاع الأسعار كثيرا بفضل يقظة مصالح السلطات الحكومية حسب المصدر نفسه، والتي تعهدت بالحرص على مراقبة أسعار المواد الأكثر استهلاكا في رمضان للحرص على تموين عادي للأسواق. وأضاف أن قوارب وسفن صيد السردين تغادر عادة الموانئ وترجع إليها في أقل من 24 ساعة، وهو ما يتيح تدفق دائم لهذا الصنف السمكي، الذي يعد أرخص الأصناف، بحيث تغادر القوارب في العادة في 6 مساء وترجع في الثامنة صباحا أو في الثالثة من بعد الزوال على أبعد تقدير. وحسب المتحدث نفسه فإن ثقافة الاستهلاك تجاه السردين وطبيعة الثروة السمكية التي تختلف بين شمال المغرب وجنوبه تعكس نوعين من الاستهلاك لسمك السردين، بين مدن الشمال انطلاقا من موانئ الجبهة وراس الما والحسيمة إلى غاية ميناء الجديدة والتي تتميز باستهلاك كبير للسمك عموما من لدن الأسر المغربية، وبالتالي ترتفع أسعارها مقارنة بمدن الجنوب كأكادير والعيون التي تتوفر فيها أنواع سمكية متعددة من أسماك العمق إلى جانب الأسماك السطحية الأكثر تداولا والأقل ثمنا والتي يستهلك سكانها السمك بشكل أقل مقارنة بسكان المناطق الشمالية، ويتراوح ثمن السردين في مدينة أكادير حاليا بين 3 إلى 7 دراهم. كما أن ثمة فارقا بين المناطق الشمالية والجنوبية للمغرب في العوامل المتحكمة في تحديد أسعار سمك السردين، ففي المناطق الشمالية تخضع الأسعار لمنطق العرض والطلب بشكل كلي بحيث إن الكمية السمكية تستعمل أساسا في الاستهلاك المباشر، في حين أن أسعار السردين في مدن أسفي وأكادير وغيرها من المدن التي تتوفر على مصانع لمعالجة السمك سواء للتصبير أو صنع دقيق أو زيت السمك تخضع لما يعرف بالاتفاق المسبق على مستوى معين لسعر السردين بين المجهزين وأرباب المصانع، وهو اتفاق الغرض منه الحفاظ على مصالح كلا الطرفين رغم أنه يخالف قانون الأسعار والمنافسة الصادر في سنة 2000.