تشهد «الدفاتر الذهبية» التي تتوفر عليها أغلب الفنادق المصنفة على مراحل تاريخية مهمة عاشها هذا الفندق أو ذاك، من خلال احتضانها لحدث تاريخي ما، أو من خلال استقبالها لشخصيات طبعت بصمتها في مجال من المجالات سواء السياسية، الاقتصادية، الرياضية أو الفنية، هاته الشخصيات التي لم تبخل بتسطير بعض الكلمات على صفحات هذه الدفاتر التي نحاول القيام بإطلالة عليها وتقديم مضمونها للقارئ. توقيعات الفنانين في الدفتر الذهبي لفندق المنزه تتراوح بين توقيعات فنانين مغاربة، وهم قلة، وبين توقيعات فنانين عرب، وبين توقيعات فنانين أجانب. عمليا، يمكن اعتبار توقيع الممثل الشهير جان كلود فان دام الأشهر فنيا من بين التوقيعات الموجودة في الدفتر الحالي. فان دام، في توقيعه، أبان عن موهبة لافتة في الرسم، لأنه وضع على الصفحة المقابلة لتوقيعه صورة كبيرة له بالأبيض والأسود وهو يمتطي دراجة نارية ويرتدي سترة جلدية سوداء، من تلك التي يفضل ارتداءها في كثير من أفلامه، ويخفي عينيه تحت نظارات سوداء. هذه الصورة يبدو أن الممثل اختارها بعناية، ووضع فوقها توقيعه، وعلى الصفحة المقابلة، رسم فان دام صورة احتلت كل الصفحة البيضاء لرجل بعضلات مفتولة وعيون جاحظة مع عبارة بالإنجليزية تقول «لقد استمتعت بالإقامة بينكم». يبدو أن فان دام رسم نفسه وعبر عن مشاعره بهذه الطريقة، وهو الذي حظي سنة 1997 باستقبال لافت في طنجة عندما كان يصور أحد أشهر أفلامه، وبقي في المدينة لأيام طويلة وكان الكثير من الشباب يتجمعون كل مساء أمام فندق «المنزه» ليلتقطوا معه صورا أو ليتجاذبوا معه أطراف الحديث، والذين التقوا فان دام في تلك الأيام يقولون إنه ممثل على قدر كبير من التواضع وخفة الدم، وإنهم لم يحسوا لحظة بتلك العجرفة التي غالبا ما يبديها في أفلامه. بعد أن غادر فان دام طنجة، توجه نحو ورزازات، حيث أكمل تصوير فيلمه، وذهب معه العشرات من شباب طنجة الذين لعبوا في الفيلم أدوارا مختلفة، بداية من الكومبارس وانتهاء بأدوار جنود يشاركون في حرب طنجة خلال الحرب العالمية الثانية. ومن بين ما تركه فان دام في فندق المنزه، بالإضافة إلى توقيعه في الدفتر الذهبي، صورة له معلقة على الجدار وعليها عبارة بالعربية كتبها بنفسه تقول «شكرا كبيرا». ربما أراد أن يقول شكرا جزيلا. هناك فنان آخر وقع في الدفتر الذهبي ل«المنزه»، وهو الممثل الكوميدي المغربي الفرنسي جاد المالح، الذي يبدو في صورته بالدفتر أكثر شبابا. المالح كتب عبارة بالفرنسية تقول «بضعة أيام في فندق المنزه هي عودة إلى الجذور والواقع، واقعي أنا. شكرا على هذه اللحظات الجميلة من الأمن والراحة». جاد المالح، المنتمي إلى الطائفة اليهودية المغربية، غادر المغرب وهو في السابعة عشرة من عمره نحو كندا للدراسة، ثم توجه بعد ذلك إلى فرنسا، وهناك استقر، واليوم أصبح واحدا من أشهر الممثلين الكوميديين في العالم، وهو يحيي باستمرار سهرات في المغرب. غير بعيد عن توقيع المالح يوجد توقيع المغني الجزائري الشاب مامي، الذي يلقبونه بأمير الراي. الشاب مامي وضع صورة له على اليمين، وهي صورة تشبه تلك الصور التي يضعها على ألبوماته الغنائية، وعلى اليسار عبارة قصيرة بالفرنسية تقول «شكرا لطاقم الفندق على استقباله»، وتاريخ التوقيع هو 29 غشت 1997. بعد حوالي سبع سنوات من وجوده في طنجة، سيكون الشاب مامي على موعد مع عدد من المتاعب القضائية في فرنسا، والتي ابتدأت حين اتهمته فتاة جزائرية بمحاولة إرغامها على الإجهاض بعد أن كانت رفيقة له لبعض الوقت، وهو ما أدى إلى القبض عليه وبقي مدة في السجن، قبل أن يفر إلى الجزائر بعد الإفراج عنه بكفالة وصلت إلى 200 ألف أورو، وهناك بقي لسنتين قبل أن يعود مجددا إلى فرنسا ويلقى عليه القبض من جديد. الفنانون المصريون موجودون بقوة على الدفتر الذهبي للفندق. حسين فهمي وضع صورتين له على صفحة اليسار، إحداها التقطت له وهو يوقع، وكتب بالعربية وبخط عريض عبارة تقول «إلى أعزائي العاملين في فندق «المنزه».. لكم كل حبي وشكري على اهتمامكم بي في فترة إقامتي». التاريخ: 5 غشت 1997. قرب توقيع حسين فهمي يوجد توقيع ممثل مصري آخر هو عزت العلايلي، الذي كتب عبارة مقتضبة، بالعربية طبعا وبخط عريض، وصورة له وهو يفكر. الممثل محمود حميدة كتب عبارة شبه رسمية تقول: «السادة الملاك والسادة العاملون بفندق المنزه.. أود هنا أن أسجل في أول حضور لي إلى هذه المدينة الساحرة طنجة إعجابي وشكري لحسن استقبالكم». الفنان السوري دريد لحام موجود في الدفتر الذهبي عبر توقيع بخط جميل وعبارات متناسقة. على صفحة اليسار صورة للحام بربطة عنق وابتسامة هادئة. يقول توقيع دريد لحام: «في هذا الفندق الجميل الذي يجمع روعة الماضي مع الحاضر، أحس أنني في بيتي الذي أحبه نتيجة لحسن استقبالكم وكرم ضيافتكم». تاريخ التوقيع: 13 نوفمبر 1999.