في العالم الفسيح لجالية المهجر، تتناسل الأنشطة والمبادرات. بعضها نظم وينظم في الخارج، والبعض الآخر رافق عودة عمال المهجر إلى الداخل. في 27 يونيو، بادر البنك الشعبي، فرع أوربا، إلى تنظيم دوري أوربي لكرة القدم للفرق المغربية بالخارج. وقد فاز بالدوري فريق الهلال الرياضي المغربي لمدينة بيرغم، الواقعة بالقرب من كولونيا. في منتصف يوليوز، قدم المجلس الاستشاري للجالية المغربية بالخارج، خلال ندوة صحافية بالدار البيضاء، نتائج الإحصاء الذي أنجزه معهد BVA لصالحه والذي وفر لأول مرة مقاربة لتوجهات وطموحات المغاربة في ست دول أوربية. من الرابع غشت إلى التاسع منه، انطلقت، تحت إشراف الوزارة المكلفة بالجالية المقيمة بالخارج، الدورة السادسة لطواف مغاربة العالم على الأوراش الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لإحدى عشرة مدينة مغربية. في التاسع من غشت، عَقدت بالدار البيضاء فعالياتٌ مغربية مقيمة بالخارج مناظرةً وطنية أطلقت على إثرها مبادرة تأسيس «حركة المغاربة الديمقراطيين المقيمين بالخارج». في العاشر من نفس الشهر، نُظم، بإشراف من الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، المنتدى الدولي للجمعيات المغربية المقيمة بالخارج والعاملة في مجال التنمية. بالنظر إلى هذه الأنشطة والفعاليات، يمكن القول إن جالية المهجر هي قيد خلق شفافية داخل البلاد وخارجها حول أوضاعها وطموحاتها. لكن إن «حكينا» قليلا مظاهر بعض هذه الفعاليات فإننا سنكتشف أنها بغاية «الزواق» و«الريكلام» الذاتي لهذه المؤسسة أو تلك الوزارة. في ما يخص دوري كرة القدم، فالبنك الشعبي ما خصو صداع راس مع الثقافة. الكرة للجميع ونخرجو من باب واسع. في ما يتعلق ب«الرايد»، تحيل الحمولة الرمزية للكلمة على «حايحة» إيكزوتيكية، تغلب المظهر السياحي على النشاط الاستكشافي والبيداغوجي... اختير عدد من الأشخاص (لا علم لنا بمقاييس الاختيار)، وعلى متن سيارات تاتعيط يا ليل (من نوع مرسيديس، كات كات،.. إلخ)، للقيام بطواف مريح ومكيف وكاميرات الأولى والثانية «حاطة العين عليهم»، في كل النشرات. ولربما أهم فقرة في هذا البرنامج هي توزيع القافلة للأدوية. طبعا، لا نريد لصورة عمالنا أن تبقى لصيقة سيارات بيجو أو رونو أو زيارة الأضرحة والسادات لدى عودتهم إلى البلاد. غير أن التغطية المبالغ فيها لهذه الجولة للتعريف بأوراش عِقد من الإنجازات، تحت حكم الملك محمد السادس، لا تحتاج إلى تضخيم من هذا القبيل. مغاربة المهجر هم أول من يقف لدى عودتهم إلى البلاد على التغيرات والثغرات والانحسارات. والتعامل معهم كما لو كانوا جمعية أجنبية تزور المغرب للمرة الأولى هو، إلى حد ما، «صبينتهم». في ما يتعلق بالمناظرة التي عقدت بالرباط، بتنظيم من جمعية «وصل»، يبقى بيت القصيد فيها هو إطلاق مبادرة «حركة المغاربة الديمقراطيين المقيمين بالخارج»، وذلك بغية تقليص «التهميش» الذي يطال، كما أشار إلى ذلك جمال ريان، الناطق الرسمي باسم الحركة، جزءا من الدياسبورا المغربية من طرف مجلس الجالية المغربية بالخارج. إن اتكأنا على هذا المعطى، هل الهدف من هذه المبادرة هو خلق بنية بديلة للمجلس؟ ثم ما موقف هذه الحركة من الوزارة ذاتها التي افتتح محمد عامر أشغالها؟ هل هي راضية على سياسة هذه الأخيرة وإنجازاتها في المجال الذي يهم اختصاصاتها؟ للملاحظة، فالسيد محمد عامر شخص فائق النشاط وراء المايكروفونات وكاميرات التلفزيون، فيما نود أن نراه أكثر على جبهة النار لما تحل مصيبة بعائلات مغربية، مثل ما وقع للعائلة المغربية بمدينة مانت لاجولي أو حين لا تقدر عائلات في المهجر على إرسال أطفالها في عطلة الصيف، أو لما يرجع المهاجرون إلى المغرب كسيري الخاطر للبحث عن العمل وغيرها من الأنشطة العملية. يبقى السؤال في ظل هذه المستجدات هو: هل نحن اليوم على مشارف تشرذم من نوع جديد داخل المؤسسات التمثيلية لعمال المهجر والتي يقارب عددها 2500 جمعية.. الكثير منها اسم على غير مسمى؟ أملنا ألا يحدث ذلك. لأنه إن فرطنا في الرهانات المستقبلية التي تطرحها أوضاع الجالية، فإننا سنتأخر عن الموعد ولن تقبل منا شكاية.