لم تتخيل عائلة كاردوزو البريطانية أن مغامرتها بعبور مضيق جبل طارق ستنجح وسط متابعة إعلامية دولية منقطعة النظير وسيصلون سالمين إلى الضفة الإفريقية المقابلة لجبل طارق بسلام. أعد جيلو كاردوزو وأشقاؤه العدة اللازمة للسفر من مونت كارلو إلى المغرب، وهم يضعون نصب أعينهم تحقيق رقم قياسي عالمي لأطول رحلة شراعية تعبر البحر الأبيض المتوسط بمسافة تجاوزت 1.242 ميل لمدة 15 يوما. استخدم الفريق 12 لوحا لاستقبال الطاقة الشمسية، وجهزوا المراكب بثلاث بطاريات ضخمة من مادتي الليتيوم والبوليمير المقاومة للضغط المائي. ورافق ربَّانُ طائرة صغيرة البحارة المغامرين وغطت مساحة 130 ميلا على ارتفاع 5000 قدم من البحر. غادر أفراد عائلة كاردوزو بيتهم الواقع في مدينة «مير» بمقاطعة «ويلتس» الإنجليزية رفقة عدد من الأصدقاء بعد وصول شحنة القوارب الشراعية من ألمانيا، واستعد أفراد من العائلة لمتابعة الرحلة عبر سياراتهم للاقتراب من المشاركين وتشجيعهم في مغامرتهم. ضم فريق المغامرين كلا من جيلو كاردوزو وأشقائه كوسمو وداميان وابنته تيلي التي تبلغ من العمر 17 سنة، إضافة إلى خمسة ربابنة بحارة. «بعد أن تعرض ثلاثة من أبنائي إلى مرض «أتاكسيا» الذي يصيب الأعصاب، قررت مع زوجتي وأشقائي أن نقوم برحلة غير مسبوقة لكي نجمع التبرعات لمساندة الأطفال في وضعية صعبة في إنجلترا والمغرب» يقول داميان في تصريح صحافي لجريدة «الدايلي ميرور». يسير الطفل المصاب بالأتاكسيا بطريقة متعثرة، ويصاحب ذلك ضعف في العضلات، وحركات زائغة في العينين، مع تلعثم وصعوبة في النطق، إضافة إلى اختلال في التوازن والإحساس والمشكلة تكون حسب المختصين في المخيخ، بمعنى عيوب خلقية في تكوين المخيخ، وهنا يظهر المرض مبكرا، بمجرد محاولة الطفل المشي. لم تكن الرحلة ممتعة للمبحرين الإنجليز، فقد تعرضت المراكب الشراعية بعد مغادرة فرنسا لرياح عاصفة جعلت صواريها تتمزق من شدة الضغط الجوي الهائل الذي تعرضت له، ليتوقف الفريق عن الإبحار لمدة يومين من أجل إصلاحها واستبدالها بأخرى جديدة. ساعدت أجهزة الرصد البحري المعززة بنظام «جي.بي.إر.إس» في تحديد العقدة البحرية لمسار الرحلة، وهو ما ساهم في إسعاف أحد الربابنة تعرض لكسر في القدم ونُقل جوا عبر مروحية بريطانية لتقديم العلاجات إليه. لا يخفي داميان أن كل يوم في الرحلة شكل بالنسبة إليهم مغامرة حقيقية. ولم يأبهوا بتغير الطقس، كما أن اتجاه الريح ساعدهم في تحريك القوارب بسرعة فاقت 40 كيلومترا في الساعة. ويضيف داميان: «كانت لدينا مخاوف من مضيق جبل طارق المعروف بتياراته البحرية القوية، لكن الجو في ذلك اليوم كان صحوا ونجحنا في اختصار المسافة والوصول في الموعد الذي خططنا له». ظلت أسرة كاردوزو تتابع، بقلق، تفاصيل الرحلة على اليابسة، وتركزت مخاوفها على إمكانية تعطل أحد الصواري أو تلف أجهزة الاتصال المجهزة بلوحات للطاقة الشمسية. نجح الفريق في مهمته واستطاع جمع مبلغ 10 آلاف جنيه استرليني ستقوم بتوزيعها على العديد من الجمعيات المساندة للأطفال في وضعية صعبة..