يزخر أرشيف الشرطة القضائية بالملفات والحوادث التي انتهت بعدد من المواطنين إما إلى ثلاجة الأموات أو غياهب السجون، بعد خلافات هامشية كان بالإمكان احتواؤها، لكن توتر الأعصاب جعلها تتطور إلى جرائم عنيفة سالت معها الدماء، ليجد البعض نفسه مدانا بتهمة القتل العمد أو التسبب في إحداث عاهة مستديمة أو عجز كلي. عميد ممتاز في الشرطة القضائية صرح ل«المساء» بأن وتيرة العنف في الشوارع ارتفعت بشكل ملفت للنظر مقارنة مع السنوات الماضية، وربط الأمر بتراجع القيم الأخلاقية والانتشار الكبير للمخدرات وما أسماه «انقراض مفهوم الحومة والجار»، وأضاف «بنادم ولى مسعور على والو كايدابز» مما يؤدي في بعض الأحيان إلى وقوع جرائم خطيرة بدافع تافه، وهذه بعض النماذج: «سكايري مصدع حومة» استيقظت المدينة العتيقة بالرباط، قبل أسبوعين، على خبر جريمة قتل بشعة ذهب ضحيتها مواطن خرج من بيته ليلا ليطلب من أحد السكارى الابتعاد، لأنه أزعج السكان وحرمهم من النوم، إلا أن هذا الأخير لم يرق له الأمر، ليشرع في سب الضحية ومحاولة التهجم عليه، قبل أن تتطور الأمور إلى الأسوأ مع إخراج مدية وتوجيه طعنة كانت كافية لإزهاق روحه. «جريمة قتل من أجل مثلجات» جريمة قتل أخرى وقعت بمدينة سلا، وذهب ضحيتها شاب في مقتبل العمر أقدم في لحظة طيش على انتزاع قطعة مثلجات من ابن حيه دون أن يدرك أن مزاحه سينقلب إلى تبادل عنيف للكمات بينه وبين جاره، الذي رأى في ضياع مثلجاته إهانة كبيرة له، ليسقط غريمه على الأرض ويشبعه ضربا. بعد ذلك سيطارد الضحية الجاني من أجل الانتقام إلا أن هذا الأخير وبعد أن ركض طويلا وتملكه العياء، توقف، والتقط حجرا صوبه بعناية إلى رأس الضحية الذي سقط جثة بدون حراك. «تنظيف السيارة» لم يدرك سائق سيارة أجرة بأحد الأحياء الشعبية أن محاولة تنظيف زجاج سيارته سيكون سببا في تلقيه لعلقة ساخنة انتهت بكسور في الأضلع، وكادت تتسبب له في عاهات مستديمة لولا تدخل «ولاد الناس». الضحية شغل مضخة زجاج السيارة التي انطلقت بشكل قوي لتقع بعض القطرات على سائق دراجة نارية كان مارا بسرعة ليتوقف، ويعود، ثم ينزل من دراجته وهو ينظر بحنق إلى قطرات الماء التي علقت بثيابه ويمسح أخرى الماء من على وجهه. وكأنه خطط لكي شيء من قبل، مد يده وفتح الباب ليخرج السائق ويقذفه بوابل من عبارات السب. السائق وجد وجهه عرضة للكمات متتالية، ليطرح بعد ذلك أرضا ويتم ركله بقوة ولولا تدخل بعض المارة للفظ أنفاسه، وذهب ضحية لشخص حاول أن يفرغ فيه غضبه المتراكم. «جريمة قتل في الطوبيس» عاش ركاب حافلة للنقل الحضري بمنطقة بوقنادل قبل سنة لحظات رهيبة وهم يعاينون كيف تطورت مشادة كلامية بين الجابي وراكب رفض أداء ثمن التذكرة إلى تبادل للعنف. الركاب حاولوا في البداية أن يفضوا الاشتباك قبل أن يتراجعوا إلى الخلف، في حين شرع بعضهم في الصراخ طالبا من السائق فتح الباب من أجل مغادرة الحافلة، بعدما استل الراكب مدية كان يخفيها تحت ثيابه، ووجه بها طعنات للجابي الذي سقط أرضا وهو ينزف بغزارة قبل أن يلفظ أنفاسه، لحظات قليلة بعد وصول الحافلة إلى مقر الدرك الملكي. «مجزرة في حق الأصول» جرائم الأصول أيضا ارتفعت بشكل ملحوظ فالمحاكم تشهد على الدوام ملفات يكون فيها الجاني هو الابن، في حين تحضر الأم أو الأب بضمادات أو عكاكيز، للمثول أمام القاضي والاستماع إلى الحكم في حق الابن العاق. فالبعض لا يتردد في تحويل أقرب الناس إليه إلى مطرح لتفريغ غضبه، وأحيانا كثيرة يصل الأمر إلى القتل، كما وقع في حي شعبي بمدينة سلا قبل سنوات بعد أن أقدم أحد الشبان على نحر والده وإصابة عدد من أفراد أسرته بجروح خطيرة والسبب عدم منحه مبلغا ماليا لشراء «القرقوبي»، حيث تربص بوالده وانتظر إلى أن استسلم للنوم قبل أن يمسك رأسه بإحكام وينحره مثل أضحية العيد. «مالك مزغب» صديقان قادهما الحظ العاثر إلى الضحك وهما يسيران خلف شخص مدمن على رياضة كمال الأجسام. توالي الضحكات جعلت «التناوي» تدخل إلى عقل جبل العضلات الذي استدار على الفور، ووجه لكمة قوية تطاير معها عدد لا بأس به من أسنان الضحية الأول. أما صديقه فكان نصيبه مضاعفا من العلقة، بعد أن جرب خطة هرب فاشلة حيث وجد نفسه محلقا في السماء بفعل «نص» قوي جعله يسقط على الأرض. «شمشمون» القوي لم يتركه يتعذب وينهض، بل هوى عليه بلكمات قوية فيما اكتفى بعض المارة بالمشاهدة من بعيد قبل أن يغادر المكان وهو يرمق الجميع بنظرة تحذير، غير أن مشهده البطولي لم يكتمل بعد توقف دورية للشرطة.