قال رودي سلس، رئيس الجمعية المتوسطية، إنه متفائل بنجاح الاتحاد من أجل المتوسط رغم الصعوبات التي تكتنف المنطقة، مؤكدا على أهمية الحوار بين الفرقاء. مضيفا أنه من مؤيدي مبادرة المغرب الرامية إلى تطبيق الحكم الذاتي في الصحراء، كحل نهائي لنزاع طال أمده. وكان سلسل رفقة عبد الواحد الراضي، رئيس مجلس النواب السابق، أطلقا فكرة الجمعية البرلمانية المتوسطية، لمناقشة عدد من القضايا بعيدا عن أعين الحكومات. - تبعا للوضع المتقدم الذي منحه الاتحاد الأوربي للمغرب، تم إحداث لجنة مشتركة بينهما، ماذا تحقق منها عمليا؟ < نعم تم إحداث لجنة مشتركة بين الاتحاد الأوربي والمغرب، وبما أنني لست برلمانيا أوربيا، ولكنني منتخب من قبل الشعب الفرنسي، فإن ما يمكن قوله، هو أن هناك إرادة مشتركة بين المغرب والاتحاد الأوربي، تسير في اتجاه تجاوز مرحلة علاقة الجوار الطبيعية، إلى أكثر من الشراكة، وأقل من العضوية، وقد دعمت فرنسا بقوة هذا التقارب، لكونها تعي جيدا النتائج الإيجابية التي ستتحقق من خلال هذا التقارب الجيو استراتيجي. ولا يمكن لنا في هذه الحالة، أن نتحدث لأننا نحن الفرنسيين أصدقاء للمغرب، ولكن يمكن الجزم بأننا «إخوة للمغرب»، والمتتبع لما جرى من تدبير للشأن العام بالمغرب، يلمس وجود تحولات كبرى، حيث باشر المغرب إصلاحات عميقة، وأنجز أوراشا هامة تفيد المجتمع بجميع شرائحه، وتهدف بالأخص إلى تحسين وضعية الشعب المغربي. وكجميع المسؤولين المتنورين، يجب القيام بذلك، وبدون تردد، فالحكومة الفرنسية، ورئاسة الدولة تعمل ذلك من أجل الشعب الفرنسي، وهو ما يقوم به العاهل المغربي الملك محمد السادس، والحكومة المغربية، بالنسبة إلى الشعب المغربي، ويمكن التأكد من ذلك من خلال النتائج المحصلة، فبعد مرور 10 سنوات على تقلد الملك محمد السادس الحكم خلفا لوالده الراحل الحسن الثاني، اتضح اتجاهه نحو الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، والبشرية، وظهر ذلك جليا، وبشكل جيد، على المستوى الميداني، إذ لا يمكن أن يتجادل اثنان، ويشكان فيما أنجز، وإذا ما تصفحنا الصحافة الفرنسية، التي توجه سهام النقد إلى المغرب، نستنتج أنها قرأت صفحات 10 سنوات من حكم محمد السادس، برؤية إيجابية، لأن ذلك واقع، وليس تزلفا. - استنتج عدد من المتتبعين للشأن السياسي العام، أن مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الرامية إلى إحداث الاتحاد من أجل المتوسط، قد فشلت، ما مرد ذلك؟ < اتخذ قادة الدول قرارا بشأن إحداث الاتحاد من أجل المتوسط، انسجاما مع مبادرة الرئيس الفرنسي ساركوزي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال، إيقاف قطاره مهما كانت الصعاب، ومهما ارتفع شأن ودرجة العوائق الذاتية، والموضوعية، وبما أن منطقة الشرق الأوسط حبلى بالصراعات، خاصة ما جرى في قطاع غزة، فإن المبادرة السياسية لساركوزي، عاقتها عوائق، ومشاكل يجب تجاوزها، عبر الحوار أولا وأخيرا، لأنه لا بد من تجاوز الصعوبات، والمغرب وفرنسا على الأقل مقتنعان بذلك، فنحن علينا الاشتغال سوية، واكتشاف جنوب المتوسط، الذي يعج بالمشاريع الهادفة إلى خدمة المجتمع، ومن أجل ذلك يجب الرفع من حجم استثمارات دول الشمال في اتجاه دول الجنوب، حتى نرى شعبا في المحيط المتوسطي قادرا على العيش سوية، بتعايش وسلام، وفي أحسن الظروف، وبمستوى عيش موحد، وعلى الأقل متقارب، وإن بدرجات، بين شعوب المنطقة. لكن عندما تعترضنا مشاكل سياسية عويصة، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، فعلينا اتخاذ مبادرات من أجل حلها، وطي صفحة الماضي، ومن أجل هذا السبب فإنه داخل صفوف البرلمان المتوسطي، لا يمكن أن يفهم الشعب المتوسطي إلا الدول المتوسطية، يعني أن دول الاتحاد الأوربي لا يمكنها استيعاب المشاكل وحلها، ولكن الدول المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط هي التي تشتغل على مواضيع مشتركة، بينها ما يهم البيئة، والقضايا المرتبطة بقطاع الطاقات، وحوار الثقافات، والحضارات، ومشاكل اقتصادية أخرى، والهجرة بجميع أنواعها القانونية والسرية، وهي مواضيع واقعية تطرح على جميع الشعوب، وعندما نعي أن ممثلي الشعب حينما يشتغلون سوية على نفس الملفات المطروحة، فإنهم لا يستأنسون بها، فحسب، بل يتعرف بعضهم على بعض من خلالها، ويحترمون بعضهم بعضا، فتخلق أجواء صحية للحوار، بل يمكن أن نقول مناخا ممتازا لطرح القضايا الشائكة، ولا أتحدث هنا عن علاقة المغرب بفرنسا، لأننا نعرف بعضنا جيدا، ولكن أتحدث هنا عن الآخرين، الذين يمثلون باقي شعوب دول المتوسط، والذين لا يتحدثون غالبا فيما بينهم، ولكنهم يحتاجون إلى الحديث بصراحة، وأعني هنا مناقشة مشكلة الشرق الأوسط، بالدرجة الأولى، ومشاكل قبرص، والبلقان، ومشاكل أخرى تستوجب الحديث عنها، دون مواربة، من قبل ممثلي الشعب من أجل بناء مستقبل زاهر. - وفي سياق متصل يقر محللون في القانون الدولي، استفراد الإدارة الأمريكية، بدور محوري في الشرق الأوسط وفي باقي أصقاع العالم، على حساب الدول الأوربية، ما هو تعليقكم على ذلك؟ < إن للإدارة الأمريكية، مكانة في حوض البحر الأبيض المتوسط، كونها قوة وازنة عالميا، وأول قوة اقتصادية في العالم، والكل يعتقد أن لها مكانة في التأثير على القرارات، ولأمريكا جميع المميزات، والخصائص التي تجعلها رقما أساسيا في أية معادلة، مهما صعب حلها، لكنها في ذات الوقت يعوزها شيء أساسي، هو أن أمريكا ليست بلدا متوسطيا، إذن تدخلها في أية منطقة، لن يغير من واقع الحال، إلا بالاستعانة برأي وتدخل الدول المتوسطية لأوربا مثلا، أو الدول الأوربية، لأن ذلك يعد مسألة طبيعية لحل النزاعات، فالأوربيون يمكن أن يساهموا بآرائهم وتوضيحاتهم، في حل القضايا العالقة، أو المشاكل المطروحة، وهي حلول مكملة لما تقوم به أمريكا، ووجود باراك أوباما على رأس الإدارة الأمريكية الحالية، سهل من مأمورية الدول الأخرى الطامحة إلى إرساء السلام، خلافا لما كانت عليه الأمور في عهد الإدارة السابقة، فإدارة الرئيس باراك أوباما، سهلت من مأمورية التشاور بين الدول حول عدد من القضايا، ونحن فخورون بأن يكون المناخ الدولي شهد أخيرا تغيرا في الاتجاه الصحيح، حيث أضحى الجو العام سليما، وواضحا، وعلينا جميعا العمل سوية على طريق إحراز المزيد من التقدم، عبر إرساء مبدأ الحوار كوسيلة نبيلة، من أجل إرساء السلام في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ماهو موقفكم من مقترح الحكم الذاتي الذي أطلقه المغرب لحل نزاع الصحراء، بمنح سكان المنطقة صلاحيات واسعة لتدبير شؤونهم بأنفسهم، في ظل سيادة المغرب على جميع أراضيه، على غرار ما قامت به دول أوروبية؟ < أعتبر مبادرة المغرب الرامية إلى تطبيق الحكم الذاتي في الصحراء، «جد إيجابية»، فالمغرب من الدول التي ترفض الحرب، لحل النزاعات، مهما كانت طبيعتها، كونها تعي الخسارة التي ستحصل لشعوب المنطقة برمتها، لذلك يفضل المغرب نهج سبيل السلام، والتوازن، وعندما تطرح مثل هذه المبادرة على الصعيد الدولي، والمرتكزة على نشدان السلم والتوازن في منطقة شمال إفريقيا، فإن المنتظم الدولي نفسه مطالب بتسجيلها، ومشكل الصحراء، قديم، ولا يزال ساريا، ونتمنى أن يحل بالطرق السلمية، وإذا ساهم بعضنا البعض، كل من جهته، في دعم سبل الحوار بين الأطراف، فإننا سنصل إلى الحل، خاصة إذا قمنا بمجهودات متواصلة.