الكتاب الذي نعرضه هذا الأسبوع من الكتب المهمة من حيث مضمونها وشكلها. أما على مستوى المضمون، فهو يتضمن أفكارا ومواقف مهمة من عدد من القضايا التي تهم منطقة الشرق الأوسط في علاقتها بقضايا أخرى ذات الحساسية الكبيرة. وأما على مستوى الشكل، فهو عبارة عن حوار بين باحثين كبيرين عرفا بمكانتهما الأكاديمية الدولية. يتعلق الأمر بنعوم تشومسكي وجلبير الأشقر. الحوار، الذي أداره وحرره ستيفن شالوم، كان حرا وتلقائيا، وهو ما أعطى للكتاب أهميته الفكرية الكبيرة. الكتاب صدر سنة 2007، عن دار الساقي وترجمه من الإنجليزية إلى العربية ربيع وهبة. وقد كان له صدى واسع في الدوائر الأكاديمية، خاصة العربية منها لأنه يحلل، بشكل تلقائي، جوانب كثيرة من الأحداث التي تشهدها الساحة السياسة العالمية ويكشف بعض ما خفي من السلوكات السياسية التي يبدو ظاهرها عاديا. يقدم كتاب «السلطان الخطير، السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط»، تحليلا مفصلا لعدد من المواضيع المرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط، وعلاقتها بالفاعلين الأساسيين فيها. وتكمن أهمية الكتاب، بشكل خاص، في كونه جاء على شكل حوار مباشر بين شخصيتين فكريتين كبيرتين، معروفتين بتحليلهما العميق ومتابعتهما القريبة لقضايا الشرق الأوسط. فالمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي معروف بكتاباته العالمية وبنزاهته الفكرية وغزارة إنتاجه المعرفي، وكذلك بمواقفه الشهمة والجريئة من قضايا تتورط فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية بشكل مباشر. جلبير الأشقر، هو الآخر، معروف بكتاباته واهتماماته الأكاديمية بالشرق الأوسط وبآفاق تحقيق السلام المنشود في المنطقة، كما عرف كخبير في العلاقات الدولية وناقد شرس لسياسة الولاياتالمتحدة الخارجية، حين تحاول توسيع نطاق سيطرتها العالمية. كما عرف بمواقفه الناقدة للإسلام السياسي المتطرف. الكتاب، إذن، هو حوار بين الباحثين استمر لثلاثة أيام كاملة وسُجل قبل أن يدون ويراجع ليحرر بأسلوب أكاديمي يقارب أهم القضايا التي تهم، في مجملها، جزءا كبيرا من الرأي العالمي. وقد قسم إلى خمسة فصول رئيسة يتناول أولها «الإرهاب والمؤامرات»، وثانيها «الأصولية والديمقراطية»، وثالثها «مصادر السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط»، ورابعها «حروب في «الشرق الأوسط الكبير»، فيما يهتم الفصل الخامس ب«الصراع الإسرائيلي الفلسطيني»؛ ويشمل كل فصل مجموعة من المحاور الثانوية التي تجادل فيها الطرفان المتحاوران، بينما قاد الحوار الأكاديمي ستيفن شالوم. الإرهاب بين التعريف والتأويل في بداية الحوار، توقف المفكران طويلا عند قضية تعريف «الإرهاب»، وحاول كل واحد منهما الإلمام بجميع العناصر التي تدخل في إطار التعريف، مخافة السقوط في القصور المفاهيمي الذي قد يعطي تعريفا لا يستوفي جميع العناصر الموضوعية، فيسقط بالتالي في خدمة جهة على حساب أخرى. في النهاية اتفق الاثنان على أن الإرهاب هو «تهديد أو استخدام القوة ضد أهداف مدنية في المقام الأول، لأغراض إيديولوجية، أو دينية، أو سياسية، أو غيرها، ربما ترمي إلى التأثير على حكومة ما أو تجمع ما». هنا تدخل تشومسكي ليدلي بملاحظة تقول إن هذا التعريف يقترب من التعريف الرسمي للولايات المتحدة، إلا أنه غير مستعمل عمليا. السبب؟ «لأن هذا من شأنه أن يجعل الولاياتالمتحدة دولة رائدة في الإرهاب». يُطرح بعد ذلك سؤال الرد على الإرهاب، الذي يجيب عليه تشومسكي بالعمل على الحد من الأسباب المنتجة للإرهاب، وضرب في ذلك مثالا ب«القاعدة» التي كانت تنفذ أعمالا إرهابية في الاتحاد السوفياتي من أفغانستان قبل أن ينسحب الروس من أفغانستان، فيتوقف الإرهاب المخطط له من أفغانستان. أما الأشقر فيطرح حلا عاما لوقف الإرهاب عندما يعتبر أن «العلاج في العدالة: عدالة سياسية، حكم القانون، عدالة اجتماعية، عدالة اقتصادية». وإذا كان طبيعيا أن يتناول الباحثان أحداث 11 شتنبر، فإن حديثا دار بينهما عن مدى حقيقة الأطروحة التي تتهم إدارة بوش بتدبير العملية بمساعدة من الموساد الإسرائيلي لتبرير «الحرب على الإرهاب» وتبرير سلوكات أمريكا في محاولتها تحقيق أهداف استراتيجية أخرى. إلا أن تشومسكي رفض هذه الأطروحة، وقدم عدة تبريرات لهذا الرفض منها أن تجربة من هذا الحجم لا يمكن التحكم في نتائجها التي قد تكون وخيمة العواقب على من دبروها أنفسهم... في السياق نفسه، ذكّر تشومسكي بما سبق أن قاله مباشرة بعد أحداث 11 شتنبر من أن الأنظمة القوية في العالم ستستغل هذه الفرصة لزيادة العنف، وهو ما حدث فعلا سواء في الشيشان أو في الضفة الغربية أو في أندونيسيا أوفي غرب الصين. كما أن نصف حكومات العالم استغلت الفرصة لتسن قوانين ضد الإرهاب. الأصولية الدينية والديمقراطية الأمريكية وفي مقاربتهما للظاهرة الأصولية الدينية في المنطقة، يلقي المتحاوران نظرة إلى الوراء في إطار احتواء الشروط التي أنتجت هذه الأصولية، خاصة التيار الجهادي السلفي. وفي خلال ذلك، يذكر المفكران بأن الولاياتالمتحدة كان لها دور حاسم في نشوء الحركات الدينية المتطرفة في سياق مواجهة التيارات التقدمية في المنطقة، التي كانت موالية للأطروحات الاشتراكية اليسارية؛ فضلا عن أن الولاياتالمتحدة أغمضت العين عن الأنظمة التي تساند الأصولية الدينية رغم أنها تدور في فلكها، وتقمع الحريات وتكبح كل محاولات التغيير. يقول الأشقر: «عندما تقمع جميع أنواع التعبيرات الإيديولوجية باستثناء واحدة، وحيث الطبيعة تكره الفراغ، فسوف تستخدم هذه الإيديولوجيا الوحيدة بصفتها القناة الرئيسية، ومن السخرية أن تصبح هذه الظاهرة التي أدت إلى الأصولية الإسلامية هي القناة الوحيدة للسخط الشعبي في الشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة، وهو ما ينطبق على جماعة القاعدة وجماعة أسامة بن لادن، ما دامت البورجوازية وبدرجة كبيرة في الأقطار العربية إن وجدت فهي واقعة بدرجة كبيرة تحت سيطرة الدولة وهي شديدة الامتزاج بالسلطات الحاكمة...». أما قضية الديمقراطية التي أراد الغرب تصديرها إلى المنطقة، فيعتبرها تشومسكي والأشقر فاقدة للشروط الموضوعية بناء على أن أمريكا تقدم مصالحها الخاصة على أي مصلحة أخرى. وتناولا في ذلك مثال العربية السعودية التي لا يتلقى نظامها أي نقد أمريكي رغم التجاوزات الكثيرة التي يرتكبها النظام السعودي. ونرى مع الأشقر كيف تبيع أمريكا الوهم الديمقراطي من خلال الترويج للديمقراطية في المنطقة بما يسير ومصلحة إقامة أنظمة ديمقراطية من حيث واجهتها بينما العمق ليس كذلك. فشرط أمريكا هو أن لا يخرج أحد عن طوعها النفط قبل الديمقراطية من جهة أخرى يلتقي الباحثان معا في كون الاهتمام الذي توليه أمريكا لمنطقة الشرق الأوسط نابعا من كون المنطقة تملك مؤهلات طاقية هائلة تدمجها أمريكا في استراتيجيتها بعيدة المدى للسيطرة على مصادر الطاقة في المنطقة وفي بقية مناطق العالم الغنية. وفي تناولهما قضية العراق والغزو الأمريكي لهذا البلد العربي، يرى الباحثان أن أمريكا تعيش أزمة حقيقية من حيث أن العراق أصبح يشكل مأزقا تريد أمريكا الخروج منه بأقل الخسائر. إلا أن الانسحاب الأمريكي محكوم بطبيعة الرهان الذي تعول عليه، والذي يتمثل في إقامة كيانات سياسية تابعة لها. إلا أنه يبقى من الصعب التحكم في مستقبل البلد بعد الانسحاب الأمريكي على خلفية الفسيفساء الإثنية والدينية التي برزت بعد سقوط نظام صدام حسين. وبخصوص اللوبي الإسرائيلي ومدى التأثير الذي يمارسه على السياسة الأمريكية الخارجية في الشرق الأوسط يتفق المتحاوران على أن هذا اللوبي يعتبر من أهم مصادر تلك السياسة، وبسط تشومسكي بعض الأمثلة المرتبطة بالموضوع، خاصة على مستوى الدوائر السياسية الداخلية العليا؛ إلا أنه لم يذهب إلى حد التهويل من هذا التأثير، كما هو شائع في الخطاب العربي، اعتبارا لأن هذا التهويل جزء من الصورة التي تريد الأوساط الصهيونية اليهودية الأمريكية رسمها في المتخيل العربي. وذهب إلى التأكيد على أن القوى الاقتصادية العربية في أمريكا من شأنها أن تشكل لوبيات مضادة تؤثر في السياسة الأمريكية. لكن الأشقر بدا أكثر حسما في مسألة اللوبيات اليهودية هاته، من حيث أنه يدعو إلى التخلي عن هذه الفكرة نحو بديل آخر، هو العمل الملموس على تغيير الأمور. النقاش الجدالي، أحيانا والتوافقي أحيانا أخرى، بين تشومسكي والأشقر قادهما إلى الحديث عن الحروب التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والحضور الأمريكي فيها. وركز الرجلان، في جزء من النقاش، على أن أمريكا خاضت حروبا في المنطقة باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب والبحث عن أسلحة الدمار الشامل. والحال أن الحقيقة كانت بعيدة عن ذلك. إذ إن ثمة أسبابا اقتصادية واستراتيجية هي التي حركت أمريكا في المنطقة. وتوقف الطرفان عند آليات التحكم المستعملة من قبل الحكام الأمريكيين في إدارة خيوط العملية السياسية في العراق وكيف وظفت تحالفاتها مع مختلف الطوائف الدينية في عراق ما بعد صدام. والغاية من هذا كله، طبعا، هو خلق دول تدور في الفلك الأمريكي. هنا استدل تشومسكي بمثال الرئيس السوفياتي ليونيد برجنيف، الذي قال في نهاية الستينيات، إن الدول الأوربية الشرقية حرة في خياراتها، لكن في إطار ما لا يتعارض مع المصالح السوفياتية. وعن العلاقة بين أمريكا وسوريا اعتبر تشومسكي أنها كانت دائما علاقة تخضع للمصالح والانتهازية وتتبدل حسب طبيعة الرهانات. سوريا وإيران والمصلحة الأمريكية إذا كان الأمريكيون قد رحبوا بالتقارب مع السوريين سنة 1976، فلأنهم أدوا الدور المنوط بهم في قصم ظهر الفلسطينيين؛ وفي سنة 1990 أيد الرئيس بوش بقاءهم في لبنان لأنه كان يريد إدماج السوريين في تحالفه ضد العراق. لكن كلينتون غضب من السوريين حينما رفضوا عرضه بفتح آفاق السلام في المنطقة من خلال التخلي عن أراضي الجولان، بل إن سوريا صارت في وقت من الأوقات أقرب إلى أن تكون هدفا لضربة أمريكية رادعة قبل إيران. وفي ما يتعلق بالموقف من إيران، استبعد تشومسكي أي ضربة عسكرية لها رغم مواقفها الرافضة للامثثال للإملاءات الغربية في موضوع الأسلحة النووية. ويبرر موقفه بكون إيران أقدر من غيرها على الدفاع على نفسها، وأن من شأن الحرب عليها أن تخلق مشاكل كثيرة في المنطقة. غير أن موقف الأشقر يعارض هذا الموقف، لأنه يؤمن باحتمال توجيه ضربة لإيران اعتبارا لأنها قريبة من أن تصبح قوة نووية، ولأنه يرى أن احتواء إيران من شأنه أن يحتوي العراق والمنطقة لأنها تملك احتياطات هائلة من النفط والغاز. وفي خلال التطور الطبيعي للحوار بين الباحثين في قضايا الشرق الأوسط، تطرح مسألة قيام دولة إسرائيل في المنطقة وتداعيات ذلك على ما آلت إليه الأوضاع حاليا. لكن تشومسكي لا يرى أهمية لمفهوم شرعية الدولة العبرية، ولتبرير هذا الموقف طرح السؤال التالي: هل الولاياتالمتحدة دولة شرعية؟ وخلص إلى أن «نظام الدولة نفسه ليس ذا شرعية موروثة»، بينما أشار الأشقر إلى أن «إسرائيل تواجه تشكيكا شديدا في شرعيتها». وفي سياق الحديث عن آفاق السلام والتسوية في المنطقة يرى تشومسكي أن الشرط الأول لقيام تسوية حقيقية هو القبول بها. إلا أنه يقر بالصعوبات الكثيرة التي تواجه التسوية على مستوى فض القضايا الخلافية، خاصة قضية اللاجئين. وربط تشومسكي مستقبل الفلسطينيين بالقبول بشروط التسوية وإلا كان مآلهم البؤس الأبدي. فلسطين والحل المفقود يقترح الأشقر نموذجا للتسوية شبيها باتفاقية طابا والسماح لجزء من اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى الأراضي الإسرائيلية ما قبل 1967، وجزء آخر إلى أراضي ما بعد 1967، التي يمكن أن تتنازل عنها إسرائيل للدولة الفلسطينية. وفي خضم الحديث عن حيثيات الصراع العربي الإسرائيلي تطرح قضية معاداة السامية التي صارت اليوم فزاعة تخيف بها إسرائيل وحلفاؤها كل من يجرؤ على انتقاد إسرائيل. وبعد حديث مفصل عن تقلبات المفهوم وطبيعة المعالجة التي ارتبطت به باختلاف المناطق، انتهى تشومسكي إلى القول إن «معاداة السامية المزعومة هي جزء جوهري من الهجوم اليميني، لأنها سلاح دعائي جيد: إذا استطعت أن تلمح بطريقة ما إلى أن أي أحد معاد للسامية، فإنك تستحضر ما سماه نورمان فينكلشتاين، وبدقة، صناعة المحرقة. لقد تعرض لحملة تشهير قاسية لقوله الحقيقة في هذا الأمر، لكنه محق. إنها صناعة مخططة بعناية، مبرمجة وموزعة الأدوار». وللمثقفين العرب نصيب من التحليل في هذا الكتاب، خاصة في ما ارتبط بدورهم في تغيير الأمور وتراجع زمن الإيديولوجيات اليسارية. في هذا الإطار انتقد تشومسكي ذلك الجزء من المثقفين العرب الذين حصروا أنفسهم في إطار قومية نكوصية يضيق مجال تفكيرها. غير أنه ركز على أن هنالك مثقفين عربا لهم وزنهم الكبير، من قبيل إدوارد سعيد، قبل أن يعبر عن أسفه من وجود تقدم للتيارات النكوصية على حساب التيارات التي من شأنها أن تواجه الهجومات المعادية المبنية على مبرر معاداة السامية. ونبه في هذا الإطار إلى عدم وجود أي رد فعل عربي ثقافي ضد تصريحات أحمدي نجاد النافية لوجود المحرقة اليهودية. وفصل تشومسكي في رد الفعل الأمريكي والإسرائيلي تجاه الانتصار الذي حققته حماس في الضفة بقوله «إن الرد الأمريكي يكشف، ثانية، أن الولاياتالمتحدة لا تدعم الديمقراطية إلا إذا كانت تناسب أهدافها الاستراتيجية والاقتصادية (...)» ثم « (...) كانت ذريعة معاقبة الفلسطينيين هي أن حماس ترفض قبول المطالب الثلاثة: الاعتراف بإسرائيل، ووقف جميع أعمال العنف، وقبول الاتفاقات السابقة. ويواجه محررو ال«نيويورك تايمز» قادة حماس بأنهم يجب أن يقبلوا «القواعد الأساسية التي قبلت بها مصر والأردن والجامعة العربية كلها في «مبادرتها للسلام» عام 2002 في بيروت، فضلا عن أنهم يجب أن يفعلوا ذلك «ليس كنوع من التنازل الإيديولوجي»، بل كتصريح مرور للعالم الواقعي، وهو طقس ضروري للانتقال من المعارضة غير القانونية إلى حكومة قانونية مثلنا». الأمر الذي لم يذكره هو أن إسرائيل والولاياتالمتحدة ترفضان ببرودة جميع هذه الشروط. فهما لا تعترفان بفلسطين؛ وقد رفضتا إنهاء عنفهما حتى عندما طبقت حماس هدنة أحادية الجانب مدة سنة ونصف السنة». مهمة اللوبي اليهودي «شيطنة» العرب والمسلمين في مقابل التمجيد الذي يقوم به اللوبي الإسرائيلي لمصلحة الصورة المتعاطفة مع اليهود، تعمل الأوساط المعادية للعرب والإسلام على الإمعان في شيطنة العرب والمسلمين وممارسة العنصرية ضدهم. في هذا السياق قال الأشقر إن رُهاب الإسلام، كظاهرة، أصبحت مستشرية في المجال الأوربي بشكل كبير. وأكد تشومسكي هذا الأمر من خلال وقوفه عند رد الفعل تجاه السكتة القلبية المهددة لحياة شارون وموت الرئيس عرفات. ففي الوقت الذي اعتبر فيه الأول بطلا وشخصية تاريخية مهمة ورجل سلام يعيش الاحتضار، تم التعامل مع موت ياسر عرفات بسخرية وازدراء، بل قوبلت وفاته بارتياح وكأن الجميع كان يتمنى موته. ويضيف في سياق آخر متحدثا عن ظاهرة الرهاب تجاه الإسلام أن هذا الوصف يقوم على الخوف وأنه «ينمو في سياق خاص ومعقد: القلق الكثير الذي خلقه الانفتاح الاجتماعي والاقتصادي النيوليبرالي، والباحث عن كبش فداء من خلال الظاهرة السيكولوجية المعروفة الممتزجة بالخوف الذي تبثه الحكومات في الرأي العام الغربي، وهي حكومات ليست على استعداد لتقديم الإجابة الحقيقية عن السؤال الذي يطرح كثيرا:»لماذا يكرهوننا؟.»