لا أحبذ كثيرا أن اكتب في موضوع حزب العدالة والتنمية وما يتعلق به لكن الضجة الإعلامية التي يثيرها دائما تضطرك للكتابة. فبعد الانتخابات الجماعية وبعد انتخابات رئاسة الجماعات المحلية، هاهي ذي استقالة أفتاتي تفجر ضجة إعلامية كبرى أبطالها متعددون من أحزاب سياسية ووزارة الداخلية. إن طرح موضوع استقالة أفتاتي والرسالة التي وجهها إلى السفارة الفرنسية بهذه الطريقة يؤكد مرة أخرى أن المناضل الشريف إذا ارتكب خطأ في السياسة فتبعته لا تنتهي وكل من يهمه القضاء على الشرفاء سيستغل هذا الخطأ لتشويه صورة حزب معين أو صورة المناضلين الطامحين إلى العدل والمساواة داخل دولة الحق والقانون. فأول ما يمكن أن ندرجه هو أن الرسالة التي توجه بها أفتاتي إلى السفارة الفرنسية هي رسالة من أجل طلب العلاج. ولعل أفتاتي أكبر العالمين بخطورة ما أقدم عليه إلا أكد أنه فعل ذلك بدافع شخصي وأن العامل الإنساني هو الذي جعله يقوم بذلك، لكن تبعاته كانت غير متوقعة نظرا إلى كون بعض الأطراف تضغط في اتجاه حل الحزب وتتحين الفرصة المناسبة. هذه ليست المرة الأولى التي يتحمل فيها أبناء الحركة الإسلامية تبعات أخطائهم أو سلوكاتهم التي تؤثر بشكل كبير على المسار العام لهذه الحركة، فقبله كان الريسوني الذي استقال من رئاسة حركة التوحيد والإصلاح لأسباب معروفة، وتنهض مجموعة ممن يسمون أنفسهم دعاة الديمقراطية ليؤكدوا أن ما هو ديني يتحكم فيه الملك وحده والمغاربة جميعهم مسلمون، وتشن الداخلية حربا إعلامية وتهدد بحل الحزب والحركة إذا لم يقدم الريسوني استقالته أو على الأقل إذا لم يصحح الموقف. أما أفتاتي، فقد تحمل فعلا تبعات قراره وقدم استقالته من الحزب إلا أن هذا لم يرض الجهات المغرضة المتربصة بجميع الشرفاء والمدافعين عن أولاد الشعب. ما يحصل لحزب العدالة والتنمية مجرد نموذج لما يحصل لكل من حاول أن يغير أو ينتقد الظروف الاجتماعية والاقتصادية وكذا السياسية في المغرب. و«المساء» خير دليل على ذلك من خلال ما تعرضت له من أحكام خيالية هدفها إسكاتها وإسكات صوت شعب معها. إن خط «المساء» التحريري يهدف إلى الفضح والكشف والمحاسبة لكل مسؤول في مغربنا الكريم. لقد قدم أفتاتي والريسوني نموذجا في تحمل تبعات الأقوال والأفعال الخاطئة أو ما لا يراد له أن يكون من هذه الأخيرة، وهو مثال لا تعتبر منه بعض الأحزاب التي أصبح كل من لوث يديه بمال الشعب يختبئ تحت رايتها ويترشح باسمها. إنه لأمر غريب أن تقوم القيامة على إرسال رسالة من أجل العلاج وننسى لوبيات الأمازيغ وبعضهم ممن زار إسرائيل وطبع معها وكذا اتصالهم بجهات أجنبية في تحد سافر للشعور الوطني للمغاربة وغيرهم كثير. وفعلا «المندبة كبيرة والميت فار».