- انطلقت عملية العبور رسميا في ظل ظرفية خاصة يطغى عليها هاجس انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير، ماذا أعددتم لهذه العملية ؟ < أشير هنا إلى تخصيص الدولة لميزانية تفوق 24 مليون درهم من أجل تأهيل وتطوير التجهيزات التقنية وتحسين ظروف رحلة المسافرين في كل من موانئ طنجة، الحسيمةوالناظور، والرفع من عدد الأطر الطبية في مراكز الإسعافات الأولية من 679 إلى 904 أطباء. كما تم وضع أجهزة متطورة تقيس الحرارة عن بعد لاكتشاف الحالات التي قد تكون مشبوهة على مختلف النقط الحدودية، إلى جانب القرار المتعلق باستخلاص الغرامات المالية الناتجة أساسا عن مخالفات السير في نقطة العبور دون إرغام المعني بالأمر على الذهاب إلى المحكمة التابع لها إداريا مكان وقوع المخالفة. - وماذا عن حقيقة احتمال تقلص عدد المغاربة العائدين إلى أرض الوطن بفعل تداعيات الأزمة الاقتصادية؟ < أظن أن الأرقام المسجلة إلى حد الآن تدل على عكس ذلك. فآخر المعطيات إلى حدود يوم 5 يوليوز 2009، تشير إلى ارتفاع عدد الوافدين بنسبة تقارب 18 ٪ بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. هذا لا يعني أن المغاربة المقيمين بالخارج لم يتأثروا بالأزمة بشكل أو بآخر، فالإحصائيات المتوفرة لدينا حتى الآن تشير إلى أن البطالة في صفوف الجالية المغربية بأوربا، ارتفعت منذ البوادر الأولى للأزمة. لذا أعتقد أنه من الواجب التعامل مع المعطيات حول الأزمة بحذر ونسبية، خاصة فيما يتعلق بتفاعلها مع شخصيات الأفراد ومدى تأثيرها على سلوكهم وقراراتهم. وبصفة عامة، فإن التقييم الشامل يقتضي في نظري انتظار استكمال عملية العبور التي ستنتهي رسميا يوم 15 شتنبر المقبل. - هذا يجرنا إلى الحديث عن ماهية التدابير المتخذة من طرف الحكومة والأبناك لتجاوز هذه المرحلة الصعبة وما ردكم على من يرى فيها مجرد محاولة لإيقاف تراجع تحويلات الجالية؟ < لا أحد ينكر أن من بين أهم تجليات الأزمة وانعكاساتها الملموسة هو تراجع حجم الأموال التي يقوم بتحويلها أفراد الجالية إلى المغرب بنسبة تقارب 15٪ منذ الربع الأخير من 2008. هذا المؤشر أثار انتباه المسؤولين في الحكومة ودعاهم إلى التحرك العاجل لمواجهة ما يخفي وراءه من معاناة محتملة لمواطنينا في الخارج، حيث تقرر إحداث لجنة فرعية مكلفة بقطاع الجالية ضمن اللجنة الوطنية لليقظة الإستراتيجية، انبثقت عن أشغالها عدة قرارات تهم جانب الاستثمارات وتحويل الأموال، لأنه، ولله الحمد، لم تتأثر كل الجالية بالأزمة ولا زال من بين أفرادها غالبية تزود ذويها بالمال وتفكر في استثمار مدخراتها في بلدها، ولكنها لم تغفل رعاية الجانب الاجتماعي للجالية وهذا، للأسف، ما لم تعره بعض التحليلات المتسرعة ما يستحقه من أهمية. - وماذا عن الإجراءات ذات الطابع المالي؟ < على مستوى الاستثمار، تقرر وضع آلية لتشجيع استثمارات مغاربة الخارج، ذلك أن كل مغربي حامل لمشروع استثماري تتراوح قيمته المالية ما بين مليون وخمسين مليون درهم بالعملة الصعبة، ستساهم الدولة في تمويل مشروعه بدعم في حدود 10 ٪ من تكلفة المشروع المقترح، والأبناك بقرض في حدود 65 ٪ والباقي، أي 25 ٪، بتمويل ذاتي للمستثمر. كما تقرر، تمديد «ضمان السكن»، المسمى سابقا «فوكاريم»، ليستفيد منه المهاجرون حتى يتمكنوا من الحصول على القروض العقارية، أما على مستوى التحويلات المالية، ووفقا لما اتفق عليه، فيسري العمل بمجانية التحويلات المالية المباشرة من طرف البنوك إلى غاية 31 دجنبر 2009 وتعاملها بالحد الأدنى للعمولات المتداولة فيما يخص سعر الصرف، كما تقرر العمل على مراجعة الاتفاقات المبرمة بين الأبناك ومؤسسات تحويل الأموال بهدف تخفيض عمولات التحويلات اتجاه المغرب، والتي تعتبر الأكثر ارتفاعا مقارنة مع باقي الدول الأخرى. - أعلنتم في وقت سابق عن مجموعة من الإجراءات والأنشطة المبرمجة لمواكبة المقام الصيفي للجالية. هل بالإمكان التذكير بأبرزها؟ < تجلى برنامج المواكبة، الذي شرعنا في تنفيذ طبعته الأولى هذه السنة، في إحداث لجنة قطاعية لتصفية جميع الملفات العالقة الخاصة بمواطني المهجر التي بلغت أزيد من 1340 شكاية وتظلما لقطاعات مختلفة. وقد تم الاتفاق على اعتمادها كلجنة دائمة واعتبارها بمثابة شباك مركزي موحد لتدبير ومعالجة التظلمات. وينضاف إلى هذا الإجراء، إقرار الحكومة العمل ابتداء من 10 يونيو 2009 بنظام المداومة في الإدارات، وإحداث شبابيك مركزية ومحلية للاستقبال ومعالجة الطلبات، وكذا توجيه وزير الداخلية دورية إلى السادة الولاة والعمال في موضوع الاهتمام بقضايا الحالة المدنية خاصة من حيث تبسيط المساطر والتعجيل بالبث في الطلبات المعروضة. وتجدر الإشارة، إلى أن الوزارة ستفتح نهاية هذا الشهر مؤسستين جهويتين تابعتين لها كتجربة نموذجية في كل من الناظور وبني ملال، تحت اسم «دار المغربي المقيم بالخارج». وفي المجال الثقافي والتربوي والترفيهي، ستعمل الوزارة على تنظيم ثلاث جامعات صيفية لشباب مغاربة المهجر في كل من الرباط ووجدة وأكادير، وبرمجة دروس في اللغة العربية لفائدة أبناء الجالية في عشر مدن، وتنظيم الدورة السادسة لطواف مغاربة العالم للسيارات. وإحياء لليوم الوطني للجالية المغربية المقيمة بالخارج (10 غشت 2009) سيتم تنظيم الملتقى الوطني لجمعيات مغاربة العالم الفاعلة في مجال التنمية المحلية، بمشاركة أزيد من 100 جمعية نشيطة، من خارج المغرب وداخله. - انطلاقا مما قلتم الآن، كيف تفكرون في إيقاف النزيف الذي تخلفه هجرة الأدمغة وإشراك الكفاءات والطاقات غير المادية التي تزخر بها الجالية في جهود التنمية بالمغرب؟ < في هذا السياق أنجزنا دراسة هامة، سنعلن عن نتائجها قريبا، حول مشاركة المغاربة المقيمين في الخارج في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، وبالأرقام، حسب هذه الدراسة، فإن 17٪ من أفراد الجالية النشيطين يحتلون مناصب عليا في مجالات العلم والفكر وإدارة الأعمال، بينما 54 ٪ يشغلون وظائف متوسطة في ميادين كالصحة والتعليم والاتصال والتسيير والتجارة بينما لا تشغل المهن بكفاءة دنيا أو بدون كفاءة سوى 28 ٪ من مجموع الشغيلة في المهجر. وهذه الدراسة ستمكننا من المرور إلى التطبيق الفعلي والعملي لبرنامج المنتدى الدولي للكفاءات المغربية بالخارج المعروف بفينكوم، وهو برنامج انبثق عن تفكير داخل الحكومة من أجل رصد طاقات الجالية باعتبارها ليست فقط كمصدر للعملة الصعبة بل كفاعل في مسار التنمية، وهذا يشكل، على ما أظن، جزءا من حل ما أسميته بمعضلة نزيف الأدمغة. - يقال إن اهتمامكم بقضايا الجالية ينحصر فقط في استقبالها والاحتفاء بها عند عودتها إلى المغرب. ما صحة هذا القول؟ وهل لديكم برنامج واضح لرعاية مصالحها الاجتماعية ؟ < من أجل مواكبة الاحتياجات المتزايدة للمغاربة المقيمين بالخارج، تم العمل على تعزيز الموارد البشرية واللوجيستية ل 20 مصلحة اجتماعية بالقنصليات خلال هذه السنة، وتوفير المساعدة القضائية والمساهمة في نقل جثامين المغاربة الموجودين في وضعية اجتماعية صعبة، هذا بالإضافة إلى تحمل نفقات التمدرس لفائدة عدد من أطفال الأسر المغربية المعوزة المقيمة ببعض الدول الإفريقية بعد إلغاء مجانية التعليم العمومي بها. وبخصوص دعم الفئات المعوزة، تم خصم 85 ٪ من الرسوم الجمركية على تعشير سيارات المتقاعدين السياحية المرقمة بالخارج، كما سطرت خطة تشاركية لتفعيل البرنامج الاجتماعي للوزارة، والتي بدأ الشروع فيها من خلال تنظيم أكثر من 20 لقاء عمل مع الجمعيات المغربية بالدول الأوربية وكندا. وقد تمخض عن ذلك بلورة برنامج للتكوين وللرفع من قدرات هذه الجمعيات بشراكة معها ومع بعض سلطات دول الاستقبال. ويهدف هذا البرنامج، في مرحلة أولى، إلى تأهيل 200 جمعية في أفق 2012، وسنشرع في تنفيذه قريبا إن شاء الله. - ما هي خطة عمل الوزارة لمعالجة مختلف الصعوبات والمشاكل القانونية التي تواجهها المرأة المغربية بالخارج ؟ < لا ننسى أولا دور الاتفاقيات الثنائية مع دول الإقامة التي تؤطر وضعية المهاجرين. إلى جانب الشراكات التي تعقدها الوزارة مع الجمعيات العاملة في هذا المجال للنهوض بقضايا المرأة بالخارج، كما أننا لسنا بحاجة إلى الآثار الإيجابية الملموسة التي خلفتها التعديلات الجوهرية التي تضمنتها مدونة الأسرة وقانون الجنسية على تحسين صورة الأسرة المغربية بالخارج ووضعية المرأة المغربية بصفة خاصة، وتذليل الكثير من الصعاب والمشاكل التي كانت تعترضها. وعلى ذكر مدونة الأسرة، وما يطرح تطبيقها في دول المهجر من إشكالات هي في صميم قضايا المرأة والتي يتعين اليوم إيجاد أجوبة ملائمة لها، شرعت الوزارة منذ عدة أشهر بالتنسيق مع وزارة العدل في تحضير ندوة حول حصيلة تطبيق المدونة بالخارج والتحسينات التي يجب إدخالها للتخفيف مما تعانيه العديد من الأسر وخاصة المرأة من متاعب. ومن المقرر أن تنظم هذه الندوة بالرباط يوم 3 غشت المقبل.