صُنفت مجلة «لوجورنال» خلال العشر سنوات الأولى من نشأتها في خانة الصحافة المستقلة، المدافعة عن التوجه الديمقراطي المناهض لكل ما هو مخزني في المغرب. كما لعبت أدوارا مهمة إبان بداية العهد الجديد. ومع صدور كتاب «محمد السادس : سوء الفهم الكبير»، لأحد مؤسسي المجلة، الصحافي علي عمار، تم الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها مؤسسو المجلة مع رموز دار المخزن ورجالات العهد الجديد. «المساء» تكشف أسرارا تنشر لأول مرة، من خلال سلسلة من الحوارات مع فعاليات ساهمت في تأسيس التجربة، وتعيد تجميع عناصر القصة الكاملة لمجلة اسمها «لوجورنال». إليكم التفاصيل... - رد مولاي هشام كان عنيفا على ما جاء في كتابك، وردك كان أعنف، إذ وصفته ب«المخزني» و«العنيف»... > نعم، وصفت الأمير مولاي هشام ب«المخزني» لأنه قال إنني «وقح». وما هي الصحافة المستقلة؟ الصحافة المستقلة هي صحافة صادمة و«وقحة» في واقع الأمر. وكنت أظن أن الأمير مولاي هشام مؤمن بهذه الأشياء لأنه كان يدافع عنها أمامنا في جلساتنا، وفوجئت كثيرا بما بدر منه عقب نشر الكتاب، خصوصا وأنه قال أشياء في تلك الرسالة ليس لها أساس من الصحة. - ما هي الأشياء التي جرحتك أكثر في رسالة الأمير؟ > الأشياء التي جرحتني أكثر في رسالته هي قوله إنه منذ سنتين انقطع اتصاله بي لأنه كانت لديه شكوك في نزاهتي. وأنا أطلب منه تفسيرا لما قاله لأنه اتهام خطير. زد على ذلك أنه غير صحيح أن الاتصال به انقطع لعامين بل اتصلت به عندما أجرى العملية الصحية للاطمئنان على صحته. - وهل بقيتما على اتصال دائم؟ > منذ أن غادرت «لوجورنال» لم يعد يتصل بي، وهنا بدأت أضع علامات استفهام حول الموضوع، لكنني تحدثت إليه مرتين عبر الهاتف أسابيع قليلة قبل خروج الكتاب إلى الأسواق. وقال لي إنه علم بأنني قدمت إليه الإهداء في آخر الكتاب، وشكرني على ذلك، وسألني أيضا عما إن كنت كتبت أنه كان يريد أن يصبح خليفة في مكان الخليفة، فقلت له: «لا، إنني كتبت أن الصحافة التي كانت تهاجمك هي من كان يقول عنك ذلك»، وحكيت له الجزء الخاص به في الكتاب وكل ما كتبته عنه فيه، وكان سعيدا بذلك، وأنا لم أفهم بعد رد فعله بعد إصدار الكتاب، لكن إن كان ينتظر مني أن أمجده في كتابي فلست من النوع الذي يفعل ذلك. وأذكر أنني بينما كنت في منزل فاضل العراقي، وكان معنا الصحافي علي المرابط، اتصل بي الأمير مولاي هشام، للمرة الثالثة، وسألني إن كان كتابي سيخلف رجة في المغرب، فأجبته بأنني كشفت بعض الخبايا، التي قد تثير ردود أفعال متباينة، وهنأني على ذلك... تعرضت لانتقادات لاذعة من طرف إعلاميين بعد نشر كتابك، واتهمت بالإخلال بشروط المهنية عندما كشفت المصادر ونشرت «الأوف»، ما تعليقك؟ > هذه الانتقادات غير مبنية على أسس. الجدال حول «الأون» و«الأوف» ليس له معنى في هذا الكتاب. أنا لم أكشف عن المصادر التي سربت إلينا معلومات بخصوص تحقيقات صحافية سبق لنا أن نشرناها. أنا أعتبر نفسي شاهدا بالأساس على أحداث عشتها بشكل شخصي وجماعي مع من أسسوا «لوجورنال». الأمر، في اعتقادي، يتعلق بذاكرة جماعية. قلتها مرارا وتكرارا، عانينا كثيرا، كصحافيين، من صمت من سبقونا، فهناك سياسيون ومثقفون ظلوا يتوارون خلف الصمت، في الوقت الذي عاشوا فيه أحداثا أو يعرفون أمورا تهم تاريخنا الحاضر من حق المغاربة الاطلاع عليها. - هل كتبت المؤلف بحثا عن المال أم الشهرة؟ > كتابة هذا المؤلف، في السياق الحاضر للمغرب، لا تساهم في كسب الشهرة ولا حتى في تحصيل المال. بالنسبة إلي فإن تأليف «محمد السادس: سوء الفهم الكبير» يعد بمثابة شهادة على مرحلة معينة في تجربة مثيرة، وله ارتباط أيضا بتجربتي في مهنة الصحافة، التي أمارسها منذ 13 سنة خلت. وخلال هذه السنوات لم أبحث عن النجومية، بل أكثر من ذلك أنه رغم النجاح الباهر الذي حققه الكتاب، فمداخيله بعيدة كل البعد عن إثرائي ماديا. دور النشر لا تُربح الكتاب إلا في حالات نادرة، وذلك لم يكن هدفي في كل الأحوال من كتابة هذا المؤلف. - هل تعتبر كتابك ممنوعا في المغرب؟ > بدون شك. ولتفسير ذلك أكثر أذكر أن عددا من النسخ، التي تم إرسالها إلى المغرب، تم حجزها من طرف المصالح الجمركية بدعوى أن هذا الكتاب لا يتوفر على التراخيص الضرورية من وزارة الاتصال. 15 نسخة بعثت بها دار النشر إلي تم حجزها في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء من طرف المصالح الجمركية. وفي بداية شهر ماي، بعثت برسالة رسمية إلى خالد الناصري، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، بخصوص الكتاب. وإلى غاية اليوم، لم أتوصل بجواب من طرف الوزارة. ليس هناك منع رسمي في مثل هذه الحالات، لكن المؤلف غير موجود في الأسواق. - بكم تقدر مبيعاته في الخارج؟ > ليست لدي أرقام دقيقة في الوقت الراهن، لكن المبيعات فاقت 20 ألف نسخة حسب الإحصائيات التي أتوصل بها من طرف دار النشر. - هل وقعت مع «كالمن ليفي» لتأليف كتب أخرى؟ > لا، ليس بشكل رسمي، لكن الخيار مفتوح. - ما عددها؟ > الخيار مفتوح لعدد غير محدد. - ما هي المواضيع التي قد تناقشها في مؤلفاتك القادمة؟ > لم أفكر في مواضيع بعينها ويبقى الحديث عن مواضيع محددة أمرا سابقا لأوانه، بالنسبة إلي. - هل لديك مشاريع إعلامية مستقبلية؟ > نعم، لكني أفضل عدم الحديث عن الموضوع بتفصيل في الوقت الراهن، الأمر لازال لم يتجاوز مرحلة المشروع. - ألا تفكر في العودة إلى عالم الصحافة من جديد؟ > أنا لم أغادر عالم الصحافة حتى أعود إليه. الكتاب يقفل مرحلة محددة من حياتي المهنية مع مجلة «لوجورنال». أنا لا زلت أعتبر نفسي صحافيا، لكن ليس لدي الآن منبر لمزاولة مهنتي... - ما تعليقك على خبر عودة بوبكر الجامعي إلى «لوجورنال»؟ > لم تكن مطروحة عودته إلى «لوجورنال»، كما هو الشأن بالنسبة إلي، بعد الاتفاق الذي جرى مع فاضل العراقي حول بيع أسهمه. أنا لا أعرف صفته الحالية في «لوجورنال»، وأعتقد أن عودته من جديد لا يمكن إلا أن تكون مفيدة لمجلة «لوجورنال».