ما أن انطلقت السيارة لتلج الطريق السيار، وقد دفع السائق بكل أحصنة المحرك، حتى انبعثت من أبواق صغيرة مبثوثة في جنبات الباش، عيطة «آشاليني يا بابا» «الغبارية» هي إحدى الكلمات التي لها وقع خاص في خاطري. تحيل إلى الغبر، (بكسر الغين وسكون الباء) وتعني الحقد. الغبار، راكم تاتعرفوه. الغابر وهو الماضي. الغبراء أنثى الحجل. بنو الغبراء: الفقراء...الحصيل وأنا واقف أمام ما يمكن أن نطلق عليه تجاوزا مداومة ديال الجدارمية، أتابع في الأفق الغبارية التي تنفضها الكرويلة، قفزت إلى ذاكرتي لحظة من لحظات المراهقة لما كنت أترقب لعجاجة والسكين في يدي. ما أن تقترب حتى أدخل في لجتها لأغرس السكين تخرج على إثره عيشة قنديشة، بعيون جمرية ورجلين تختمهما حوافر نابية. نتجاذب أطراف الحوار في الرغبات والمطالب ولما أبديت رغبة في وصلها، وكانت أمنيتي الوحيدة، نفخت علي من فمها نارا صرصرا عاتية حولتني رمادا لم يلبث أن تناثر في العلياء. بوعزة إذن هو اللي عندو الحل والعقد، وبيني وبينكم هو اللي ورطني في هذه المطبة. بما أنه باطرون إحدى محطات الاستراحة على طريق الأوتوستراد الرابط بين بوزنيقة وبرشيد، ناهيك عن امتلاكه مخادع هاتفية، فعليه أن يلعب دور بنكيمون، (الأمين العام للأمم المتحدة)، بيني وبين عائلة الضاوية وإلا هزني الماء. اختلط علي اسم المحطة بين «ليلى» و «زوزو». وصلت عند محطة الأداء في انتظار أن ينقلني فابور شي مسلم. تجنبت أن أطلب هذه الحسنة من أصحاب المرسيديس أو أصحاب BMW، إلى أن توقفت سيارة نقل صغيرة من نوع تويوتا يكسوها باش سميك ، ليشير علي السائق بالصعود إلى الخلف. ما أن جلست على مقعد خشبي حتى شعرت كما لو كنت داخل حمام الأحباب. كانت بعض صور نجمات السينما والفن تطلي الباش من الجهتين المتقابلتين: نيكول كيدمان، مادونا، صوفيا لورين، شاكيرا الخ... «ينعل بو الزلط..». ما أن انطلقت السيارة لتلج الطريق السيار، وقد دفع السائق بكل أحصنة المحرك، حتى انبعثت من أبواق صغيرة مبثوثة في جنبات الباش، عيطة «آشاليني يا بابا»، تبعتها الشيخة الحرشة بأغنية من الطراز المرساوي تقول فيها: «إلى ركبتي يا الغدار، عنداك تململ وتطيح/ راني خايفة من مول الدار، يحصلنا وتولي الدمايات تسيح»...امك يا امك ! توالت لعيوط وموطور التويوتا تايجبد على الجهد. بعد ساعة من الطريق، توقفت التويوتا ليرفع السائق طرفا من الباش ويخبرني أننا وصلنا إلى محطة استراحة زوزو. كيف اختار بوعزة هذا الاسم فذاك علم من عند ربي !! المؤكد أنه ليس اسم أمه ولا اسم ابنته أو زوجته. إذن؟ ليس من المستبعد أن يكون اسم التحلوين الذي اتخذته زهرة بنت العونية، اللي حركات ليه الشرويطة وهو تلميذ في الباك ولا يزال إلى اليوم يلهث من ورائها.. !! نزلت لأشكر السائق وأتوجه نحو المرحاض. حتى وإن تنظفت بقيت متسخا. ما عليناش. الآن يجب أن أعثر على بوعزة ولو بالريق الناشف، لأن بين يديه الحل لمعضلتي. تقدمت في اتجاه شخص كان جالسا وراء عداد نقدي. اتقدت عيناه لما رآني أسير في اتجاهه فيما امتدت يده اليمنى إلى تحت المكتب: حركة خوف طبيعية مبعثها منظر الشفار الذي كنت عليه. إن لم يمسك بزرواطة فإن يده قد تكون قد أحكمت على مقبض بندقية ليس من المستبعد أن يفرغها في بالخف. من دون الأخذ في شكليات قد ترتد علي سلبا خاطبته: - تانقلب على بوعزة، فهو صديق ويجب أن ألتقيه على جناح السرعة ما أن سمع صاحبنا اسم الباطرون حتى منحني ثقته. مد يده للتحية ولتبيان أنه لا داعي للتوتر.