لم يتسن لأستاذ في مادة الرياضيات بإحدى إعداديات الفداء بالدار البيضاء، منذ حوالي أسبوعين، أن يؤدي صلاة الجمعة. فقد ألقت عليه عناصر الشرطة القضائية القبض بينما هو يستعد للخروج من منزله في اتجاه المسجد، بعدما ورد اسمه في اعترافات سبق أن أدلى بها «زعيريطة»، المتهم الرئيسي في شبكة الكوكايين والتي أعلن عن تفكيكها بفاس منذ يناير الماضي. وسُلم «ج. ب.» مباشرة بعد اعتقاله للشرطة القضائية بفاس، وبعد التحقيق معه، أحيل في حالة اعتقال على السجن المحلي عين قادوس، في انتظار استكمال التحقيقات معه. وبالرغم من محاولات عدة لإطلاق سراحه، إلا أن محكمة الاستئناف بفاس رفضت الطلبات معلنة بأن تعليمات أعطيت من المقر المركزي بوزارة العدل بالرباط تشدد على ضرورة الحزم في معالجة هذا الملف. ويعد أستاذ الرياضيات، المعتقل على خلفية هذا الملف، أول إطار له تكوين عال يتهم بالانتماء إلى هذه الشبكة التي نطق في حق عدد من المتهمين فيها بأحكام ابتدائية بداية الشهر الماضي، في وقت لا زال فيه البحث جاريا على متهمين آخرين. وفي الوقت الذي ورد اسمه ضمن اعترافات «زعيريطة»، كواحد من المرتبطين بملف ترويج المخدرات الصلبة بفاس، فإن مقربين من هذا الأستاذ يؤكدون بأن خلافات حول ممتلكات عائلية حاول «زعيريطة» أن يقتنيها من أحد إخوة رجل التعليم هي التي كانت السبب وراء الزج به في هذه القضية. ووجد «ج. ب.» في انتظاره بسجن عين قادوس، أخاه «ح. ب.»، وهو رجل أمن سابق أودع السجن بتهمة منح شيكات بدون رصيد، وهو نفس الأخ الذي تقول عائلة أستاذ مادة الرياضيات إنه كان وراء بيع حصته من ممتلكات العائلة ل»زعيريطة». وتحاول هذه العائلة أن تحظى بتنازل من «زعيريطة» ينفي فيه اتهاماته ضد رجل التعليم، واتفق الطرفان على منح مبلغ 43 مليون سنتيم إلى المتهم الرئيسي في شبكة الكوكايين مقابل هذا التنازل. وتقول العائلة إن هذا المبلغ المالي هو نفسه المبلغ الذي يشير «زعيريطة» إلى أنه منحه لأخ الأستاذ لشراء حصته من ممتلكات العائلة. ولجأت هذه العائلة إلى عدلين لتدوين هذا التنازل في قلب سجن عين قادوس، كما لجأت العائلة إلى استقدام بعض إخوة المتهم كشهود في الملف، أحدهم يعمل في صفوف الدرك وأخرى تعمل في صفوف الجيش، إلا أنهما لم يستجيبا بعد للطلب لأسباب قيل إنها مرتبطة بطبيعة مهنتيهما. وطبقا لرواية العائلة، فإن والد المتهم يعتبر من ميسوري الجهة، إلا أن مرض الأب والخوف من سوء التصرف في ممتلكاته وأمواله دفع هذا المتهم إلى استصدار أمر قضائي بالتحجير على والده. وأبقي على هذه الممتلكات والأموال في ملك جميع أبناء هذا الأب، لكن أحدهم حاول أن يبيع جزءا من حصته ل»زعيريطة» فنشب الخلاف بين الأبناء وأبعد «زعيريطة» عن هذه الممتلكات، فقرر الانتقام من رجل التعليم الذي رفض دخوله كشريك في بعض ممتلكات الأسرة. وبالرغم من أن الأب كان من ذوي الجاه في المنطقة، طبقا لأحد المقربين، فإن «ج. ب.» عاش طفولة صعبة. ازداد في بلدة العزيب بنواحي هرمومو سنة 1958، وفيها تابع دراسته الابتدائية، قبل أن ينتقل إلى مدينة اليوسفية ليتابع دراسته بالقرب من عمه، وبعدها رجع إلى فاس ليتم دراسته الثانوية وأقام في إحدى داخليات مؤسساتها التعليمية. وانتقل بعد حصوله على البكالوريا إلى وجدة حيث تابع دراسته بالجامعة تخصص رياضيات. وبمجرد الانتهاء من السنة الجامعية الأولى عاد مجددا إلى فاس للالتحاق بمركز تكوين أساتذة الثانوي، حيث أمضى ثلاث سنوات، لكنه لم يتمكن من الحصول على شهادة التخرج، فتقرر إدماجه في سلك التعليم الإعدادي بإعدادية محمد الشيخ بنيابة الفداء بالبيضاء، وفيها استقر كأستاذ منذ تعيينه سنة 1983 إلى أن اعتقل من قبل عناصر الشرطة القضائية.