استمعت عناصر من الشرطة القضائية لأمن أكادير يوم الأحد30 شتنبر داخل سجن إنزكان إلى المتهم سيدي محمد هيدالة (المزداد سنة1977 ) ابن الرئيس الموريتاني الأسبق، المتهم بترأسه شبكة دولية مختصة في ترويج المخدرات الصلبة (الكوكاين). وعلمت »الوطن الآن« من مصادر مقربة من التحقيق أن الاستماع إلى هيدالة داخل السجن، حيث أودع به منذ أن تم اعتقاله في شهر يوليوز الأخير بأكادير في حالة تلبس، من جهة، في إطار استمرار البحث عن باقي عناصر العصابة التي اعتقل منها عشرة عناصر، ومن جهة أخرى جاء إثر الإنابة القضائية الجديدة من قبل المتهم الذي عين دفاعا من محامين مغاربة وموريطانيين. وتوبع سيدي محمد هيدالة بتهمة تكوين شبكة مختصة في النقل الدولي للمخدرات الصلبة (الكوكايين) وحيازتها والاتجار فيها، ومحاولة القتل العمد والتزوير واستعماله في وثائق رسمية، وانتحال هوية الغير. "" أول خطوة واعترف بأنه خلال أواخر سنة2006 اتصل به أحد أصدقائه يدعى (ع) (سينغالي)، واقترح عليه أن يستقبل بموريطانيا طائرة محملة بشحنة من مخدر الكوكايين، ليسلمها لأشخاص آخرين سيتصلون به في ما بعد. لم يتردد في قبول طلب صديقه، وانتظر إشارة منه لتنفيذ الصفقة حتى شهر أبريل2007 ,حيث اتصل به مرة أخرى (ع) طالبا منه أن يلتقيا على الحدود الموريطانية السنغالية، محددا موعد اللقاء بمدينة رصو السنغالية، رفقة شخصيتكلم الإسبانية، وهو من أمريكا اللاتينية يقول سيدي محمد هيدالة . قدمه لي (ع) بأنه صاحب البضاعة، أي شحنة الكوكايين. تحدثنا عن السعر وعن الكمية الذي سيأتي بها إلى موريطانيا والتي يبلغ وزنها طنين، حددنا الثمن في1000 أورو للكيلوغرام الواحد.« اتصل (ع) والشخص اللاتيني على انفراد بهيدالة قبل التاريخ المحدد وأبلغاه بأن الطائرة المحملة بالكوكايين ستصل مساء يوم الاثنين فاتح ماي إلى مطار نواديبو، كما استفسراه عن الحالة الأمنية، وهل هو مستعد لاستقبال الكمية المحددة من الكوكايين، فأخبرهما هيدالة بأن كل الترتيبات قد تم اتخاذها لنجاح العملية، ألح عليه اللاتيني أن يوفر له عند عملية الهبوط الوقود الكافي لرجوع الطائرة، وأن يتخذ جميع إجراءات تأمين الطائرة، أي رخصة الهبوط فوق مطار نواديبو. فأكد له أنه سينفذ له كل طلباته. قام سيدي محمد هيد الله، حسب اعترافاته، بجميع الترتيبات اللازمة، حيث أحضر حوالي ستة أطنان من الوقود. كما أعد خطة محكمة لاستقبال الطائرة وإفراغها من الحمولة، أي شحنة الكوكايين وتزويدها بالوقود الكافي كي يضمن إقلاعها في ظرف وجيز كما هو مخطط له. استغرق تهيئ الظروف المناسبة لنجاح الصفقة، وكذا الاستعدادات الموازية أسبوعا قبل الموعد المحدد لوصول الكوكايين. أكد سيدي محمد هيد الله للمحققين أنه حضر على متن سيارة بورش كايان المرقمة بموريطانيا إلى المطار في الموعد المحدد، وهو يحمل معه كالعادة سلاحه الشخصي من نوع »كلاشينكوف«، وكذا الذخيرة الخاصة به. انتظر نجل الرئيس الموريطاني الأسبق بعض الوقت، وحوالي التاسعة وعشر دقائق هبطت الطائرة وتوقفت بالمكان الذي حدده لها سيدي محمد هيد الله بشمال المطار. كان على متن الطائرة المحملة بالكوكايين ثلاثة أشخاص، هم ربان الطائرة ومساعده والميكانيكي. الخروج من الورطة كان هيد الله مطمئنا لنجاح مخططه الذي أعده بإحكام، ولم يترك أية تفاصيل للصدفة. شرع الفريق في إفراغ الشحنة (طنان من مادة الكوكايين) كانت محشوة داخل علب من الكارطون، غير أنه وأثناء عملية الإفراغ، فوجئ بشيء غير عادي داخل أرضية المطار لم يدخله ضمن ترتيباته الخاصة التي قام بها بحنكة وإتقان، حيث تحركت سيارتان للاطفاء تسيران في اتجاه الطائرة. اقترب هيدالة من سيارتي الإطفاء، فإذا به يفاجأ بسيارتين أخريين تتحركان كذلك في اتجاه الطائرة. لم يترددفي إخراج سلاحه وإطلاق النار على سيارتي الاطفاء من أجل فتح الطريق للطائرة لتسهيل إقلاعها وهروبها في الوقت المناسب. فكان له ما أراد، ودفعت العيارات النارية سائقي سيارتي الإطفاء إلى الانحراف عن الطريق، ليخلو المجال للطائرة التي تمكن ربانها من الإفلات والإقلاع من فوق أرضية المطار. لم يبق أمام سيدي محمد هيد الله إلا اختيار الهرب ومغادرته أرضية المطار بسرعة فائقة على متن سيارته بورش. قصد منزله وأخذ معه أحد مساعديه، وكذا سلاحا آخر كان بالبيت. وهو في طريقه جنوب نواديبو كما جاء على لسان هيدالة في التحقيق اتصل به هاتفيا قائد الطائرة وأخبره بأنه لا يتوفر على الكمية الكافية من الوقود للوصول إلى غينيا بيساو. حدد هيدالة لربان الطائرة موقعه مستعينا بجهاز جي بي سGPS، حيث هيأ له موقعا مناسبا للهبوط الاضطراري، ونجح في ذلك إذ أخذ الربان ومن معه على متن سيارته وتخليا عن الطائرة بعد أن نزع رقم هيكلها وكل ما يمكن أن يدل على أصلها. وبعد تفحص الطائرة تبين له أنها لا تزال محملة بما وزنه حوالي144 كيلوغراما من الكوكايين. أقر سيدي محمد هيد الله بأنه أخذمعه144 كلغ من مادة الكوكايين، وتابع سيره بالصحراء في اتجاه الشمال الشرقي رفقة المجموعة، متجهين إلى حدود جبل ميجك الذي وصلوه حوالي الثانية ظهرا من يوم02 مايو2007 .واصلوا طريقهم حتى موقع عين بنتيلي في الحدود الموريطانية الجزائرية، التي وصلوها يوم3 مايو2007 حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال، اتصل بأحد أبناء عمومته، وهو من سكان المنطقة، فأخبره بالنازلة وطلب منه أن يساعده للخروج من تلك الورطة. وقبل أن يصل إليه ابن عمه قرب منطقة ميجيك دفن هيدالة في الأرض 66 كيلوغراما من الكوكايين وسلمله ما تبقى من شحنة الكوكايين، وكذا موقع الشحنة المدفونة المحدد عن طريق »جي بي إس« كي يأخذها ويتركها عنده والتصرف فيها. ترك ولد هيد الله أصدقاءه الذين رافقوه إلى منطقة عين بنتيلي،بينما استمر في مرافقته كل من صديقه البلجيكي وربان الطائرة ومساعده والميكانيكي على متن سيارة4x4 تويوتا لاندكرويزر، وذلك بعدما تخلى عن سيارة بورش على بعد حوالي60 كلم عن موقع الطائرة بعد أن حصل بها عطب. ذكر هيدالة أن هدفه الأول، كان هو إبعاد الأجانب المذكورين عن الأرض الموريطانية حتى لا يقعوا في قبضة السلطات الموريتانية. تمكن فعلا من إيصالهم إلى دولة مالي، وترك الأجانب الثلاثة، أي طاقم الطائرة عند صديق لهم كان ينتظرهم بالعاصمة باماكو. »تنفست الصعداء، يقول سيدي محمد هيد الله، عندما ركب البلجيكي الطائرة من باماكو في اتجاه باريس«. وأقر بأنه حوصر من طرف عدة حواجز أمنية خلال هروبه على متن سيارته في اتجاه دولة مالي، وتمكن من تغطيتها مستعملا في ذلك السلاح الناري الذي كان بحوزته، دون أن يقتل أي أحد من الشرطة أو الدرك، حيث كان يطلق النار في الهواء. من البيضاء إلى أكادير مكث محمد هيد الله ببامكو عاصمة مالي ما يقرب الشهر، إلى حين تمكنه من إنجاز جواز سفر مالي مزور، كما أنجز بطاقة تعريف مالية تحمل نفس الهوية، وقد ساعده في ذلك بعض الأصدقاء من عرب دولة مالي. ثم قفل راجعا عبر الصحراء المالية الموريتانية تجاه الحدود الجزائرية ملتحقا بأصدقائه وأبناء عمومته الذين تركهم بمنطقة عين بنتلي كي يأخذهم معه إلى دولة مالي. عرج أثناء ذلك على منطقة أركشاش، حيث التقى بشخص موريطاني الأصل حامل للجنسية الجزائرية، الذي قرر مرافقته إلى باماكو. سافرا إلى مالي على متن سيارة من نوع طويوطا4x4، ووصلوها عبر مدينة تاساليت يوم11 يونيو2007، ثم العاصمة حيث مكثا هناك لمدة أربعة أيام. غادر ابن الرئيس الموريطاني دولة مالي رفقة هذا الشخص يوم15 يونيو2007 في اتجاه مدينة الدارالبيضاء التي أقاما بها مدة يومين بشقة مفروشة قرب شارع المسيرة، ثم سافرا إلى مدينة مراكش، حيث نزلا بشقة مفروشة بحي الزهور قرب باب قشيش لمدة أسبوع كامل. سافرا بعد ذلك إلى مدينة أكادير حيث أقاما بفندق بيتش كلوب مدة أربعة أيام. وذكر هيد الله لقاضي التحقيق أنه كان قد اتصل هاتفيا كالعادة خلال قدومه إلى الدارالبيضاء بأحد أبناء عمومته الذي سلمه رقم أحد الأشخاص المنحدرين من الجنوب المغربي. أخبره بأنه لن يذخر جهدا في تقديم المساعدة المادية، كما سيسهل عليه كل شيء بالمغرب. ولما وصل إلى أكادير اتصل به مرة أخرى وطلب منه أن يساعده في الحصول على شقة مفروشة، حيث التحق به بفندق بيتش كلوب مرتين. تمكن بالفعل من إيجاد شقة مفروشة قرب حي سيدي يوسف، حيث مكثوا فيها مدة أسبوع. وأوضح أنه، ونظرا للإزعاج الذي كان يحدثه صاحب المنزل، اضطر إلى ترك الشقة والعودة إلى الفندق المذكور بيتش كلوب، حيث قضوا هناك أربعة أيام إلى أن تمكنوا مرة أخرى من إيجاد شقة أخرى بحي رياض السلام رحلا إليها هو و(م). وبعدها بيوم واحد التحق بهم أفراد من عائلته لقضاء عطلته بأكادير، وكانوا يقضون جل أوقاتهم متوارين عن الأنظار إلى أن تم إلقاء القبض عليهم من قبل شرطة أكادير.