يخوض العديد من الرجال والنساء غمار معركة البحث عن جمال المظهر، مستعملين كل الوسائل في ذلك، سواء تعلق الأمر بالتجميل البسيط الذي يقتصر على كل ما هو معتاد في صالونات الحلاقة والتجميل من قبيل «تنظيف الوجه» أو نتف الشعر عبر «لاسير» أو تجميل الأظافر أو تنظيف الوجه، أو تجاوزه إلى جراحة التجميل والتقويم من خلال تجميل الأنف أو شد الوجه والبطن أو شفط الدهون، وغيرها من العمليات التي يهدف أصحابها من ورائها إلى التمتع بقوام ومظهر يرضيهم وينال إعجاب المحيطين بهم. هذه العمليات التي تتعدد أساليبها وطرقها، تختلف أماكنها وتتباين أثمنتها، فلكل مكان تعريفته، هناك مصحات «هاي كلاص» و«خمسة نجوم»، وهناك محلات تناسب كل الطبقات والمستويات وتقام فيها أحيانا عمليات طبية مثل «الليزر» كما هو موجود بالمركز التجاري «تخفيض رضى» بالعاصمة الإدارية، ومحلات أخرى بالعاصمة الاقتصادية. هذه المراكز والمحلات تمثل الوجه الآخر للمغرب الذي أصبح يتصدر لائحة البلدان التي لها شهرة عالمية في جراحة التجميل، فأضحت تستقطب أجانب ينظمون رحلات بين الفينة والأخرى، بحثا عن الجمال في أحضان مصحات تنتشر خاصة بالرباط والدارالبيضاء. وإن كان المغرب أصبح قبلة للراغبين في عمليات التجميل، فإن هذه الأخيرة لا تخلو من مخاطر صحية، لا يرغب بعض الأطباء المغاربة في الحديث عنها. تحكي فتيحة تجربتها القاسية مع أحد مراكز التجميل، التي وصفتها بالراقية، بمدينة الدارالبيضاء بمرارة، كانت تروي بتفصيل ما عاشته في فترة معينة من حياتها، وكأنه مر بالأمس القريب. حكت بحنق وألم عن تجربة جعلتها تطوي صفحة اللجوء إلى هذه المراكز مهما كانت المناسبة، وأضافت أن البعض يتخذ محلات التجميل بصفة عامة زاوية مهمة وإضافة نوعية لا بد منها في حياته للحفاظ على مظهره وتلميعه أكثر فأكثر، وهو ما اعتبرته غلوا قد يقلب الآية إلى العكس بل قد يسبب له مأساة صحية. تتذكر فتيحة اليوم الذي أرادت فيه أن تقلم أظافرها بطريقة قالت «إنها لن تستقيم إلا على يد متخصصين في التجميل»، ولم تلجأ طبعا إلى محل عادي « صالون التجميل»، ظنا منها أن الأمراض لا تنتقل إلا داخل مراكز التجميل المتواضعة»، لذلك توجهت إلى مركز قالت عنه إنه «غني عن التعريف» وهي من زبائنه الأوفياء. كان لفتيحة ما أرادت حيث أجرت لها إحدى المتخصصات في التجميل عملية « بيديكير ومانيكير» فانشرحت نفسيتها للنتيجة وقالت في قرارة نفسها « دابة عاد يديا ورجليا ولاو زويينين»، بعد يوم أو يومين لاحظت فتيحة أن أحد أظافر يدها بدأ يكتسب لونا يميل إلى الخضرة، وأن الهوة بين لحم أصبع يدها والظفر بدأت في الاتساع شيئا فشيئا، اعتبرت الأمر عاديا في البداية وقالت إنه ربما يتعلق بالتهاب بسيط قد يختفي مع قطرات من « الدوا الحمر» غير أن المشكل كان أكبر من ذلك، خاصة عندما « توجهت إلى إحدى الصيدليات وأعطتني وصفة من أجل العلاج وتلقيت تطمينات من الصيدلانية على أن الأمر قد يكون عاديا، إلا أنه بعد مرور عدة أيام لم تظهر أي نتيجة للوصفة»، وإذ ذاك، توجهت إلى طبيب مختص في الجلد وعلمت أن المشكل كان أكبر مما تصورته. أكدت فتيحة أن لحم أصابعها أخذ يتآكل تدريجيا إلى أن أصبحت عاجزة كليا حتى عن قضاء احتياجاتها الخاصة، والخطير في ذلك أن الفطر الذي أصاب أصابعها، أو بالأحرى العدوى التي انتقلت إليها عن طريق أدوات غير معقمة سبق أن استعملت لشخص آخر يحمل المرض، كان «أنثى» أي أنه كان يتوالد وينتقل من أصبع إلى آخر، بل إن المرض انتقل من يديها إلى رجليها، وهو ما أزم حالتها النفسية وجعلها مهتزة إلى درجة أنها تمنت أن يعود الزمن إلى الوراء لتوقف اللحظة التي فكرت فيها في التوجه إلى مركز للتجميل، لأنها فقط جلبت لنفسها مشاكل صحية بشكل أو بآخر كانت في منأى عنها. والأدهى من ذلك، تضيف فتيحة، أن الأدوية لم توقف انتشار المرض لأن أصابعها كانت تنزف دما باستمرار، رغم عملية المداواة والتعقيم، فحتى المراهم التي كانت تستعملها كانت أحيانا تساهم في انتشار المرض، إذ إن التعفنات كانت تنتشر بسرعة فائقة، وهو ما أخر الشفاء، وأضافت، وهي تسترجع شريط ذكرياتها الذي مازالت تحفظه عن ظهر قلب، أن مدة العلاج تجاوزت السنة، وهي مدة كلفتها مبالغ مالية كبيرة، حيث إن كل وصفة طبية كانت تكلفها ما بين 3000 و 4000 درهم، علما أنها كانت مطالبة بأخذ كل وصفة مدة ثلاثة أشهر، ومن ثم يتم تغييرها بوصفة أخرى تمتد أيضا إلى مدة ثلاثة أشهر، والحصيلة انتهت ب 30 ألف درهم، وهو ثمن مرتفع أكيد أنه سيكون عائقا أمام الكثير من النساء والرجال الذين قد يعجزون عن المصاحبة الطبية واستكمال الوصفات الطبية التي تكون في مثل هذه الحالات التعفنية جد مكلفة ولمدة زمنية طويلة. كانت تجربة غير مسبوقة لفتيحة إلا أنها تلقت درسا جعلها تضع علامة خطر على كل مراكز التجميل، مهما كانت طينتها، وحسمت في هذا الموضوع منذ سنين خلت، خاصة وأنها لم تستعد النظارة الطبيعية التي كانت عليها أصابعها: «أصبحت أحسد الرجال على نظارة أيديهم» وأضافت: «الإنسان خاصو يحافظ على أي حاجة عطاها ليه الله جميلة وما يلعبش فيها. الصحة ما معاهاش اللعب، والإنسان ما كيندم حتى كيفوت الفوت».