استعرض الأستاذ عبد العزيز الغراوي في مداخلته أثناء الندوة التي عقدت بالمجلس العلمي بالدارالبيضاء، مجموعة من الدلائل الشرعية التي تحرم تعاطي المنشطات، وأكد أن الشريعة الإسلامية تحث على تربية الأجساد وتهذيبها، كما جاء في مجموعة من الأحاديث التي دعت إلى ممارسة النشاط الرياضي، باعتباره وسيلة تسعى إلى تكوين شخصية الإنسان الفاضل، مما يفند الطرح الذي يزعم أن الشريعة لا تهتم بالرياضة، مستعرضا في عرضه بمقر المجلس العلمي للدار البيضاء خلال الندوة العلمية التي نظمتها الجمعية المغربية للتحسيس بمخاطر المنشطات، والتي كانت مناسبة لمعرفة رأي الدين في النازلة، مدى حدود تحريم تعاطي الرياضيين للمنشطات، وكانت الندوة أرضية تمهيدية للفتوى التي من المتوقع أن يصدرها المجلس العلمي بطلب من الجمعية المذكورة في بادرة تعد الأولى من نوعها على المستوى الإفريقي. نماذج من السيرة النبوية تناولت الجوانب العقلية والروحية للرسول الأعظم، ولم تغفل الجانب البدني أيضا، ونفى ادعاءات البعض الذين يحاولون جعل المنشطات خارج اختصاصات الشريعة الإسلامية، من خلال ادعاءات بوجود تقصير من بعض العلماء أو لعدم اضطلاع الناس على الشرع. ويبقى موضوع المنشطات في المجال الرياضي، من الأمور التي يمكن للشرع أن يصدر حكمه فيها بالنظر إلى الأضرار التي تلحقها، والتي تتعارض مع ما دعى إليه الدين الإسلامي الحنيف، الذي ينهى عن كل ما من شأنه أن يلحق الضرر بالنفس لأنها تدمر أجهزته الواحد تلو الآخر، انسجاما مع قوله تعالى: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، أو في قوله تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما»، وأيضا في قوله عز وجل:«ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث». كما اعتبر الغراوي المنشطات فعلا محرما، مهما كانت دواعيه، سواء اقتصادية حينما يحاول الرياضي الحصول على إسم رياضي ذي أسهم عالية، وكفاءة ممتازة باعتماد المنشطات، أو سياسي في محاولة لرفعة الوطن بين الأمم، وأشار العرض إلى تنافي ذلك مع الشرع لأن السبيل الوحيد للوصول إلى ذلك هو المنافسة الشريفة، والقيم النبيلة للرياضة كوسيلة للتعارف والتآخي بين الشعوب، بعيدا عن استعمال أساليب التحايل الذي يخل بالفرص المتكافئة، وحمل المسؤولية في هذا الإطار ليس للرياضي فحسب بل للمدرب والطبيب واعتبرهم مخلين بالأمانة الملقاة على عاتقهم. وخلص عرض عبد العزيز الغراوي إلى تحريم تعاطي المنشطات، معتبرا الترويج لتجارتها فعلا إجراميا بالنظر إلى الأضرار المتعددة الآثار التي تخلفها، والتي تبقى غير مشروعة ومحرمة لأنها تفقد المجال الرياضي القيم الأخلاقية التي تدعو إلى المنافسة الشريفة القائمة على تقويم الفطرة وتهذيب الروح، كما ركز الغراوي على ضرورة التعرض لهذا الموضوع في مختلف المحافل الرياضية والفكرية، نظرا للأهمية التي أصبح يكتسيها بعد انتشار الظاهرة لدى فئة واسعة من الرياضيين الذين يسعون إلى تحقيق النتائج الإيجابية الآنية بعيدا عن طريق الغش الذي يرفضه الشرع والقانون والأعراف وترفضه كل الثقافات والمجتمعات. على الأقل عملا بالقول المأثور «من غشنا فليس منا».