ما إن انتهت التحالفات داخل المجلس البلدي لمدينة المحمدية، وخلصت المنافسة الشرسة بين الأطراف الممثلة داخل المجلس والمتمثلة في الحمامة والجرار والوردة، بفوز محمد لمفضل، الوافد الجديد على السياسة قادما إليها من فضاء المال والأعمال، حتى عادت إشكالية مسرح المحمدية المغلق والمفتوح في نفس الوقت للظهور، وعاد الاتحاديون للدفاع عن حقهم في المسرح الذي كانوا هم من شيدوه بداية التسعينيات، ولم يكتب لهم أن يعلنوا عن افتتاحه وتسميته رسميا بالاسم المختار لديهم حينها (مسرح عبد الرحيم بوعبيد). الاتحاديون الذين كانوا في خانة المعارضة، ودخلوا مع التجمعيين في نزاعات حادة حول اسم المسرح الذي رفض التجمعي محمد العطواني، الرئيس السابق للمجلس البلدي الانصياع لمطلبهم، وألح على اسم المسرح البلدي، وجدوا أن الفرصة سانحة لهم لفرض الاسم المقترح من طرفهم على المولود الثقافي الذي لازال ينتظر الحسم في اسمه وموعد افتتاحه منذ أزيد من 18 سنة. «المساء» التي استقت آراء الطرفين، وإن كان بعضهم يحاول تمرير خطاب مفاده أن سبب عدم افتتاح المسرح رسميا لا علاقة له بالاسم، وأن المسرح لم يكتمل بعدُ إنجازه، وهي التبريرات التي تتبخر مع الكم الهائل للأنشطة التي تنظم داخل المسرح رغم عدم افتتاحه رسميا، أنشطة اعتبرتها عدة جهات غير شرعية، وأنها تستغل من طرف حاشية أعضاء المجلس البلدي والعمال، في الوقت الذي تحرم منه الجمعيات تحت ذريعة أن المسرح لم يفتح بعد رسميا. وتستمر إشكالية مسرح المحمدية الذي يستنزف سنويا ملايين السنتيمات من خزينة بلديتها، دون أن يعرف افتتاحا رسميا لأبوابه، ولا أن يتم الحسم في الاسم المنتظر أن يحمله. فمن جهة تم تعيين مدير وموظفين للمسرح يتقاضون رواتب شهرية من مالية البلدية، كما تم تعيين حراس للأمن الخاص على طول محيطه تابع لشركة خاصة هي الأخرى تستخلص أجور عمالها من خزينة البلدية، كما يواظب المكتب المسير على فتح مرافقه في وجه العديد من الأنشطة رافعين شعار «المسرح في طور التجربة»، مشيرين إلى أن افتتاحه لن يتم إلا بعد انتهاء كل الأشغال والإصلاحات التي يخضع لها، دون أية إشارة واضحة إلى اسم المسرح، ولو أن كل الإعلانات واللافتات تحمل اسم المسرح البلدي، وهو الاسم الذي أثار غضب الاتحاديين الذين أكدوا أن المشروع عرف النور إبان تسييرهم لمكتب البلدية، وأنه جرى تسمية المسرح باسم (مسرح عبد الرحيم بوعبيد) خلال إحدى دورات المجلس سنة 1992. والذين بدورهم يسمون المسرح باسم (عبد الرحيم بوعبيد)، كلما نظموا نشاطا داخله. ويقع مسرح المحمدية، الذي يعتبر من بين أكبر المسارح المغربية والإفريقية، بالعالية، قرب دار الثقافة العربي، يحتوي على ثلاثة أجنحة (تشمل ما هو إداري وفني وتقني ). ويحتوي المسرح الذي كلف خزينة البلدية زهاء ثمانية ملايير سنتيم،على تسعة محلات وصالون للحلاقة والتجميل وقاعة للعرض عمقها 16 مترا، وعلى جميع التجهيزات الحديثة، وبه قاعة كبرى تتسع ل836 مقعدا (ويبلغ ثمن الكرسي الواحد سبعة ألاف درهم) وقاعة للندوات تتسع لأزيد من400 مقعد، وعدة تجهيزات عصرية مهمة تخص المجالات الفنية والتقنية. وأكدت عدة مصادر ل«المساء» أن المسرح، تعرض لعدة سرقات في السنوات الماضية بسبب قيمة التجهيزات التي كان يتوفر عليها، وانعدام الحراسة على طول أسواره وداخله، وأضافت نفس المجموعة أن بعض بناياته وآلياته تلاشت من جراء الإهمال، كما تمت إزالة الرخام والزليج الذي كان يزين بعض جدرانه، وقد جرى إصلاحه وتغيير بعض جوانبه، وجلب ما يلزمه من تجهيزات وآليات العمل من جديد. ومعلوم أن المسرح، اكتمل إنجازه سنة 1992، وبعد تعرضه للسرقة والإهمال عينت البلدية شركة خاصة تستعمل كلاب الحراسة. واعتبر العديد من الممثلين المسرحيين أن المدينة، لم تستفد من أكبر إنجاز لها، وأن البلدية تصرف منذ سنوات، مبالغ ضخمة في الصيانة ورواتب العمال والموظفين، والسيارة المخصصة لإدارة المسرح ورجال الحراسة وغيرها من المصاريف الاستهلاكية، دون أن تستفيد من خدمات المسرح، وأضاف أن العديد ممن زاروا المسرح واطلعوا على تجهيزاته، راهنوا على إمكانية أن تلعب مدينة المحمدية، دور المحرك المنقذ للمسرح بالمغرب.