برز تصدع وسط التحالف الذي رسم خريطته فؤاد عالي الهمة، مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة، مباشرة بعد انتخاب محمد ساجد عمدة لمدينة الدارالبيضاء، زوال أول أمس الاثنين، حيث انفرط عقد الأغلبية المشكلة من أحزاب الاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة والاستقلال والحركة الشعبية. وقد برز التصدع بشكل واضح وسط الأغلبية التي قادت الدستوري ساجد إلى رئاسة مجلس المدينة ب83 صوتا مقابل 13 صوتا لمنافسه عبد الحق مبشور، أثناء التصويت على منصب النائب الثاني، حيث كان الاتفاق بين الأغلبية يقضي بأن يحصل فهر الفاسي، نجل الوزير الأول عباس الفاسي، على منصب النائب الثاني للعمدة، لكن الاتفاق سرعان ما تم نقضه بين مكونات الأغلبية، باستثناء انضباط الفريق الحركي لما تم الاتفاق عليه، بعدما فاز عبد الرحيم الوطاس عن حزب العدالة والتنمية ب98 صوتا. وشكل فوز حزب «المصباح» بمنصب النائب الثاني مفاجأة كبرى لكل المتتبعين، خاصة أن الاتفاق الذي قاده الهمة مع زعماء الأحزاب الأربعة المشكلة للتحالف وبعض النخب البيضاوية وضع حزب العدالة والتنمية خارج التسيير بمدينة البيضاء. وفي اتصال هاتفي ل«المساء»، قال مصطفى الرميد، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية والمكلف بمتابعة التحالفات على مستوى البيضاء، إن هشاشة التحالف والتصدع اللذين لوحظا وسط أعضائه حتى قبل انتخاب العمدة، جعلا حزب العدالة والتنمية يقرر ترشيح فرد منه في شخص عبد الرحيم الوطاس لمنصب النائب الثاني للعمدة بدعم من أعضاء بالمجلس. أكد الرميد بأن ترشيح الوطاس لم يتم التنسيق فيه مع أي حزب. وعن أسباب توقف عملية التصويت، قال الرميد إن «حزبه يعتبر الجلسة ما زالت منعقدة رغم انسحاب الجميع بما فيهم السلطة، ونحن الآن في بحث عن تحالف جديد من خلال الاتصال بالعديد من المرشحين من مختلف الهيئات السياسية بمجلس المدينة. وفي اتصال هاتفي ل«المساء»، أكد سعيد حسبان، رئيس مجلس العمالة وعضو بمجلس المدينة عن حزب الحركة الشعبية، أن «الفريق الحركي التزم بما جاء في بنود الاتفاق بين مكونات الأحزاب الأربعة (الاتحاد الدستوري، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، الحركة الشعبية)، والدليل على ذلك، يقول حسبان، أن «حزبه لم يرشح أي عضو من أعضائه ضد أعضاء آخرين تم الاتفاق معهم بخلاف أحزاب أخرى داخل الأغلبية». وشهدت ليلة الإثنين الثلاثاء بمقر ولاية الدارالبيضاء، حيث جرت عملية الانتخاب، احتجاجات، إذ تعالت أصوات أعضاء الفريق الاستقلالي بمجلس المدينة بعدما تلقوا «طعنة غادرة» من أحزاب التحالف التي صوتت ضد فهر الفاسي، حيث شوهد كل من كريم غلاب وزير النقل والتجهيز، وياسمينة بادو وزيرة الصحة يطالبان بإيقاف عملية التصويت، كما اختفى محمد عشاق، العضو الأصغر سنا والمنتمي لحزب الاستقلال عن الأنظار، وهو ما وضع ممثل السلطة المشرف على عملية التصويت في مأزق حقيقي. ولم تستأنف عملية التصويت إلا في حدود الثانية صباحا، حيث فاز علي بن جلون عن حزب الحركة الشعبية بمنصب النائب الثالث بعدما تنازل لفائدته المرابط عن التجمع الوطني للأحرار. وشكل ترشيح خديجة الطنطاوي عن حزب الاتحاد الدستوري ضد أمينة لثنين عن حزب الأصالة والمعاصرة مؤشرا ثانيا على هشاشة التحالف، وهذا ما دفع بعض الأطراف إلى تهديد العمدة المنتخب ومطالبته بالاستقالة، خاصة أن الاتفاق الذي جرى ببيته يقضي بأن تحصل لثنين من حزب الأصالة والمعاصرة على المنصب الرابع، وهو ما تأتى لها في الأخير. وبعد المرور إلى التصويت على منصب النائب الخامس لرئيس مجلس المدينة، تنافس على المقعد عضوان عن حزب الاستقلال هما محمد فهيم ومحمد الريشي، إضافة إلى مصطفى الحيا عن حزب العدالة والتنمية، الذي حصل على حوالي 41 صوتا وحاز محمد فهيم على 31 صوتا، فيما حصل محمد الريشي على 20 صوتا، وهو ما يفرض المرور إلى الدور الثاني بعدما لم يحصل أي من المتنافسين على الأغلبية المطلقة، لكن هذه النتيجة لم تكن لترضي أعضاء الفريق الاستقلالي الذين احتجوا كثيرا على مكونات التحالف واضطروا إلى سحب ترشيحهم والانسحاب من القاعة. وأثار سحب المرشحين الاستقلاليين لترشيحاتهم إشكالا قانونيا لدى السلطة وأعضاء مكتب التصويت: هل سيتم المرور إلى الدور الثاني، حيث يتنافس مصطفى الحيا ومحمد فهيم أم إعلان الحيا فائزا بعدما سحب فهيم ترشيحه؟ وأثناء بحث السلطة عن منفذ للاستمرار في عملية التصويت غادر محمد نودير العضو الأكبر سنا القاعة بعدما تلقى مكالمة هاتفية لم يحدد مصدرها، ودفع هذا الأمر بالسلطة المحلية، حوالي الساعة السابعة والنصف من صباح أمس الثلاثاء، إلى إيقاف «تقني» لجلسة التصويت على أمل أن تسفر الجلسة التي عقدت، منتصف نهار أمس الثلاثاء، مع ممثلي الأحزاب السياسية بالدارالبيضاء على الاستمرار في عملية التصويت التي من المنتظر أن تجري مساء أمس حوالي الثالثة بعدالزوال.