خلدت مدينة الدارالبيضاء على غرار مدن العالم، يوم أمس، اليوم العالمي للموسيقى الذي يصادف اليوم الأول للصيف21 يونيو وقد امتد هذا الاحتفال المنظم من طرف المجلس الجهوي للسياحة، بدعم من المكتب المغربي للسياحة، على مدار يومين، حيث شهد المربع الإداري بساحة محمد الخامس، انطلاقا من أول أمس السبت 20 يونيو، حفلا موسيقيا أحيته الفرقة الفيلارمونية بمعزوفات من الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وتضمنت مقاطع من سيمفونيات خالدة لكل من موزار وبيتهوفن وباخ وغيرهم من عباقرة هذا الفن، وتخلل هذا البرنامج تقديم قطع من معزوفات مغربية مثل«بنت بلادي» ومعزوفة المسيرة الخضراء. وكان ضيف شرف الفرقة الفيلارمونية عازف الكمان «جيل أباب». وتتشكل هذه الفرقة من مجموعة من العازفين بالجوق الملكي، معززة بمجموعة من العازفين الأجانب المقيمين بالمغرب، الذين يشكلون نسبة 10 بالمائة من أعضاء الجوق. وقد عرف هذا الحفل تجاوبا كبيرا من طرف الجمهور فاق كل التوقعات، وهو ما عبر عنه خالد نزار الذي نشط السهرة في تصريحه ل«المساء»: لقد انتابني تخوف شديد من ألا ينجح هذا العرض بالنظر إلى ما ألفه الجمهور، حيث لم يتعود على الاستماع للموسيقى الكلاسيكية في مثل هذه المناسبات، لكن العكس هو الذي حصل .لقد كان الجمهور منضبطا وعبر عن حس عال ينم عن ذوق رفيع»، مضيفا أنه لاحظ أن بعض الناس اغرورقت عيناه وهو يستمع إلى معزوفة المسيرة الخضراء. وفي نفس السياق، أكد بن سعيد فريد رئيس الفرقة الفيلارمونية ل«لمساء» أنه لم يكن ينتظر أن يتابع الجمهور العرض إلى نهايته، مبرزا أن مسألة التجاوب مع الجمهور شكلت له قلقا، نظرا لما تراكم من ذوق موسيقي لدى الجمهور بفعل وسائل الإعلام التي قل ما تعطي أهمية لهذا النوع من الموسيقى الكلاسيكية، وهي موسيقى عالمية موجهة إلى عموم الجمهور على عكس ما قد يدعيه البعض، يقول الفنان فريد، إنها موجهة للنخبة، مضيفا أن تفاعل الجمهور يؤكد ما ذهب إليه. وأشار رئيس الفرقة إلى أن هذه الأخيرة قدمت مقاطع خفيفة على السمع، وقد كان بإمكانها تقديم مقاطع صعبة، لكن باعتبار أن هذه هي أول تجربة، فقد كان الرهان منصبا على شد الجمهور، وعلى أن تحبب له الفرقة هذا النوع من الموسيقى، وهذا ما خلف مفاجأة لأعضائها، حسب سعيد الذي أردف قائلا «هناك عازفون من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا أعربوا لي عن سرورهم، وهم الذين ما كان بوسعهم تصديق ذلك تبعا لتجربتهم في بلدانهم حيث يسجلون أنها لم يسبق لهم أن تابعهم الجمهور إلى نهاية العرض». «المساء» رصدت آراء بعض العينات من الجمهور الذي تابع الحفل، وكانت ارتساماتهم كالتالي: أحمد (سائق) «لا المهرجانات ولا التلفزيون يقدمان هذا النوع من الموسيقى، كما أن المدرسة تغفل في برامجها التربوية مسألة تدريس الموسيقى وتربية الذوق، وهو ما يجعل الجمهور يصعب عليه معرفة عمق وأهمية هذه الموسيقى العالمية التي كان لها الأثر البليغ في نفوسهم». سائح تونسي «أؤكد على رقي هذه الموسيقى، وإن كنت أحبذ الاستماع إلى الفولكلور المغربي بمناسبة هذا اليوم العالمي، وأعرب عن إعجابي بتفاعل الجمهور مع الحفل وإن كان القليل منهم من له دراية بهذه الموسيقى». سيدة مغربية صحبة زوجها وأطفالها «ما خلفته مقطوعة المسيرة الخضراء في نفسي كان قويا، حيث ذكرتني بمرحلة تاريخية من عمري، ولا أنفي إعجابي بمجمل فقرات العرض وقدصفقت لها بحرارة».من جانبه، اعتبر سعيد موحي، رئيس المجلس الجهوي للسياحة، أن هذه المبادرة تندرج في سياق الدورة الثامنة التي ينظمها المجلس بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى، التي دأب المجلس على تنظيمها منذ سنة 2002 بحفلات أجنبية، غير أن المجلس، يقول موحي، سيعمل على إعادة النظر في البرمجة في الموسم الموالي، بفتح المجال للطاقات الشابة، مشيرا إلى أن جل الفرق التي برزت في الساحة انطلقت من هذا المهرجان الذي كانت تتوزع حفلاته على مجموعة من الساحات العمومية في يوم واحد، وأن المجلس برمج أكثر من تظاهرة، ذكر من بينها مهرجان «كازا أفريكا»، مهرجان الموسيقى الأندلسية، الموسيقى الأمازيغية... وفي هذا السياق تأتي هذه البادرة لتعريف الجمهور في هذه الدورة بالموسيقى الكلاسيكية العالمية يقول سعيد موحي، مضيفا أن تقديم أوركسترا من هذا النوع وبهذا الحجم تطلب من المنظمين إعداد شاشة كبرى من 32 مترا مربعا، إلى جانب المنصة. وتجدر الإشارة إلى أن ساحة محمد الخامس عرفت أول أمس فقرات موسيقية متنوعة ساهمت فيها طاقات شابة من الحي الحسني وعين السبع، صعدت لأول مرة فوق المنصة، وهي تنتمي إلى الراب والهيب هوب. كما شارك في تلك الأمسية كل من الفنان سعيد باي المعروف في صنف الراي، ومجموعة الخيالة الشعبية من الجديدة، ومجموعة الفناير من مراكش، واختتم الحفل المغني عبد الغني القباج صاحب «محبوب خاطري»و المعروف بدمجه لميلوديات عصرية وتقليدية.