وضعت جريدة «العلم»، لسان حال حزب الاستقلال الذي يرأس الحكومة المغربية، حاليا، في شخص عباس الفاسي، العقيد معمر القذافي في خانة الزعماء العرب والأفارقة الذين ساهموا في تقدم القارة الإفريقية مثل محمد الخامس وجمال عبد الناصر وقوام نكروما وفرحات عباس وموديبوكيتا. ووصفت جريدة العلم، بدون مناسبة، في مقالة مطولة على صدر صفتحتها الأولى في عددها المزودج ليومي السبت والأحد المنصرمين، القذافي ب«القائد الفاتح والحامل لمشعل الوحدة الترابية للأوطان». ولم يخل مقال العلم من عبارات التبجيل والثناء والتعظيم للقذافي والتغني بإنجازاته التي قالت الجريدة بشأنها «فلا يمكن والحالة هذه لأي أحد أن ينكر إنجازاته ومساعداته واستثمارات بلاده في الدول الإفريقية، هدفه الوحيد: تقدم هذه القارة». ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تضمن المقال مقاطع مدح شبيهة بتلك التي تتردد على لسان الصحفي مصطفى العلوي في تغطيته للأنشطة الملكية. وفي هذا السياق، كتبت الجريدة قائلة: «وها هي العاصمة طرابلس الخضراء كغيرها من مدن الجماهيرية تنهض كل صباح، كل يوم على انطلاق أوراش جديدة». أكثر من هذا، لقد تناست جريدة الوزير الأول، التي يرأس تحريرها عبد الله البقالي الذي ليس إلا واحدا من قياديي النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في مقالتها المطولة أن القذافي يطالب 3 صحف مغربية ب9 ملايير سنتيم. أي أنه يطالب بإعدامها، وتناست أيضا كل الحروب الصغيرة والكبيرة التي قادها ضد الوحدة الترابية للمغرب منذ أن وصل إلى السلطة في الفاتح من شتنبر 1969 على متن دبابة عسكرية، وتناست خطاباته النارية التي كان يهاجم فيها رموز الدولة المغربية معلنا أنه «مع الكفاح المسلح خلف جبهة البوليساريو بالسلاح والمال حتى الإطاحة بنظام الحسن الثاني». بل جريدة العلم حاولت إقناع قرائها ب«ن هذه المواقف السابقة صدرت عن القائد الفاتح تجاه وحدة المغرب الترابية هو تحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني وليس إنشاء دولة أخرى». جريدة العلم توقفت في مقالتها أيضا عند إنجازات آخرى تحققت في عهد القائد العظيم خاصة في مجال الصحة، حيث انخفضت معدلات الوفيات عند الأطفال من 118 في الألف عام 1973 إلى 24.4 في الألف عام 1995، وأيضا في مجال التنمية البشرية والتعليم وكيف أن ليبيا نهجت سياسة تعميم المدارس والجامعات وبناء الموانئ والمطارات، لتخلص إلى أن أعلى نسبة للمتعملين في شمال افريقيا موجودة في ليبيا، أي أن 80 في المائة من الليبيين يقرأون ويكتبون، كما ارتفعت نسبة المسجلين في مراحل التعليم إلى 92 في المائة، وذلك راجع، حسب جريدة العلم، إلى «السياسة الرشيدة للقائد الفاتح معمر القدافي». لكن المثير في هذا كله أن هذه القطاعات التي حققت فيها ليبيا تقدما ملموسا، هي نفسها القطاعات التي تعرف تراجعات غير مسبوقة في المغرب، ومازال آلاف النساء الحوامل في مختلف جهات المملكة يلفظن أنفاسهن في منتصف الطريق إلى مستوصف غير موجود، أو «يلدن مثل الحيوانات» كما تقول ياسمينة بادو، وزيرة الصحة المغربية من حزب الوزير الأول، الذي تقع على عاتقه مسؤولية النهوض بجميع القطاعات الحكومية.