اعتبرت فعاليات صحراوية أن إصدار القضاء الإسباني إنابة قضائية ضد عدد من قياديي البوليساريو وبعض الضباط الجزائريين، هو بمثابة إدانة رسمية لهؤلاء وإنصاف لضحايا الاختطافات والاغتيالات التي قامت بها الجبهة بإشراف بعض قادة الجيش الجزائري، داعين المجتمع المغربي والإسباني والفعاليات المدنية إلى الوقوف إلى جانب ضحايا الانتهاكات الجسيمة بمخيمات تندوف. وأجمع ممثلون عن الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية المفقودين في سجون البوليساريو، في ندوة صحافية أقيمت، أول أمس الأربعاء بالرباط، على أن الخطوة التي أقدم عليها القضاء الإسباني تعتبر إدانة رسمية لقيادة البوليساريو، مشيرين إلى أن القاضي الإسباني الشهير كارثون بلتسار الذي أمر بفتح تحقيق في قضايا عدد من الدول، ارتكبت فيها جرائم ضد الإنسانية، كالشيلي والهندوراس والأرجنتين، هو من يوقع اليوم على قبول الدعوة للتحقيق في الانتهاكات التي عرفتها سجون البوليساريو فوق التراب الجزائري. ويضم صك الإنابة القضائية، التي أمرت بها المحكمة المركزية الإسبانية، 27 عضوا من قياديي الجبهة الانفصالية من بينهم ثلاثة ضباط جزائريين، ويتعلق الأمر بكل من سيد أحمد البطل وسيدي وكاك والخليل أحمد وإبراهيم غالي وخندود محمد وعبد الودود الفيري ومحمد سالم السانوسي وإبراهيم بيد الله ومحجوب لينكولن ومحمد لامين البوهالي وإيدا حموام وأحمدي باد وعلي دابا والبشير مصطفى عيد ومحمد خداد ونولود لنسن ومحمد هنية ومحمد علي هنية ولوشع عبيد ومولود ديدي ومحفوظ حمينة دويهي ومحمد فاضلن ومحفوظ وعبد الرحمان بوه، إضافة إلى الضباط الجزائريين محمد العماري وقدور نبيل ونديم بناصر. وتهدف الإنابة القضائية، التي أمرت بها المحكمة المركزية الإسبانية، إلى تحديد ما إذا كانت الوقائع موضوع الشكاية، قد كانت محل تحقيق أو محاكمة بالجزائر، كما تهدف إلى تحديد ما إذا كانت مساطر مماثلة قد تم تنفيذها بالمغرب ضد هؤلاء الأشخاص. ويأتي قرار المحكمة الإسبانية بعد عدة إجراءات إدارية وقانونية قامت بها الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان وعدد من الضحايا؛ منهم الحسين بيدا رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وداهي أكاي ولد سيدي يوسف أحد مؤسسي الجبهة ورئيس جمعية مفقودي البوليساريو، بعد صدور تقرير لعدد من أعضاء مكتب هيئة المحامين الإسبان، عاينوا بالأقاليم الصحراوية حالات قرابة خمسين شخصا ظهرت عليهم آثار التعذيب وأدلوا بشواهد حول أوضاعهم الصحية، وهي الشواهد التي تم تعزيزها بلمفات طبية لخبراء عاينوا كذلك نحو 76 حالة من الضحايا، لتكون الدعوى جاهزة أمام القضاء الإسباني الذي تسلمها في 14 دجنبر سنة 2007. واعتبر المتدخلون في الندوة الصحافية، في سياق الرد على سؤال ل«المساء» حول ردود أفعال الأطراف الأخرى، أن توجه الضحايا إلى القضاء الاسباني نابع من إيمانهم بمصداقيته وانطلاقا من مسؤولية الدولة الإسبانية على الأقاليم الصحراوية، مشيرين إلى أنهم واعون بما يمكن أن يصدر عن الدبلوماسية الجزائرية من ردود أفعال ومن محاولات للتأثير على القضاء، لكنهم أكدوا ثقتهم في القضاء الإسباني الذي لم يتأثر، بحسبهم، بعمق العلاقة التي تربط إسبانيا بدولة الشيلي، وأمر بمتابعة الجنرال بينوتشي قضائيا. في سياق ذلك أشار مصطفى ناعمي، الباحث الأكاديمي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، في تصريح سابق ل«المساء»، إلى أن تحريك الإنابة لدى السلطات الجزائرية من طرف القضاء الإسباني يعتبر ضربة قوية لمسار الانفصاليين السياسي، يجب استغلالها من طرف المسؤولين المغاربة، داعيا كل الجهات المهتمة بجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك المجتمع المدني، إلى دعم ما وصف ب«هذا المسلسل» والضغط على المجتمع المدني الإسباني وتحسيسه بأهمية هذا الملف، من أجل التوصل إلى نتائج ملموسة في هذا المجال.