قال الصديق لحرش، عضو المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، إن تسوية ملف ضحايا انتفاضة 20 يونيو1981 بالدار البيضاء، الذي يعد من الملفات الأكثر حساسية الموروثة عن سنوات الرصاص، هي بيد المؤسسة الملكية التي تمتلك السلطة الحقيقية لتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. واعتبر عضو نقابة ضحايا سنوات الجمر والرصاص أن حفظ الشكاية، التي كان قد تقدم بها المنتدى إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، لفتح تحقيق لتحديد المسؤوليات ومباشرة المتابعات ضد المسؤولين عن تلك الأحداث، يعكس غياب إرادة حقيقية لطي صفحة الماضي ولعدم تكرار ما جرى لدى الفاعلين السياسيين والدولة التي كان همها الأول والأخير هو تلميع صورتها خارجيا، مضيفا في تصريحات ل «المساء» أن «المتتبع لمسلسل طي صفحة الماضي يستشف أنه ليست هناك إرادة لدى أعلى هرم في السلطة ولدى الفاعلين السياسيين، فالدولة حينما سلمت الملف من جديد إلى المجلس الاستشاري، وهو هيئة استشارية لا تمتلك سلطة القرار، كانت تعني أن طي الملف سيكون حسب أهوائها، كما أن الحكومة لا تمتلك بدورها تلك السلطة، لذلك نرى أنه يتعين أن يضطلع بالملف من يمتلك السلطة الحقيقية لتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة». وكانت انتفاضة 20 يونيو 1981، التي اندلعت على هامش إضراب وطني عام دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل احتجاجا على الزيادة في أسعار عدد من السلع الغذائية، قد عرفت سقوط العشرات من القتلى برصاص قوات الأمن والجيش الذي تدخلت دباباته لفرض حظر التجول بالمدينة وما يقارب الألف جريح حسب الرواية الرسمية، فيما تقول المنظمات الحقوقية بسقوط نحو ألف قتيل. وبالنسبة لجمال الدين حبيب، من عائلات ضحايا 81، فإن ملف«شهداء الكوميرا» كما وصفهم إدريس البصري وزير الداخلية آنذاك، مازال مفتوحا ولم يراوح مكانه منذ فتحه من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة، وقال إن « المطالب الأساسية التي كان الضحايا وعائلاتهم يطالبون بها لم يتحقق منها أي شيء اللهم بعض الفرنكات اللي عطو لشي وحدين، ولا أخفيك أن العائلات مستاءة من الطريقة التي تمت بها إعادة دفن الضحايا، في إحدى زوايا ثكنة الوقاية المدنية، والتي نعتبرها جريمة أخرى ارتكبت في حقهم، دون أن ننسى أننا منذ 3 سنوات مازلنا ننتظر نتائج تحاليل الحمض النووي لتحديد هوية الضحايا». وزاد قائلا ما أنجز هو محاولة لاحتواء ضحايا 81 من أجل إقناع الضحايا بأنه من أجل تسوية وضعيتهم يتعين ألا يتحدثوا عن متابعة المسؤولين وإجلاء الحقيقة كاملة والرفات، على اعتبار أن إثارة تلك المواضيع لن يؤدي إلى أي نتيجة. وفي هذا السياق تأسست جمعية تضم مجموعة من الضحايا الذين انطلت عليهم الكذبة التي روج لها أعضاء الهيئة، لكن الجمعية لم تحقق أي مكسب للضحايا وللعائلات». إلى ذلك، حمل حبيب مسؤولية ما آل إليه ملف ضحايا 81 إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالنظر إلى «اعتماده مقاربة مجحفة تجاه ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بصفة عامة وضحايا 20 يونيو 1981 بصفة خاصة، بل أكثر من ذلك محاولة الالتفاف على مطالبهم. كما نحمل المسؤولية للمخزن وللآليات التي اعتمدها لتسوية ملف سنوات الرصاص». وفيما لم يتسن ل«المساء» معرفة وجهة نظر أحمد حرزني، رئيس المجلس الاستشاري، الذي فضل، صباح أمس، عدم الرد على أسئلتنا إلى حين عودته من زيارته للعاصمة البريطانية، قال الحرش:»أعتقد أن الذين يديرون شؤون المجلس لم يستوعبوا الدور الذي يتعين أن يلعبه المجلس كوسيط من جهة وكمكلف بتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة من جهة ثانية، وهو ما يفسر الاختلالات الموجودة والتباعد بين المنظمات الحقوقية والمجلس الذي يشتغل بمعزل عن الاستشارات مع المعنيين بالأمر». من جهته، طالب سعيد مسرور رئيس جمعية 20 يونيو 1981، التي تخلد الذكرى ال 28 تحت شعار «من لا ذاكرة له لا تاريخ له»، حرزني برفع مذكرة إلى الملك محمد السادس لمعالجة ملف الضحايا الذين قدموا ملفاتهم إلى هيئة الإنصاف والمصالحة خارج الأجل القانوني، وتمتيعهم بنظام تغطية تكميلية، والكشف عن نتائج تحاليل الحمض النووي للضحايا ال77 الذين اكتشف رفاتهم في ثكنة الوقاية المدنية بالحي المحمدي، وأعيد دفنهم في مقابر فردية دون أن تحدد هويتهم للمساهمة في إجلاء الحقيقة.