اتهم عبد العزيز بناني، الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، هيئة الإنصاف والمصالحة بتحريف نتائج البحث والتقصي في قضية اغتيال المهدي بنبركة. وقال عبد العزيز بناني، عضو الهيئة ذاتها، إنها لم تأخذ بعين الاعتبار تورط الجهاز السري الكاب 1 في هذه العملية. كما عدد بناني الذي كان يتحدث في ندوة «أسئلة الحقيقة وجبر الضرر وعدم الإفلات من العقاب» التي نظمتها مساء أول أمس الخميس هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، جملة مما اعتبرها نقائص شابت عمل هيئة الإنصاف والمصالحة، في مقدمتها عدم وجود نظام داخلي يضبط سيرها ومداولاتها وعدم تعاون عدد من الأجهزة الأمنية معها، إلى جانب التسرع الذي اتسم به تقرير الهيئة على حساب النقاش الديمقراطي وتكتمها حول الانتهاكات المتعلقة بالإعدامات التي نفذت خارج الضوابط القانونية، كما هو الشأن بالنسبة إلى مجموعة شيخ العرب وعدد من الضباط الذين اعتقلوا على خلفية انقلاب الصخيرات. بوح العضو السابق بهيئة الإنصاف والمصالحة وثاني رئيس للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان بعد عمر عزيمان، السفير المغربي الحالي بإسبانيا، بهذه الحقائق جاء في سياق السؤال المحوري الذي أطر هذه الندوة «ماذا بعد هيئة الإنصاف والمصالحة؟» الذي وجد عند المتدخلين أكثر من جواب. بالنسبة للباحث الأكاديمي الموساوي العجلاوي فإن تجربة الإنصاف والمصالحة ما هي في حقيقة الأمر سوى حلقة من الحلقات التي بدأت منذ فشل انقلاب الصخيرات وأنها تعد جزءا من النظام المغربي، مما يطرح سؤال «من يعاقب من؟». وبالتالي يضيف العجلاوي فإن المطالب التي طرحتها هيئة المتابعة كانت أكبر من الهيئة ذاتها. من جانبها، اعتبرت أمينة بوعياش، الرئيسة الحالية للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أن مسار الحقيقة اشتغلت عليه الحركة الحقوقية بالمغرب له تاريخ، معتبرة في السياق ذاته أن مفهوم العدالة الانتقالية يحدده الفاعلون في المجتمع وأن ما حدث في المغرب يختلف جذريا عما وقع بدول مماثلة كجنوب إفريقيا والشيلي، بحيث تم اختيار المسار الصعب. وألقت بوعياش بكامل اللوم على الفاعلين السياسيين الذين لم يقوموا بشيء إزاء توصيات المناظرة الوطنية الأولى حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. معتبرة أن الأساسي في المرحلة المقبلة هو إجراء تقييم شامل لما جرى وبناء عملية الترافع مستحضرة أن ذلك يتطلب وقتا وصبرا وتسامحا. إلى ذلك، أكد محمد الصبار، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، أن الانتهاكات ستبقى لأن القضاء على مصدرها صعب، مبرزا أن سياق إحداث الهيئة كان هو الضغط المجتمعي الذي مارسه المجتمع ولحاجة النظام إلى تأثيث مشهده الحقوقي، بعد أن اقتنع أن سياسة الزرواطة كلفته سياسيا ولم يعد من منطوق العصر اللجوء إلى العنف لحكم البلاد. وأبرز رئيس المنتدى أن المطروح حاليا على أشغال المناظرة الوطنية الثانية التي يجري التحضير لها أن يتم ملء البياضات الموجودة في تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة ووضع آليات لتنفيذ تلك التوصيات داخل آجال معقولة. عبد الله الولادي، الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، اعتبر أن المهم في المرحلة الحالية هو إنقاذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة من الجمود وإلا تبقى مجرد آراء استشارية ومقترحات، ودعا الى إجراء تقييم عام لتوصياتها. الندوة كانت مناسبة أيضا لطرح عدد من التساؤلات من قبل المتدخلين حول ما إذا استنفدت الحركة الحقوقية أدوارها وأنه حان الوقت لطرح الملف برمته من قبل الفاعلين السياسيين، رغم أن الحركة الحقوقية بالمغرب برزت في أعقاب انتفاضة البيضاء سنة 1980 وتأجج عملها ارتباطا بالواقع المغربي.