تتوسط صورة الزعيم الاتحادي المهدي بنبركة لافتات حزب الاتحاد الاشتراكي بمقره الفرعي بحي المزرعة بسلا، وبإحدى الغرف علقت لوحة فنية كتب عليها نثر حول لبنان بدايتها «بيروت ظهري أمام البحر»، حيث تجلس زبيدة بنمومن، وكيلة اللائحة النسائية بمقاطعة تابريكت لتحكي عن مشاكل الحملة الانتخابية والمتمثلة أساسا في فقدان المغاربة للثقة في الأحزاب السياسية، وفي شراء الذمم «تصوروا أن شخصا عرض علي بطائق انتخابية من أجل شرائها ورفضت ذلك». يقطع حديث بنمومن مجيء جمال أغماني، وزير التشغيل والتكوين المهني، وكيل لائحة مقاطعة تابريكت بسلا، الذي لقبها بزعيمة النساء. يسأله سائل عن أحواله، فيخبره أنه لم يعد إلى بيته إلا في تمام الساعة الثانية ليلا، بعد اجتماع بحي الرحمة بسلا. من مقر الحزب فرع تابريكت انطلقت سبع مجموعات، فاختارت مجموعة أغماني الانطلاق من حي مزرعة في اتجاه حي الموحدين والبساتين. يغادر الوزير رفقة مناضل، متقدما مجموعته التي يشرح لها الأماكن التي سيخصها اليوم بحملته «الشارع والسوق، والأحياء الأخرى». «المهم هو أن تصوتوا من أجل محاربة المفسدين»، هكذا اختار أغماني الحديث إلى المواطنين، وبين الفينة والأخرى ينصح الشباب بمتابعة الدراسة والاجتهاد، مخاطبا إياهم «هزوا لينا الراس آولاد تابريكت». يخترق جمال أغماني، الذي يقطن بحي بوشرى بسلا، الأزقة ويطرق أبواب المنازل، وهو يوزع المنشورات، يعانقه كل من يعرفه مخاطبا إياه «كيف حالك آخاي جمال، الله يعاون». تحدث أغماني إلى مختلف الأعمار والمهنيين وطرق أبواب المتاجر والمقاهي وبائعي الخضر، وقطع حبل التفكير والتركيز على مرتادي مقهى للرهان كانوا يتابعون قناة فضائية متخصصة في الموضوع. ولم تسلم مشرفات عن حمام لا توجد أي لافتة تعرف به، من التعبئة الانتخابية للوزير، فقال عبد النبي الغانمي، المكلف بالحملة بسلا لأحد الاتحاديين «قل لجمال هذا راه حمام، عنداك يدخل ليه باش يدير الحملة». وكيل لائحة الوردة بمقاطعة تابريكت سلا، يتنافس مع مرشحين بدائرة تدخل ضمن خانة دوائر «الموت» إذ تتنافس 14 لائحة تتصدرها لائحة إدريس السنتيسي، عن حزب الحركة الشعبية، ومحمد عواد، عن حزب الاستقلال وجامع المعتصم عن حزب العدالة والتنمية والعربي السالمي عن حزب الأصالة والمعاصرة». أثناء جولته بحي البساتين، ولج أغماني ناديا للتربية البدنية، لكن المسؤول عنه استوقف الوزير وقال له «ماذا تريد؟»، بطريقة مستفزة، فأجابه الوزير بأنه يقوم بحملة انتخابية، فأراد أن يمزح معه، قائلا «أنا وزير التشغيل ولو أردت استعمال سلطتي فيمكن أن أفتش لك المحل»، غير أن صاحب النادي، اعتبر كلام الوزير تهديدا وبدا منفعلا وهو يطرد الوزير ومناضليه، وقال له «أنا تتحكم فيّ وزارة الداخلية وليس أنت»، ورغم اعتذار بعض أنصار الاتحاد الاشتراكي منه فإن المشرف على النادي «عاجباه صحتو وباغي يدابز من الأول»، حسب تعبير أحد المرافقين للحملة. رغم أن أغماني يشغل منصب وزير التشغيل، فطيلة يومه من الحملة، لم يتحدث أي مواطن عن حقه في الشغل، فجل مطالب الشباب تتمثل في توفير فضاءات للعب والترفيه، أو ما يتعلق بالسكن وإصلاح الشوارع والتزفيت. يعزف أغماني على وتر أنه «ابن الحي» من أجل جلب أصوات الناخبين، خاصة أنه مازال يمشي في أسواقها. استوقفه شاب لم يبلغ بعد سن التصويت، ليطلب منه توفير ملعب صغير لكرة القدم، قائلا له «شوف أعمي بزاف ديال الشباب ولاو كيتعاطاو للمخدرات لأنهم مالقاو فين يلعبو حنا طلبنا واحد هو ملعب»، فيرد عليه الوزير «المخدرات وبعد منها سجن الزاكي»، فيجيبه الشاب «ولا الرازي أعمي»، أي مستشفى الأمراض النفسية والعقلية، فكان جواب الوزير أن أصل المشكلة هو «أن الجماعة ابتليت بمسيرين همهم الوحيد هو العقار واستغلاله فلم يتركوا متنفسا لأبناء المدينة». «الأمية مصيبة»، يقول أغماني تعليقا على مصادفته لامرأة طلبت منه أن يشرح لها الطريقة التي ستصوت بها لأنها لم يسبق لها أن شاركت وقررت هذه السنة فعل ذلك، ولا تعرف الطريقة التي ستصوت بها. أما أحد الشباب الذي كان من المقاطعين للانتخابات فلا يهمه أن يكون وزير التشغيل هو وكيل لائحة الوردة، فاختياره لهذه السنة يعود بالأساس إلى أستاذته زبيدة بنمومن التي درس عندها منذ سنوات وكانت تحل مشاكل جميع التلاميذ فقال: «هاد السيدة غطات على كلشي، هادو وأنا غادي نصوتو على هاد اللائحة لأنها هي موجودة فيها»، في حين اختارت شابتان الانصراف بهدوء بعدما لم تتعرفا على وزير التشغيل، ولم تأبها بالأوراق الانتخابية ولا بأسئلته لهما، إذ قالتا له «حنا مكلخات»، جوابا على سؤاله حول حالتهما مع الدراسة. أما أحد سكان جوطية تابريكت، لما سأله الوزير عن الوضع فقال له «الحالة هي هي»، وكأنه يريد أن يردد الشعار المفضل لدى المعطلين «حكومات مشات وحكومات جات والحالة هي هي، عييتونا بالشعارات والشعب هو الضحية».