لم ينه حميد شباط، عمدة فاس، حملته الانتخابية ليوم أول أمس الخميس، إلا على الساعة العاشرة ليلا. وفضل شباط رفقة أنصاره، وابنيه نبيل وياسر، أن ينهي هذا اليوم الانتخابي بجولة في شارع الحسن الثاني، الشارع الرئيسي للمدينة والذي يعتبره من أهم منجزاته العمرانية والحضارية. وبعد هذه الجولة عاد شباط رفقة مجموعة من المقربين إليه إلى «قلعته» بمنطقة بنسودة لعقد اجتماع «مغلق» خصص ل«تقييم» حصيلة يوم من العمل الانتخابي. وانفض الاجتماع في انتظار اجتماع آخر «مغلق» صباح يوم الجمعة خصص لوضع اللمسات الأخيرة ليوم آخر من الحملة الانتخابية. وعادة ما يبدأ شباط يومه الانتخابي على الساعة التاسعة صباحا. لكنه تأخر على هذا الموعد قليلا يوم الخميس بسبب تأخر وصول صحافيين من مجلة «جون أفريك» عن الالتحاق بالوفد الصحافي الذي رافق عمدة فاس في هذه الرحلة الانتخابية. في الوقت الذي بدأ أنصار حزب الاستقلال بحي «باب فتوح» بالمدينة القديمة يستقبلون عمدتهم بترديد الشعارات والزغاريد، كانت 5 أحزاب سياسية تشتكي إلى والي الجهة والكاتب العام بالولاية، من تصرفات انتخابية يصفونها بغير القانونية ويقولون إنها تصدر عن مرشحي حزب الاستقلال بمختلف مقاطعات المدينة. اللقاء حضر فيه ممثلون عن كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاتحاد الدستوري وحزب الوحدة والديمقراطية وتحالف اليسار، واتهم فيه بعض هؤلاء الحزبيين أنصار العمدة ب«البلطجة»، فيما ظل كل من الوالي والكاتب العام يتابعان باهتمام كلمات المتدخلين ويدونان أهم مضامينها، قبل أن يطلبا من هؤلاء الحزبيين توثيق هذه التظلمات في شكايات مكتوبة تتضمن معطيات ملموسة تحدد بدقة نوعية التجاوزات ومكان وزمان حدوثها والأطراف المتهمة بالوقوف وراءها. وقبل هذا اللقاء، لجأ حزب الأصالة والمعاصرة إلى وضع شكاية لدى كتابة الضبط بالولاية تتحدث عن اعتداء تعرضت له مرشحة عن هذا الحزب بمركز المدينة صباح يوم الأربعاء الماضي بحي «الليدو»، مما ترتب عنه تكسير زجاج سيارتها وإصابتها بجروح على مستوى كتفها وصفتها الشكاية بالبليغة. لكن الشكاية لم تتهم أي جهة بالوقوف وراء هذا الاعتداء، مما يجعلها في نظر السلطات غير دقيقة. وكانت السلطات المحلية قد توصلت يوم الأربعاء الماضي بعريضة يتهم فيها ما يقرب من 40 شخصا ما سموه ب«جهات نافذة» بالوقوف وراء اختطاف المواطن أحمد الجريري ليلة الاثنين الماضي، ويطالبون فيها بفتح تحقيق في الحادث. ويقول مقرب من هذا المواطن الذي يقطن بحي بنسودة، «مملكة شباط» في فاس، إن الجريري عمد إلى تحرير منشور عبارة عن قصيدة زجل «هجا» فيها شباط، ووزعه في المنطقة، بعدما لم يقبل الترشح في لائحة الاستقلاليين. ويضيف المصدر أن هذا المواطن استدرج بمكالمة هاتفية واختطف في سيارة. ولا تستبعد السلطات المحلية دخول حزب العدالة والتنمية على خط هذا الحادث. وقالت مصادر من ولاية جهة فاس بولمان إن تحقيقا فتح للإحاطة بملابسات هذا الاختفاء وتحديد الإطار العام لما ورد في الشكاية وما تضمنته من توقيعات. ويبدو أن هذه الاتهامات لم تؤثر في حملة العمدة شباط ليوم الخميس. فقد زار مقر حزب الاستقلال بحي الحمراء بباب فتوح. وردد الشعارات مع مناصري حزبه. وعانق متسولي ومشردي المنطقة بحرارة وطرق أبواب عدد من المنازل ودخل إلى عدد من المحلات التجارية. وفي كل مرة تخرج أفواج من المساندين وهم يرتدون رموز الحزب من أزقة هذه المنطقة وهم يرددون شعارات تعتبر أن فاس قلعة لحزب الاستقلال وأن شباط هو من سيفوز في الانتخابات. الطيب العلامي واحد من أنصار حزب الاستقلال بهذا الحي. يبلغ الرجل 61 سنة، وهو، طبقا لإفادته، معطل بالرغم من أنه يتوفر على بطاقة مقاوم. العلامي قال، وهو يأخذ نفسه بعد أن صرخ كثيرا بين المتظاهرين، إنه سيصوت على حزب الاستقلال لأنه ورث الانتماء إلى هذا الحزب، مضيفا أنه استقلالي منذ حوالي 55 سنة. ونفس الاختيار عبر عنه عبد الوهاب مقبول، ذو ال45 سنة، بالرغم من أنه يعاني من العطالة. ويقول إن الانتماء إلى حزب الاستقلال تقليد في العائلة. واعتبرت حبيبة خناية، البالغة من العمر 46 سنة، دون مهنة أنها ستصوت على حزب الاستقلال لأن أعضاءه «تابعين الوقت ومزيانين وما كيغدروش، ومع سيدنا». وتضيف أن زوجها وابنتها لهما نفس القناعة. لم يقتصر العمدة شباط في حملته على ما سماه أحد المقربين منه ب»الطرق التقليدية» للتواصل مع الناخبين. فقد خصص حيزا كبيرا من موقعه على الأنترنت لمواكبة حملته. وإلى جانب تحرير مقالات تتابع أنشطته اليومية، فإن الموقع يقدم أجزاء مسجلة بالصوت والصورة عن هذه الحملات. ويورد المصدر نفسه أن فريق العمدة شباط سيلجأ، في الأيام القادمة من الحملة، إلى الاستعانة بالرسائل الهاتفية القصيرة لدعوة الناخبين إلى التصويت على لوائح الحزب بالمدينة. وسيحصل شباط على أرقام هواتف ساكنة فاس، طبقا للمصدر، من قواعد بيانات تباع من قبل مراكز اتصال متخصصة. وبعد مغادرة حي باب فتوح ذي الكثافة السكانية الكبيرة، زار شباط أحياء من حي جنان الورد، وهو من الأحياء الآهلة بالسكان بالقرب من فاس العتيقة. والتقى بأفواج أخرى من المناصرين ردد معهم نفس الشعارات وختم لقاءه بهم بأخذ صورة تذكارية معهم. وعاد شباط إلى منطقة بنسودة وعقد تجمعا خطابيا مع عدد من أعيانها. وتقدم هذه المنطقة على أنها منطقة نفوذ شباط. وفيها نجح 17 مستشارا بجانبه في الانتخابات الماضية. قبل أن ينتقل إلى مركز المدينة ليعقد لقاء مماثلا مع سائقي الطاكسيات. ودام هذا اللقاء حوالي ساعة من الزمن، ردد فيه شباط ما يسميه بالمنجزات التي حققها لفاس، داعيا إياهم إلى تجديد الثقة في حزب الاستقلال لضمان ما يصفه بالمستقبل الزاهر للمدينة.