بشكل كان مرتقبا، بالنظر إلى الإرهاصات الإنتاجية التي يعيد البعض إنتاجها قبيل كل رمضان وبعباءات متلونة ومختلفة خرج العرايشي، على منتقديه بأرٍقام وبلغة تحمل لغة الوداع ولغة التمويه ولغة الأدوار المتبادلة. وداع مستحق غابت فيه أرقام حقيقية. أرٍقام تحتاج إلى وقفة تأملية حقيقية متعلقة أولا، وليس آخرا، بإنتاجات القدم الذهبي، لالة العروسة، كوميديا شو، وسلسلات ومسلسلات من زمن المختار عيش والحاج دريد اللذين يحتفظان ب«أسرار» و«أرقام» عن حوار العرايشي هذا، أرقام تجاوز بعضها الملايير، وهي أرقام لم يكشف عنها، ولم يكشف في الوقت ذاته عن دور مدير مفترض لقناة أولى لا يؤشر على إنتاجات تعتبر من مكونات دولاب العرايشي. أرقام متعلقة بمسلسل «الغريب» الذي حطم كل الأرقام( ما يقارب 800 مليون سنتيم) وأعاد اللحظة التي منحت فيها التريكي أكبر ميزانية في إنتاج الأفلام التلفزيونية. أرقام عن جهاز الفرز TNT وقنواته الافتراضية التي لا يتابعها أحد، ولا تتجاوز نسب خمس قنوات منها 5 في المائة في أحسن الأحوال. لم يكشف العرايشي -رغم اللغة الإشهارية التي تحدث بها- عن واقع الموارد البشرية، إذ هناك أقسام لا تشتغل، وهناك لائحة نشرت سابقا عن أسماء مهمشة ومبعدة، ولم يكشف، لإحقاق الحق، كذلك عن أجور مدرائه التي تتجاوز أحيانا 8 ملايين سنتيم، في وقت لا يتجاوز بعض العاملين 8000 درهم، ولم يتحدث عن مدراء كالصافي، الذي لا يعملون ويتقاضون 5 ملايين، ولم يتحدث عن أشباحه الكثر. لم يكشف العرايشي في حواره عما حدث في مسلسل «مادموزيل كاميليا» الذي ضيع من جيوب المغاربة أكثر من 500 مليون، دون أن يبث. ولم يتحدث العرايشي عن برنامج «الأولى شو» الذي كلف أكثر من 200 مليون سنتيم، ولم تسوق منه إلا 8 ملايين سنتيم، ولم يتحدث عن الطريقة الفلكلورية التي تعامل معها في «أولى شو» لهذه السنة. كما لم يتحدث العرايشي عن نسبة متابعة «الأولى»- بعيدا عن «الثانية» التي سنستعرض مسارها في القادم من الأيام- نسبة لاتتجاوز 19 في المائة بميزانية خيالية، ولم يتحدث عما تقدمه شركات الرابعة والواقفين وراءها، كما لم يكشف هوية ال45 شركة التي تنتج ل«الرابعة»، ولا البرامج التي لاتتجاوز نسبة المتابعة فيها 2 % في المائة، بدل أن يعطي النموذج ب37 % بالنسبة إلى برنامج «كوميدي» الذي يحتفظ له المطلعون على الكواليس بكثير من الأسرار. لم يكشف العرايشي عن سر عدم إطلاق الأمازيغية في وقتها، ولم يكشف كذلك عن أسباب عدم إطلاق طلب عروض برامج، ولا تفصل عن الموعد «المأمول» لإطلاقها سوى أشهر قليلة.. ارتأى مدير القطب العمومي أن يدافع عن مشروع استوديو1200 الذي دشنه مصطفى بنعلي في أوج صراعه مع العرايشي الذي أفضى إلى إزاحته، بشكل رآه بنعلي تعسفيا وندد باللجوء إلى القضاء لإنصافه.. لقد فضل العرايشي أن يتحدث عن وصفة غريبة لأخبار في «المغربية» في وقت لا يتابع المغاربة أخباره (يمكن العودة إلى أرقام ماروك ميتري )، وعمد إلى طمأنة منتقديه بطمأنة أصدقائهم في المناصب، دون وعي أن القادم من الأيام سيحمله لا محالة إلى المجهول. كما كان يردد من اعتاد على اقتفاء أثر «النعمة» أينما حلت وارتحلت، في الأولى أوالثانية أوحتى في سادسة البوكيلي أو رابعة لطيفي. تحدث العرايشي -ولحديثنا بقية كذلك- عن لغة الأرقام المختزلة ولم يتحدث عن الجانب القيمي، وعن ميزانية أفلام تلفزيونية لا تحمل من بصمات الإنتاج إلا أسماء منتجيها وعن برامج ثقافية مغيبة وأخرى موجهة وعن «شيخات» نغموتاي. وأخيرا، لم يتحدث عن شيء اسمه المسؤولية الأخلاقية في منح المشاهد المغربي قليلا من الفرجة والمواطنة الحقيقية، بعيدا عن كل مزايدة رخيصة، وبعيدا عن القفز على الحق في التقييم الذي لا يريده البعض لأسباب مبررة بالأدلة الدامغة والوثائق الصالحة للنشر إذا ما ضاق الحال بهم.